دفع 500 مغربي عالقين ثمناً باهظاً لقرار رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، في 14 مارس/آذار 2020، فرض إغلاق في أنحاء البلاد كافة لمجابهة جائحة فيروس كورونا المستجد بعد أن سبقتها سلطات الرباط بإغلاق كافة المعابر الحدودية، التي تربط الجيبين الإسبانيين "سبتة" و"مليلية" داخل الأراضي المغربية مع بقية البلاد.
منذ ذلك الحين، لا يزال هناك أكثر من 500 مغربي عالقين بعيداً عن ديارهم من دون موارد كافية -إن وجدت- يستطيعون إعالة أنفسهم بها، حيث ينام العديد منهم كل ليلة على البوابات الحدودية ولا يلتزم سوى قليل منهم بمسافات الأمان المنصوص عليها في بروتوكولات الوقاية من فيروس كورونا، حسب تقرير نشرته صحيفة The Guardian البريطانية.
البعض محظوظ: كان بعضهم محظوظاً بما يكفي، بسبب وجود أقارب أو معارف له يلجأ إليهم لإيوائه وحمايته في مليلية، مثل طالبة جامعية شابة تُدعى هيا، كانت عائدة من مدريد إلى مدينة الناظور المغربية.
فيما أمضى آخرون، مثل عمر، الذي كان يحاول العودة إلى منطقة غاليسيا في شمال غربي إسبانيا، شهوراً، نائمين في مخازن بلا مياه جارية أو كهرباء.
كذلك فهناك عالقون أقل حظاً، مثل حكيم، وهو مواطن مغربي آخر يعيش في كوخ من الخشب والكرتون على أطراف المدينة، في حين ينام آخرون بالعراء.
من جانبها قدّمت سلطات مدينة مليلية الدعم لكثير من أولئك المحاصرين عند الحدود، حيث وفّرت خياماص وآوت أشخاصاً بأماكن، من ضمنها حلبة الثيران بالمدينة.
نوايا حسنة: لكن على الرغم من المساعدة والنوايا الحسنة، أدَّى الإغلاق الساري بموجب حالة الطوارئ المستمرة في إسبانيا، إلى جعل عديد من الأشخاص محاصرين في مخيمات مكتظة على مدار أكثر من شهرين.
حيث قال موها، الذي يعيش هذا الحصار مع زوجته وطفله الرضيع: "نخضع للمراقبة المستمرة ونتكدس في ظروف سيئة. نشعر كأنَّنا سجناء".
إلى ذلك فعندما قرَّر المغرب فتح معبر بني أنصار الحدودي؛ للسماح لمواطنيه بالعودة بعد أكثر من شهرين من الإغلاق، هرع جميع المغاربة في مدينة مليلية إلى الحدود للعودة مُجدَّداً إلى ديارهم.
ومع ذلك، لم تنتهِ الأزمة، إذ جمّعت السلطات المغربية والإسبانية قوائم بأسماء أولئك المسموح لهم بالعودة إلى ديارهم، واحتوت القائمة الأولى على 200 اسم فقط.
قوائم مغربية: احتوت القائمة المغربية على أسماء 130 مواطناً من "ذوي الأولوية"، من بينهم رجال أعمال وأثرياء.
في الوقت نفسه، قدَّمت إسبانيا قائمة بنحو 70 شخصاً يواجهون الترحيل من أراضيها. وبطبيعة الحال، لم يظهروا حتى يجري ترحيلهم عبر الحدود.
في اليوم التالي، بدأت طوابير الأشخاص الراغبين في العودة إلى الديار تصطف من جديد، لكن لم يُسمح إلا بعودة 50 شخصاً من الفئات الضعيفة الأكثر عرضة للخطر.
في حين يواصل عديد من أولئك العالقين المتبقين النوم بالقرب من الحدود؛ على أمل أن يتغير حظهم في الصباح ويُسمح لهم بعبور السياج المعدني الذي يفصل بين مدينة أوروبية صغيرة تقع داخل الأراضي المغربية عن بقية وطنهم.
تهديدات بكورونا: في الوقت نفسه يواجه بعضهم تهديدات أكبر من فيروس كورونا أو العوز أو الحنين إلى الوطن.
إلى ذلك فقد عُثر على امرأة مغربية تبلغ من العمر 34 عاماً، ميتة في مراحيض حلبة ثيران مدينة مليلية، في حين تعرضت فتاة أخرى تمكث بمقبرة إسلامية للاعتداء الجنسي.
في حين قال أحد المغاربة، الذين ما زالوا عالقين: "نحن نعيش كلاجئي حرب في ظل جائحة. إنَّها تجربة لا أتمنى لأي شخص المرور بها".