تلعب الهرمونات دوراً مهماً في تشكيل مشاعر الإنسان، حيث أكدت دراسات عدة أن المشاعر ليست سوى مجموعة من التفاعلات الكيميائية التي تحدث بسبب وجود بعض الهرمونات في الجسم، ولكون المخ البشري يتسم بخاصية الإنتاج الذاتي للنواقل العصبية الكيميائية التي تُحوِّل الأحداث التي يمر بها الإنسان في الحياة إلى متعة وشعور بالسعادة أو حزن واكتئاب، فهو المسؤول عن إنتاج ما يعرف بـ"هرمونات السعادة".
تبين الدراسات أيضاً أن شعور الإنسان بالسعادة لن يجعله يشعر بشعور أفضل تجاه الحياة فحسب، بل سيمتد ليترك أثراً إيجابياً على جسمه وصحته، حيث يميل الأشخاص السُّعداء عادة إلى الالتزام بنظام غذائي ورياضي صحي وعادات نوم سليمة.
وهناك عدة أسباب تحفز المخ لإفراز هذه الهرمونات، أحدها الحب، فيقال إنه عند الوقوع في الحب يعمل التفاعل والمشاركة بين طرفي العلاقة على تعزيز إنتاج الهرمونات اﻷربعة المسؤولة عن السعادة، كما أن لكل نوع محفزاً خاصاً به يساعد على تعزيز إنتاجه، نستعرض فيما يلي، كل نوع منها وكيف يمكن تحفيزه.
السيروتونين: (بالإنجليزية: Serotonin)
يُعرف باسم هرمون السعادة؛ لكونه يساعد في تعديل المزاج ومنع الاكتئاب، ويعتبر الهرمونَ المسؤول عن شعور الثقة بالنفس الذي يجعل الإنسان أقل حساسية عندما يتعرض للرفض، ويجعله يشعر بالقيمة الذاتية، وهذا الشعور جزء من الشعور بالسعادة. كما يرتبط انخفاض هذا الهرمون بالتسبب في اضطراب الوسواس القهري وغيرها من الاضطرابات النفسية، لذلك يعتبر السيروتونين من مضادات الاكتئاب الأكثر شيوعاً ويُستخدم أيضاً في علاج اضطرابات الأكل، والهلع، والوسواس القهري واضطراب كرب ما بعد الصدمة.
اقرأ أيضًا: كيف تؤثر هرموناتنا بمزاجنا وأجسادنا خلال الدورة الشهرية وبعدها؟ وكيف نتعامل معها؟
طرق تحفيز هرمونات السيروتونين
هناك عدة طرق طبيعية لزيادة هرمون السيروتونين في الجسم منها:
يعد التعرض لأشعة الشمس يومياً، خاصة في الصباح لمدة نصف ساعة، من أهم أسباب زيادة هرمون "السيروتونين"، كما يعد تناول مزيد من "التربتوفان" وهو حمض أميني يوجد في عدة أطعمة كاللحوم الحمراء الخالية من الدهون، والبيض، ومنتجات الألبان، والمكسرات والبذور، من محفزات إنتاجه أيضاً.
يساعد المساج على تخليصك من التوتر ويرفع معدلات السيروتونين في الجسم، وتعتبر المواظبة على تقليل السكر في الطعام وتناول فيتامين B وإضافة الماغنسيوم في نظامك الغذائي من محفزات إنتاج السيروتونين، وذلك بتناول : الخضراوات الورقية، والأسماك، والفول والموز.
الإندروفين: (بالإنجليزية: Endorphin)
يُمثل الإندروفين المورفينَ الطبيعي الذي يصنعه جسم الإنسان، إذ يشبه في تركيبته تركيبة المواد الأفيونية، لذلك يعتبر هو الهرمون المسؤول عن القضاء على الألم؛ وبالتالي شعور الإنسان بالسعادة.
كما أنه يعمل على زيادة الإحساس بالطاقة، ويزيد من سرعة ضربات القلب، ويؤدي إلى فقدان الشهية وزيادة الانتباه.
من محفزات إفراز الإندروفين في أجسامنا ممارسة النشاطات البدنية الشاقة، ويوصى بالركض بشكل خاص، إضافة إلى النشوة الجنسية الناجمة عن الجماع، هذا ما يبرر التوصيات بالمحافظة على نشاط وحياة جنسية منتظمة.
كما أن التأمل يساعد على تحفيز الغدة النخامية، مما يساعد على إطلاق هرمون الإندروفين ويعزز من الاسترخاء والتقليل من أعراض القلق والاكتئاب والتخلص من التوتر، لذلك يُنصح بالتأمل يومياً لمدة عشر دقائق فقط مع تمارين التنفس.
الدوبامين: (بالإنجليزية: Dopamine)
المركب المسؤول عن الشعور بالمكافأة، يُفرز هرمون الدوبامين بعد أي تصرف أو عمل يُنجزه الإنسان ويشعر بعده باللذة والرضا مكافأة لما أنجزه، لذلك يؤدي زيادة إفرازه إلى التغير في السلوك للأفضل والسعي والحماسة.
ويرتبط الدوبامين بالأساس بالمواد الإدمانية كالميثامفيتامين والكوكايين، حيث تزيد هذه المواد الإدمانية عند تعاطيها من إنتاج الدوبامين.
يرتبط هرمون الدوبامين أيضاً بشكل وثيق بشخصية الفرد، حيث تشير الأبحاث إلى كون الأشخاص ذوي الشخصية المنفتحة يحظون بمستويات أعلى من الدوبامين من أولئك الانطوائيين.
يعتبر تناول الشوكولاتة محفزاً كبيراً على زيادة إفراز هذا الهرمون.
الأوكسيتوسين: (بالإنجليزية: Oxytocin)
هل سبق أن سمعت أو شعرت بأن العناق يزيد من السعادة؟ الإكسيتوسين يسمى أيضاً بهرمون الحب أو هرمون العناق، حيث إن إفرازه يتأثر بالتواصل الجسدي (غير الجنسي) بين الشريكين.
ما زالت الأبحاث اليوم تدرس مدى تأثير هذا الهرمون على الرجال والنساء، إن كان متساوياً أم متفاوتاً، إلا أنها لا تشكك بتاتاً في كونه تأثيراً موجوداً وقائماً، هذا ما يجعل الأخصائيين ينصحون بالمحافظة دائماً على مساحة خاصة من حياتنا للعلاقات المحسوسة والحقيقية.