أفادت المحكمة الإدارية بولاية بادن فورتمبيرغ الألمانية بأن رجلاً لبنانياً قد أضاع حقه في الحصول على الجنسية الألمانية، بعد أن أعلن رفضه مصافحة موظفة حكومية بزعم أن ذلك يشكل تهديداً عليه بالإغواء الجنسي، وأوضح القضاة أن الحصول على الجنسية الألمانية يعتمد في الأساس على إثبات مقدّم الطلب أنه يعيش وفقاً للقيم التي ينص عليها الدستور الألماني، والتي تعزز المساواة بين الجنسين.
فيما جاء في الحكم، أن المصافحة "لطالما كانت تقليداً متبعاً، للتعبير عن إلقاء التحيّة على الأفراد أو توديعهم، دون النظر إلى الحالة الاجتماعية أو الجنس. وعلى الرغم من أن هناك تحيّات أخرى متعارفاً عليها في ألمانيا؛ كالتقبيل أو (تلامس كفّي المتصافحين مع رفع الذراع)، فهناك أهمّية خاصة للمصافحة"، نظراً إلى استخدامها الرسمي في المعاملات المِهنية، فضلاً عن اعتبارها إشارة دالة على الاتفاق في بعض المحاكم، حسبما أضاف القضاة وفقاً لتقرير نشرته صحيفة Telegraph البريطانية الأحد 18 اكتوبر 2020.
أزمة لبناني في ألمانيا
وتعود خلفية الحكم إلى عام 2015، حين حضر الرجل حفلاً يُفترض أن يُمثِّل إجراءً رسمياً بسيطاً بعدما حصل على أعلى درجة ممكنة في اختبار الحصول على الجنسية، وهو امتحان لقياس مدى فهم المهاجرين للتاريخ الألماني والقيم الديمقراطية للبلاد.
في حين مدّت موظفة يدها، رفض الرجل مصافحتها، فرفضت الموظفة إعطاءه الشهادة. وبخلاف تلك الواقعة، كان الرجل البالغ من العمر 40 عاماً، يحظى بسجلٍّ لا غبار عليه من الاندماج الناجح في البلاد. إذ انتقل إلى ألمانيا كطالب يدرس اللغة الألمانية في عام 2002، قبل أن يعمل طبيباً ويتقلّد منصب طبيب استشاري في أحد مستشفيات جنوب ألمانيا.
ولدعم قضيته، قال إنه وعد زوجته بعدم ملامسة امرأة أخرى أبداً. إلا أن موقف المحكمة لم يتزعزع، ووصفت موقفه بـ"الأصولي" الذي يعكس نظرة "سلفية" للعالم.
فيما لم يرُق للقضاة أيضاً ما صرّح به الرجل حين قال إنه لن يُصافح أحداً في المستقبل، سواء كان ذكراً أو أنثى.
مصافحة النساء في ألمانيا
كما أوضح القضاة أن مسألة المصافحة ستدوم إلى ما بعد القيود التي فرضتها الجائحة الحالية، وقالوا إنه سيتعيّن على الرجل استخدام تحيّة المصافحة في المستقبل، من أجل القيام بالمهام الاجتماعية المهمّة. وأضافت المحكمة أنها رأت موقفه المعلن بعدم مصافحة أي شخص خطوة تكتيكية بحتة.
ولدى الرجل فرصة للطعن في الحكم، على المستوى الفيدرالي، وستكون هذه فرصته الأخيرة لإلغاء قرار حرمانه من الحصول على الجنسية.
في المقابل فقد برهنت وقائع شتّى على أن المصافحة باليد تعد إحدى القضايا الحساسة في سياق دمج الأعداد المتزايدة من المهاجرين المسلمين المحافظين بأوروبا. وتفرض السلطات في عدد من البلدان حالياً عقوبات على من يرفضون هذه التحيّة.
ففي عام 2016، فرضت السلطات التعليمية في سويسرا غرامات تصل إلى 4000 يورو (ما يعادل نحو 4707 دولارات أمريكية) على آباء رفضوا مصافحة أيدي المُعلّمات، إذ يُكفل لهن الحق في طلب المصافحة.
من ناحية أخرى يلزم القانون الدنماركي الناس بمصافحة المسؤولين في احتفالات الحصول على الجنسية اعتباراً من أوائل عام 2019. ووصف النقاد تلك الخطوة "بتجرّدها من الطابع الدنماركي"، إذ تفرض عادة محلية على الأشخاص بدلاً من تشجيعهم على التكيف.
فيما يأتي الخلاف بشأن المصافحة في ألمانيا بعدما أُرغمت إحدى المدارس الألمانية على الاعتذار بعدما وصفت إحدى المُعلّمات إماماً بـ"الكاره للنساء" حين رفض مصافحتها في عام 2016.