ألقى مجموعة من الشباب رسائل تهدد بـ"سربرنيتسا جديدة" داخل مكتب تابع للمشيخة الإسلامية في شمال الجبل الأسود "مونتينيغرو"، عقب فوز تحالف المعارضة، الموالي للصرب، بأغلبية ضئيلة في الانتخابات البرلمانية التي أجريت الأحد 30 أغسطس/آب، متغلبة على الحزب الديمقراطي الاشتراكي الذي يتولى السلطة منذ 30 عاماً.
وقال إمام بلدة بلييفليا، سمير قادريباشيتش، إن مهاجمين مجهولين حطموا نوافذ في المكتب المحلي للمشيخة الإسلامية، ثم ألقى أشخاص رسائل كتبوا فيها: "بلييفليا ستكون سربرنيتسا جديدة"، في إشارة إلى الإبادة الجماعية في مدينة سربرنيتسا، التي راح ضحيتها أكثر من ثمانية آلاف مسلم عام 1995.
وشدد قادريباشيتش في حديث مع أحد المواقع المحلية: "سأحمّل الشرطة المسؤولية المباشرة إذا لم تجد الجناة"، لافتاً إلى أن المسلمين في المنطقة لم يعودوا يشعرون بالأمان جراء هذه الهجمات.
وأبلغت الشرطة بوقوع اعتداءات جسدية ولفظية على مسلمين في بلييفليا، حيث اتُّهم ثلاثة أشخاص بمهاجمة رجل، كما أُبلغ عن ثلاث حوادث أخرى في البلدة.
كما أفادت الشرطة أيضاً بوقوع مشاجرات بين أنصار المعارضة ومؤيدي الحزب الحاكم في العاصمة بودغوريتسا ومدن نيكشيتش وهيرتسيغ نوفي وبار.
وتأتي الاعتداءات عقب فوز تحالف المعارضة، الموالي للصرب، بأغلبية ضئيلة في الانتخابات البرلمانية متغلبة على الحزب الديمقراطي الاشتراكي.
ومنذ الإعلان عن النتائج يواصل أنصار المعارضة الاحتفال عبر ترديد شعارات قومية متطرفة كـ"أيها الأتراك ارحلوا من هنا" و"من سيشرب الدم التركي أولاً"، وأخرى مناهضة للرئيس ميلو دجوكانوفيتش، زعيم الحزب الديمقراطي الاشتراكي، إلى جانب رفع أعلام الجبل الأسود وصربيا.
إدانات واسعة
ولاقت الاعتداءات إدانات محلية وإقليمية واسعة، حيث حمّل الرئيس دجوكانوفيتش المعارضة مسؤولية الاعتداءات بعد فوزها الانتخابي، متهماً أحزاب المعارضة بالترويج لأفكار قومية.
وقال في حديث تلفزيوني: "الفائزون لديهم أسباب للاحتفال، لكن هذا الاحتفال يعني دائماً موقفاً حضارياً تجاه المواطنين الآخرين وتجاه الحفاظ على استقرار الجبل الأسود"، مضيفاً: "رأينا الليلة الماضية اندلاع موجة من التعصب والعدوان والبدائية".
بدوره، دعا كبير أساقفة الكنيسة الأرثوذكسية الصربية في الجبل الأسود، المطران أمفيلوهي رادوفيتش، السلطات إلى العثور على الجناة ، قائلاً إنه لا ينبغي أن تكون هناك توترات عرقية في البلاد.
وتابع في بيان: "لا يتعلق الأمر بشكل أصيل بالتعبير عن الكراهية الدينية والتعصب والشغب، بل يتعلق بخطة مدروسة جيداً لإثارة التوترات بسبب نتيجة الانتخابات".
وأشار إلى أن "الهجوم على مسلمي بلييفليا هو اعتداء على كل مسيحي في بلييفليا وعلى كل مواطن في الجبل الأسود".
إقليمياً، طالب عضو مجلس رئاسة البوسنة والهرسك، شفيق جافيروفيتش، مؤسسات الجبل الأسود ببذل جهود لحماية البوشناق ومنع أي هجمات وتهديدات واستفزازات جديدة.
وفي السياق، دعا رئيس العلماء في البوسنة والهرسك، حسين كافازوفيتش، سلطات الجبل الأسود إلى حماية الأقلية المسلمة في البلاد.
وشدد في بيان: "كل هذا يذكرنا بالأيديولوجيات التي أدت بالفعل إلى ارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية في المنطقة خلال التسعينيات".
وبعث رسائل إلى سفراء الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وتركيا وألمانيا وإيطاليا وفرنسا وروسيا، تطالب برد فعل مشترك من حكوماتهم على الهجمات الأخيرة على البوشناق المسلمين في الجبل الأسود.
كما حذر "مركز سريبرينيتسا التذكاري" من التحريض على الكراهية القومية والعرقية والدينية الموجهة ضد المسلمين في الجبل الأسود.
يذكر أن الانتخابات الأخيرة شكلت لحظة فارقة للأحزاب القومية المؤيدة للصرب بعدما تمكنت من الفوز بأغلبية ضئيلة في البرلمان، حيث حصد تحالف المعارضة، المشكل من أحزاب "لأجل مستقبل الجبل الأسود" و"السلام لأمتنا" و"أسود وأبيض"، 41 مقعداً من أصل 81 مقعداً، بينما حصل الحزب الديمقراطي الاشتراكي على 30، يضاف إليهم 10 مقاعد لحلفائه التقليديين.
ويشكل البوشناق المسلمون نحو 8,3% من سكان الجبل الأسود، ويعيش معظمهم في الجانب الشمالي من البلاد.