كشفت دراسة أجرتها حكومة الأردن بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، أن معدلات التدخين في المملكة هي الأعلى عالمياً؛ إذ يُدخِّن أكثر من ثمانية من أصل كل 10 رجال السجائر بانتظام، أو يستخدمون منتجاً يحتوي على النيكوتين مثل السجائر الإلكترونية، كما يستهلك الأردنيون المدخنون 23 سيجارة يومياً في المتوسط.
فيما قال مُحلِّلو الصناعة وأنصار الصحة العامة إنّ معدلات الأردن تفاقمت بسبب نفوذ شركات التبغ الكبرى، التي قالوا إنّها تعمل بموجب قيود أقل نسبياً من المملكة المتحدة، كما هو الحال في العديد من البلدان متوسطة ومنخفضة الدخل، حيث يعيش غالبية مدخني العالم الآن وفق تقرير نشرته صحيفة The Guardian البريطانية الثلاثاء 23 يونيو /حزيران 2020.
صناعة التبغ: كما توصَّل تحقيقٌ أجرته صحيفة The Guardian البريطانية، عن صناعة التبغ في الأردن، إلى التالي:
- تُشارك جماعات الضغط التابعة لشركات التبغ، مثل British American Tobacco BAT، بانتظام في مناقشة اللوائح المفروضة على منتجاتها داخل الأردن بدرجةٍ غير لائقة كما وصفها نشطاء مكافحة التدخين.
- احتل الأردن المركز الثاني عالمياً في تدخل شركات التبغ بقرارات الحكومة، وفقاً لتحليل أجرته مجموعةٌ من المجتمع المدني.
- هناك مزاعم بأنّ المسؤولين الحكوميين تعرضوا لضغوطات من مُديرين تنفيذيين بصناعة التبغ، حول كيفية تنفيذ تشريعات الصحة العامة، إلى جانب عروض تسمح بالوصول إلى أموال المسؤولية المجتمعية للشركات.
- دفعت شركة Philip Morris International PMI من أجل تجديد مدارس في الأردن، وزوّدت الأطفال بحقائب مدرسية، كما تُدير جلسات "تطوير وظيفي" للشباب.
- ظهرت شركة PMI في منشورات الشبكات الاجتماعية الخاصة برئيس الوزراء الأردني، حيث روّجت لإسهاماتها الاقتصادية في البلاد.
اتهامات لشركات التبغ: التقرير قال إن جماعات الضغط التابعة لشركات التبغ اتُّهِمَت بالتدخّل غير اللائق في صياغة اللوائح الخاصة بمنتجاتها داخل الأردن؛ إذ أظهر محضر الاجتماع الذي اطلعت عليه الصحيفة البريطانية أنّ جماعات الضغط التابعة لشركات BAT، وJapan Tobacco International JTI، وPMI حضرت سلسلةً من الاجتماعات العام الماضي، لنقاش معايير السجائر الإلكترونية ومنتجات التبغ المُسخّن.
من جانبها، قالت الأميرة دينا مرعد، عضوة العائلة الملكية الأردنية، التي حضرت الاجتماعات بصفتها رئيسة الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان: "شركات التبغ جلست أمامنا على الطاولة فعلياً. وتجادلوا معنا حول كل نقطة من المعايير الموضوعة. وفي لحظةٍ مُعيّنة بات من الواضح للغاية أنّنا نُضيع وقتنا. فتركنا الاجتماع احتجاجاً، لكنّ شيئاً لم يحدث، وتواصل الاجتماع".
فيما صرَّحت شركات PMI وJTI لصحيفة The Guardian بأنّه من الطبيعي والقانوني أن تُشارك في تقديم المشورة عند نقاش المشكلات التنظيمية ذات الصلة، بصفتها من أصحاب المصالح في هذه الصناعة.
في حين قال العديد من المسؤولين الحكوميين السابقين والحاليين إنّ شركات التبغ الكبرى تتمتّع بعلاقات قوية مع النواب والمسؤولين الأردنيين، الذين لا يُوجد قانون يُلزمهم بالإفصاح عن اتصالاتهم بالصناعة.
دافع للضرائب: إلى ذلك أظهرت سجلات شركات التبغ أنّها تُنفق مئات الآلاف من الدولارات على عقود الرعاية داخل الأردن، إلى جانب العديد من البرامج المُوجّهة للشباب.
ووجدت الدراسة الوطنية بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، أنّ نحو 45% من الطلاب الأردنيين في الـ15 من عمرهم -أو أصغر- استخدموا نوعاً من أنواع التبغ.
وتُصوّر الصناعة نفسَها على أنّها مستثمرٌ رئيسي يُوفّر الكثير من فرص العمل، وهي حجةٌ قوية داخل بلدٍ يُعاني من ارتفاع معدلات البطالة، حيث تُشكّل ضرائب التبغ نحو 18% من الإيرادات السنوية للحكومة.
رسالة مباشرة: فيما بعثت الشركات بهذه الرسالة مباشرة عبر قنوات الحكومة الرسمية على الشبكات الاجتماعية. إذ قال فادي المعايطة، المدير العام لشركة PMI بالمنطقة آنذاك، في مقطع الفيديو الذي نشره مكتب رئيس الوزراء في عام 2019: "استثمارات Philip Morris هي من أكبر الاستثمارات الأمريكية الموجودة في الأردن، نحن ثاني أكبر دافع للضرائب في الأردن".
في حين وجد بحثٌ مُموّل من حكومة المملكة المتحدة أنّ التدخين يُكلّف الأردن نحو 2.32 مليار دولار سنوياً في الرعاية الصحية وفقدان الإنتاجية، وهو الرقم الأعلى للفرد في العالم، ويتجاوز كثيراً مبلغ الـ1.29 مليار دولار تقريباً، الذي تدفعه الصناعة سنوياً في صورة ضرائب ورسوم وأجور للعمال المحليين.