أعلنت الشرطة الأوروبية، الخميس 2 يوليو/تموز 2020، أنها فكَّكت شبكة اتصالات هاتفية مشفرة كانت تعتمدها مجموعات الجريمة المنظمة في أوروبا وسيلة أساسية في التخطيط لمحاولات اغتيال وصفقات مخدرات كبرى، وقالت إنها ألقت القبض على حوالي 800 شخص في جميع أنحاء أوروبا.
اختراق شبكة دردشة: كشفت قيادتا الشرطة في فرنسا وهولندا أنهما اخترقتا شبكة "إنكروتشات"، ما مكّنهما من الاطّلاع على ملايين الرسائل "من دون علم" مشتبه بهم خلال تواصلهم، ما سمح بإجراء أكثر من مئة عملية توقيف.
نبَّهت "إنكروتشات"، التي تبيع هواتف مشفّرة خاصة، في رسالة وجَّهتها للمستخدمين، في يونيو/حزيران، إلى ضرورة التخلّص من الأجهزة، نظراً إلى أن خوادمها "صودرت خلافاً للقانون من قِبل كيانات حكومية".
إذ قال نائب المدير التنفيذي في جهاز الشرطة الأوروبية "يوروبول"، ويل فان غيمرت، في مؤتمر صحفي في لاهاي، إن الاختراق الإلكتروني سمح للشرطة بـ"الاطلاع عن كثب" على عالم الجريمة المنظمة ومجموعاته.
إيقاف أنشطة إجرامية: جاء في بيان مشترك لـ"يوروبول" و"يوروجاست، الهيئة الأوروبية المسؤولة عن تنسيق المتابعات القضائية والأحكام، أن الاختراق الإلكتروني أتاح "عرقلة الأنشطة الجرمية بما فيها الهجمات العنيفة، والفساد، ومحاولات القتل، وعمليات تهريب المخدرات على نطاق واسع".
كما أشار البيان إلى "تناول بعض الرسائل مخططات لارتكاب جرائم عنيفة وشيكة، ما أتاح القيام بتحرّك فوري". وتابع بيان "يوروبول" و"يوروجاست" المشترك أنه "فيما بعد أمكن زرع جهاز تقني قادر على تخطي تقنية التشفير والوصول إلى مراسلات المستخدمين".
بينما أفادت مصادر قضائية أن ما بين 90 إلى 100% من زبائن "إنكروتشات" مرتبطون بالجريمة المنظمة من خلال نحو 50 ألفاً من الهواتف المتداولة.
بدأت السلطات الفرنسية التحقيق في العام 2017 بعدما تبيّن العثور "بشكل منتظم" خلال عمليات مكافحة المجموعات الجرمية على هواتف "إنكروتشات"، التي تستخدم خوادم في فرنسا.
اعتراض ملايين الرسائل: بعد ذلك دخلت الشرطة الهولندية على الخط بناء على معلومات أبلغتها بها الشرطة الفرنسية.
كما جاء في البيان أن التحقيق "مكّن من اعتراض ملايين الرسائل التي تبادلها مجرمون من أجل التخطيط لجرائم خطيرة، ومشاركتها وتحليلها". وتابع أن "سلطات إنفاذ القانون اطّلعت على هذه الرسائل في الوقت الفعلي لتبادلها، من دون علم مُرسليها".
قال آندري كراغ، رئيس قسم التحقيقات المركزية في الشرطة، في مؤتمر صحفي إن عملية الاختراق الإلكتروني مكَّنت الشرطة الهولندية من مداهمة 19 مختبراً لتصنيع مادة الميثامفيتامين المخدّرة، وضبط أطنان من كريستال الميثامفيتامين والكوكايين، وتوقيف أكثر من مئة شخص.
بينما أفادت وسائل إعلام هولندية بأن التحقيق أتاح توقيف اثنين من أبرز مهرّبي مادة الميثامفيتامين في البلاد.
كيف برَّرت السلطات الاختراق؟ دافعت السلطات الفرنسية والهولندية عن قرار الاختراق الإلكتروني لشبكة الاتصالات المشفّرة، واعتبرتا أنها مبرّرة نظراً للأدلة التي تبيّن أنها كانت تُستخدم بشكل أساسي لغايات جرمية.
قال فان غيمرت إن "المنصة التي استهدفت في هذه العملية كانت مصمّمة خصيصاً لتلبية احتياجات المجرمين". وتابع أن "إساءة استعمال تكنولوجيا التشفير هي عامل أساسي في تسهيل الأنشطة الجرمية".
فيما وجَّهت "إنكروتشات" التي كانت تبيع هواتفها مقابل نحو ألف يورو للجهاز الواحد، رسالة نصية "طارئة" لمستخدميها في 13 يونيو/حزيران، أبلغتهم فيها بأن تشفيرها قد اختُرق.
جاء في الرسالة النصية "اليوم صادرت كيانات حكومية نطاقنا" الإلكتروني، وقد أرفق البيان بصورة عن هذه الرسالة، كانت قد تداولتها وسائل إعلام عدة في الأسابيع الأخيرة.
كما تضمَّنت رسالة "إنكروتشات" النصية لمستخدميها "ننصحكم بإطفاء أجهزتكم والتخلّص منها فوراً".
أكبر عملية أمنية في بريطانيا: من جهتها، قالت الشرطة البريطانية، الخميس، إنها قامت بأكبر عملياتها على الإطلاق، حيث قبضت على مجرمين "عتاة"، وأحبطت آلاف المؤامرات، بما فيها خطط قتل، وذلك بعد اختراقها خدمة اتصالات يستخدمها المجرمون.
الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة قالت إن فكّ الشفرة المستخدمة في منصة (إنكرو تشات)، التي وفرت للمجرمين خدمة تراسل فورية عبر الهاتف، وكانوا يستخدمونها لتنسيق أنشطتهم، مكّنت المحققين بأنحاء البلاد من القيام بنحو 750 عملية ضبط.
كما أضافت الوكالة أن فك التشفير ساعد أيضاً فريقاً متخصصاً في منع عصابات متنافسة من تنفيذ جرائم خطف وإعدام "وهو ما أجهض بنجاح أكثر من 200 تهديد للأرواح".
بينما قالت مديرة التحقيقات في الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة، نيكي هولاند: "معاً حمينا الناس باعتقال مجرمين متوسطي الخطورة والأباطرة، ممن يطلق عليهم عتاة الإجرام، الذين لا يمكن المساس بهم، والذين ظلوا بعيداً عن أعين الشرطة لسنوات، والآن أصبح لدينا الدليل لمقاضاتهم".
قالت الوكالة إنها عملت مع شركاء دوليين منذ 2016 لفكّ شفرة منصة (إنكرو تشات)، التي وصفتها بأنها خدمة اتصالات عالمية مشفرة يستخدمها المجرمون حصرياً.