استمعت المحكمة العليا الأمريكية، الثلاثاء 6 من أكتوبر/تشرين الأول، إلى محامي محمد تنزير، وهو باكستاني مسلم مقيم بشكل قانوني في أمريكا، مدرج على قائمة حظر الطيران؛ وذلك بسبب رفضه الانخراط في عمليات تجسس، فقبل أكثر من 13 عاماً، اقتحم عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي متجر محمد تنوير، وطالبوه بالتجسس على الجالية المسلمة، وعندما رفض، وجد نفسه، في وقت لاحق، على قائمة الحكومة الفيدرالية لحظر الطيران.
وفق تقرير لصحيفة Middle East Eye البريطانية، الأربعاء 7 أكتوبر/تشرين الأول 2020، فقد استمعت المحكمة العليا إلى مرافعة محامي "تنوير" الذي أوضح أنه وآخرين ممن واجهوا معاملةً مماثلة يحق لهم الحصول على تعويض من المسؤولين الفيدراليين الذين يُزعم أنهم انتهكوا معتقداتهم الدينية.
معركة قانونية: بدأت في عام 2013 عندما رفعت CLEAR، وهي مبادرة دعم في جامعة مدينة نيويورك، دعوى قضائية ضد الحكومة الفيدرالية نيابةً عن "تنوير".
بعد فترة وجيزة، انضم مركز Center for Constitutional Rights الحقوقي وثلاثة رجال مسلمين آخرين على قائمة حظر الطيران، إلى الدعوى.
ورد في نص الشكوى القانونية الأصلية المقدمة لمحكمة محلية أمريكية بنيويورك، أن هذا الانتهاك غير الجائز لقائمة حظر الطيران أجبر المدعين على الاختيار بين "حقهم المحمي دستورياً في السفر من ناحية، وحقوقهم في التعديل الأول لدستور الولايات المتحدة الأمريكية من ناحية أخرى".
لردِّ الاعتبار: بينما كانت المحكمة الابتدائية تستعد للنظر في القضية عام 2015، أدخلت الحكومة بعض الإصلاحات؛ لإضفاء الشفافية على قائمة حظر الطيران، وأبلغت المدعين الأربعة كلهم أنهم لم يعودوا مقيدين بها؛ مما دفع قاضي المقاطعة إلى رفض الدعوى. لكن CLEAR وCenter for Constitutional Rights قررا الاستئناف على القرار.
وشدد رمزي قاسم، مدير مبادرة CLEAR ومحامي المدعين، الثلاثاء، على أنّ قانون استعادة الحرية الدينية الصادر عام 1993 يسمح للضحايا بمقاضاة المسؤولين الحكوميين بصفتهم الشخصية، من أجل الحصول على تعويض عن سوء المعاملة. موضحاً أنّ إزالة عملائه من قائمة حظر الطيران لا تكفي.
بينما قال محامٍ حكومي للمحكمة العليا، إنّ قانون استعادة الحرية الدينية لا يخول للمدعين الحق في الحصول على تعويضات مالية أو مقاضاة المسؤولين الأفراد. وجادل ممثل الحكومة بأن إنهاء الانتهاك المزعوم، والذي يُعرف باسم الأمر القضائي الزجري، يجب أن يكون كافياً.
مستهدفون لأنهم مسلمون: لطالما شجب دعاة المسلمين الاستخدام الغامض لقائمة حظر الطيران ضد مجتمعهم. إذ حرم الناس من قدرتهم على السفر دون تقديم أدلة ضدهم، فيما وصفه النقاد بأنه انتهاك للإجراءات القانونية الواجبة والمساواة في المعاملة بموجب القانون.
من جانبها قالت ديالا شماس، في مؤتمر صحفي افتراضي عُقد بعد جلسة الاستماع يوم الثلاثاء، إنه بينما كان الجدل بالمحكمة العليا يدور حول إشكالية ضيقة الأفق تتمثل فيما إذا كان القانون يسمح بمقاضاة المسؤولين بشكل فردي أم لا، فإن للقضية تداعيات "كبيرة".
إذ قالت إن الرجال المسلمين استُهدفوا بسبب عقيدتهم، وليس بسبب أي شيء آخر ربما يكونون قد ارتكبوه.
كما أوضحت أنّ التهم وُجهت إليهم "كجزءٍ من برنامج حكومي مترامي الأطراف يستهدف المجتمعات المسلمة للمراقبة وجمع المعلومات الاستخباراتية. تضمنت برامج إنفاذ القانون تلك عمليات تجنيد ونشر صارمة ومتواصلة لمخبرين. ورفض موكّلونا كلهم ذلك؛ لكونه يتعارض مع معتقداتهم الدينية، ولأنهم يعرفون أن الحكومة وصفت مجتمعهم الديني بأنه مشبوه، ولأن العملاء كانوا يسعون إلى إشراكهم في هذا التجريم".
"لا يمكن التنبؤ بها": استمعت المحكمة العليا إلى المرافعات الشفهية في القضية بعد أقل من ثلاثة أسابيع من وفاة روث بادر غينسبورغ، أحد قضاة المحكمة التسعة. من ثم، إذا حدث أن انقسمت الآراء في المحكمة بشأن القضية بالتساوي، فإن قرار محكمة الاستئناف التي حكمت لصالح "تنوير" يظل سارياً.
ستصدر المحكمة قرارها في القضية قبل نهاية دورتها السنوية، المعروفة باسم دورة الانعقاد، والتي قد تتأخر حتى يونيو/حزيران من العام المقبل.
فيما تتمتع المحكمة حالياً بأغلبية محافظة متعاطفة مع الحقوق الدينية للطوائف المسيحية، مما يجعل من غير الواضح كيف ستؤثر الميول الأيديولوجية للقضاة على القضية التي تزعم انتهاك الحرية الدينية للرجال المسلمين.