نشرت شركة ماكينزي الأمريكية للاستشارات الإدارية أحدث دراسة حالة لها حول مخاطر المناخ، وسلّطت الضوء على مجتمعات دول البحر الأبيض المتوسط واقتصادها. ويُظهر التحليل الذي حمل عنوان: "حوض الأبيض المتوسط بدون مناخ الأبيض المتوسط"، العواقب المحتملة لأي تغيّر مناخي على إمكانية العيش والعمل في المنطقة.
قال هاوكي إنجل، الشريك في قسم دراسات واستشارات تعزيز الاستدامة بشركة ماكينزي، وأحد مؤلفي التقرير وفق ما نشرت مجلة Forbes الأمريكية: "بحلول 2050، كثير من أجزاء البحر الأبيض المتوسط، بما فيها الأراضي الزراعية، يتوقع أن تشهد حالة جفاف لما لا يقل عن 6 أشهر سنوياً في المتوسط، ويتوقع أن يزيد عدد الأيام شديدة الحرارة في أي عطلة شاطئية، وهو ما قد يُعرّض السياحة للخطر".
اختار القائمون على التقرير البحر الأبيض المتوسط لتعرُّضه لظواهر جوية قاسية. ويُتوقع في حقيقة الأمر أن تشهد المنطقة زيادةً قويةً بصورة خاصة في الجفاف والحرارة، ما يجعلها واحدةً من الأمثلة الرائدة على خطر التغير المناخي.
منذ أواخر القرن التاسع عشر ارتفع متوسط درجات الحرارة في البحر الأبيض المتوسط 1.4 درجة مئوية، مقارنةً بمتوسط الارتفاع العالمي في درجات الحرارة المُقدَّر بـ1.1 درجة مئوية، ويُتوقع أن يرتفع 1.5 درجة مئوية إضافية عند حلول عام 2050. ونتيجة لهذا سوف يزيد عدد الأيام التي تشهد تجاوز درجات الحرارة القصوى فيها 37 درجة مئوية، بل إنها ستتضاعف في شمال إفريقيا وجنوب إسبانيا وجنوب تركيا.
سوف نشهد مزيداً من حالات الجفاف في إيطاليا والبرتغال وإسبانيا واليونان وتركيا، بجانب اندلاع حرائق هائلة في شبه الجزيرة الأيبيرية. وسوف يصير الإجهاد المائي قضية كبرى في اليونان والمغرب وإسبانيا. وسوف تنتشر الأمراض المعدية المماثلة لفيروس غرب النيل بكل سهولة، وذلك حسبما تنبّأ الباحثون بالفعل. إذ يُرجح أن المناخ المعهود للبحر الأبيض المتوسط سوف ينتهي.
بحسب الدراسة، يمكن أن تتقلص الزراعة (ولاسيما الزراعات الخاصة بإنتاج النبيذ)، بسبب التغيرات المناخية في منطقة البحر الأبيض المتوسط. ومع ذلك، قد تساعد استراتيجيات التكيُّف كلاً من المحاصيل والسياحة على الاستفادة من فصول الصيف الأطول.
لكن في ظِل زيادة الانبعاثات وقلة سيناريوهات التخفيف وغياب أي استجابة للتكيُّف، يمكن أن يُعرِّض التغير المناخي حياة مئات الملايين من الأشخاص للخطر، وهو ما قد يَحدث كذلك لتريليونات الدولارات التي يُدرُّها النشاط الاقتصادي، فضلاً عن الخطر الذي سيتعرض له رأس المال الطبيعي والمادي الذي يملكه العالم.
يقول إنجل إن دمج الخطر المناخي في صُنع القرار يُمثل أحد التحديات الرئيسية المنتظرة. ويضيف: "سوف يتطلب هذا تغييرات في العقليات التي تدير النماذج، وفي العمليات. تحتاج جميع الأعمال التجارية والقرارات السياسية أن يجري فحصها من خلال عدسات التغير المناخي".