لم تمض ساعات قليلة على تعهد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بحماية البعثات الأجنبية، حتى هزت مدينة أربيل عاصمة الإقليم شبه المستقل في العراق، الأربعاء 30 سبتمبر/أيلول 2020، انفجارات صاروخية، استهدفت قوات أمريكية في إقليم كردستان العراق، حيث قال جهاز مكافحة الإرهاب إن جماعات مسلحة تدعمها إيران هي من نفذت الهجوم.
على الرغم من أن الهجوم لم يوقع أي ضحايا، فإنه يحمل تحدياً واضحاً للحكومة العراقية، ورئيسها الكاظمي الذي تعهد في اجتماع مع كبار الدبلوماسيين بحماية البعثات الأجنبية، بجعل حيازة الأسلحة مقتصرة على القوات الحكومية بعد تهديد واشنطن بإغلاق سفارتها في بغداد.
تفاصيل الهجوم: وعلى الرغم من عدم إعلان أي جماعة مسؤوليتها بعد عن الهجوم، فإن جهاز مكافحة الإرهاب ألقى باللوم على قوات الحشد الشعبي وهي تحالف من فصائل شيعية تدعمها إيران وجزء من القوات المسلحة العراقية.
كما أوضح في بيانه أن قوات الحشد الشعبي أطلقت 6 صواريخ من مشارف قرية الشيخ أمير في محافظة نينوى مستهدفة قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة في مطار أربيل الدولي، مضيفاً أن 4 صواريخ سقطت على مشارف مجمع المطار وأن اثنين لم ينفجرا.
من جهتها، نددت وزارة الداخلية الكردية بالهجوم الذي قالت إنه وقع الساعة الثامنة والنصف مساء بالتوقيت المحلي (1730 بتوقيت غرينتش). ولم تلق باللوم بشكل مباشر على قوات الحشد الشعبي، ولكنها قالت إن الصواريخ أطلقت من منطقة تقع تحت سيطرة اللواء 30 التابع للحشد الشعبي.
أما الجيش العراقي فقد حمّل "مجموعة إرهابية" مسؤولية الهجوم الذي لم يؤد إلى "خسائر تذكر" في الأرواح، موضحاً أن الهجوم انطلق من محافظة نينوى في الشمال باستخدام "راجمة صواريخ" على ظهر مركبة، مضيفاً أنه "صدرت توجيهات عليا بتوقيف آمر القوة المسؤولة عن المنطقة التي انطلقت منها الصواريخ، وجرى فتح تحقيق فوري".
أما الجيش الأمريكي فقد علق على لسان الكولونيل واين ماروتو المتحدث باسم التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة بأن التقارير الأولية تشير إلى أن نيراناً غير مباشرة لم تسقط على قوات التحالف في أربيل. وكتب على تويتر "لم تقع إصابات أو أضرار. الحادث قيد التحقيق".
موقف الحكومة العراقية: وقال مكتب الكاظمي في بيان إنه أكد في لقاء مع 25 من المبعوثين الأجانب وبينهم السفير الأمريكي "حرص العراق على فرض سيادة القانون وحصر السلاح بيد الدولة وحماية البعثات والمقرات الدبلوماسية".
كما شدد على أن "مرتكبي الاعتداءات على أمن البعثات الدبلوماسية يسعون إلى زعزعة استقرار العراق، وتخريب علاقاته الإقليمية والدولية".
وقالت وسائل إعلام كردية إن صفارات الإنذار سُمعت داخل قاعدة عسكرية قريبة تضم جنوداً أمريكيين. وقال المتحدث محمد قادري لرويترز إن صاروخاً سقط على بعد 200 متر من قاعدة للحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني. ولم يتضح ما إذا كان الحزب هدفاً مقصوداً.
فيما أشارت تقارير إعلامية إلى أن واشنطن قد تنقل موظفين دبلوماسيين إلى أربيل، حيث يُنظر إلى إقليم كردستان منذ فترة طويلة على أنه ملاذ آمن من أعمال العنف التي تجتاح بقية أنحاء العراق، وبعيداً عن الفصائل العراقية المدعومة من إيران والتي تلقي الولايات المتحدة باللوم عليها في الهجمات المنتظمة بشكل متزايد على مصالحها.
من جانبه، ندد رئيس وزراء إقليم كردستان العراق مسرور البرزاني بالهجوم الصاروخي، ودعا الكاظمي إلى محاسبة الجناة، مؤكداً أن حكومة إقليم كردستان "لن تتهاون مع أي محاولة لتقويض استقرار كردستان وردنا سيكون قوياً".
وأضاف برزاني على تويتر: "تحدثت مع رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بشأن أهمية محاسبة الجناة".
يذكر أنه كثيراً ما يتم إطلاق صواريخ عبر نهر دجلة صوب المجمع الدبلوماسي الأمريكي شديد التحصين، كما زادت الهجمات الصاروخية خلال الأسابيع القليلة الماضية قرب السفارة واستهدفت قنابل مزروعة على الطريق قوافل تحمل عتاداً للتحالف بقيادة الولايات المتحدة.
وكان بيان مشترك صدر عن 25 بعثة دبلوماسية في العراق، أكدوا فيه قلقهم البالغ "إزاء ارتفاع أعداد وتطور الهجمات ضد المؤسسات الدبلوماسية في العراق"، مرحبين في الوقت ذاته بالإجراءات التي اتخذها رئيس الوزراء الكاظمي وحكومته لمعالجة هذه المخاوف.