رفض بيل غيتس، رجل الأعمال الأمريكي ومؤسس شركة "مايكروسوفت" العملاقة، الاتهامات التي توجَّه إليه بخلق وباء كورونا المستجد، ونشره عبر العالم، معتبراً ذلك "خليطاً سيئاً من تأثير الوباء ومواقع التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى الأشخاص الذين يميلون إلى تفسير الأمور بشكل بسيط"، وذلك خلال مقابلة تلفزية له مع "سي إن إن" الأمريكية، الجمعة 24 يوليو/تموز 2020.
وكانت عديد من المواقع على الإنترنت، ووسائل التواصل الاجتماعي، عبر العالم، قد روجت لهذه "الأنباء"، كما أن عديداً منها نشرت صوراً وفيديوهات مزيفة، تدَّعي أن "بيل غيتس يرغب في التخلص من 15% من سكان الأرض"، وفق ما نقلته القناة الأمريكية.
الحقيقة ستظهر: الملياردير الأمريكي الشهير، الذي تصدَّر المشهد بعد أن تبرعت شركته بأموال كبيرة جداً من أجل إيجاد لقاء لقاح للفيروس، عبَّر عن ثقته بكون الحقيقة ستظهر في نهاية المطاف، إذ صرح في هذا
الخصوص قائلاً: "أنا مقتنع إلى درجة كبيرة بأن الحقيقة ستُعرف، وبأن نظريات المؤامرة هذه ستتبدد".
المتحدث نفسه أوضح أيضاً أنه وزوجته "ميليندا" يعتبران من أكثر الأشخاص في العالم استثماراً من أجل إيجاد لقاح لهذا الفيروس، مبدياً تخوفه من كون ترويج مثل هاته الإشاعات قد يجعل الناس يرفضون اللقاح.
كما شدد أيضاً على أن انتشار مثل هاته "التفاهات" في دول العالم الثالث قد يزيد الوضع سوءاً في بعض البلدان الفقيرة، التي "هي في حاجة ماسة إلى اللقاح، وإلا فإنها ستلقى مصيراً كارثياً".
كما أعرب غيتس عن قلقه بشأن تزايد حالات الإصابة بفيروس كورونا في الدول الأكثر فقراً مثل جنوب إفريقيا والهند، بحسب ما نقلته شبكة "سي إن إن" الأمريكية.
وخصص غيتس موازنةً قدرها 250 مليون دولار لدعم مكافحة فيروس كورونا المستجد، واستثمرت مؤسسته مليارات الدولارات منذ 20 عاماً، في تطوير الأنظمة الصحية بدول فقيرة.
بطل نظريات المؤامرة: منذ بداية الجائحة، رصدت فرق التحقق من صحة الأخبار في وكالة فرانس برس عشرات الشائعات التي تستهدف غيتس بلغات كثيرة وعلى مختلف شبكات التواصل الاجتماعي كـ"فيسبوك" و"إنستغرام".
فيما يدعو غيتس إلى توزيع الأدوية واللقاحات على الأكثر حاجة إليها لا على من يدفع أكثر، تتهمه النظريات المتداولة بأنه يسعى إلى استغلال أزمة فيروس كورونا "للتحكُّم في الناس"، ويذهب بعضها إلى حد التحدث عن مؤامرة تسميم جماعي بإفريقيا. ومن الأخبار المتناقلة أن مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (إف بي آي) حقَّق مع غيتس بتهمة "الإرهاب البيولوجي".
وفق وكالة "فرانس بريس" الفرنسية، لم تكن الجائحة موضوعاً لنظريات المؤامرة فحسب، بل أنتجت كذلك كميات من الشائعات والأخبار المغلوطة، خصوصاً في أمريكا اللاتينية.
ففي الإكوادور مثلاً، تراوحت الأخبار المغلوطة بين اكتشاف جثث على الشاطئ وانتشار أدوية عجائبية، مروراً بغيرها.
يُستخدم كفزاعة: في تصريح سابق للوكالة الفرنسية، قال روري سميث، مدير البحوث في "فيرست درافت" وهي شبكة من وسائل إعلام تقوم بمشاريع لمكافحة التضليل عبر الإنترنت، فإن غيتس الذي أصبح فاعل خير استحال "دمية فودو يزرع فيها المتآمرون من جميع المشارب"، مثل الإبر، "نظرياتهم المختلفة".
من جانبها، وصفت ويتني فيليبس من الجامعة الأمريكية في سيراكيوز، الملياردير الأمريكي الذي انخرط منذ 20 عاماً عبر مؤسسة غيتس في حملات التلقيح ومكافحة الأوبئة، بأنه يُستخدم "كفزاعة".
فقد حصد مقطع فيديو بالإنجليزية يتهمه، من بين أمور أخرى، بالرغبة في "القضاء على 15% من سكان العالم" عن طريق اللقاحات وزرع رقائق إلكترونية في أجساد البشر، ما يقرب من مليوني مشاهدة على "يوتيوب" في أقل من شهرين.
هذه الادعاءات "زادت بشكل صاروخي" بين يناير/كانون الثاني وأبريل/نيسان، بحسب روري سميث إلى درجة بات فيها الفيديو التضليلي باللغة الإنجليزية الموجه ضد بيل غيتس، الآن أكثر المنشورات المرتبطة بكوفيد-19 الذي أودي بحياة أكثر من 300 ألف شخص حول العالم، شيوعاً، وفقاً لصحيفة "نيويورك تايمز".
يمكن العثور على الادعاءات المضللة في أرجاء العالم وبكل اللغات على "فيسبوك" و"إنستغرام" و"تويتر" و"واتساب" و"4تشان" و"ريديت"… وقد تحققت وكالة فرانس برس من أكثر من 12 منشوراً حقق نسب مشاهدة عالية بالإنجليزية والفرنسية والإسبانية والبولندية والتشيكية.
من خلال الاقتباسات المحرّفة وتركيب الصور والاختصارات المضللة، تتهمه هذه المنشورات برغبته في إعطاء لقاح مسموم للأفارقة من خلال شل مئات الآلاف من الأطفال والسيطرة على منظمة الصحة العالمية واستخدام أدمغتنا لإنشاء عملات افتراضية.
إذا كان جزء كبير منها متداولاً قبل تفشي فيروس كورونا المستجد، فإن الادعاءات التي تستهدف بيل غيتس تشترك في نقطة واحدة: اتهامه بالرغبة في الاستفادة من الوباء مثل شخصية "المستفيد من الحرب": السيطرة على العالم أو زيادة ثروته من خلال بيع اللقاحات.
قال سميث: "هذه النظريات (…) يمكن أن تقلل من ثقة الناس بالمنظمات الصحية وتخفض معدلات التلقيح، وهو أمر مثير للقلق".