تحوّلت المنطقة المُحيطة بالبيت الأبيض، الإثنين 1 يونيو/حزيران 2020، إلى ساحة مواجهة عنيفة وواسعة، بين المحتجين على مقتل جورج فلويد نتيجة اعتقاله التعسفي من جهة، وقوات الشرطة والحرس الوطني من جهة أخرى، وذلك لتأمين الحديقة المحيطة بمقر إقامة ترامب، حيث ألقى منها خطاباً، وقرر بعد ذلك الخروج منها إلى كنيسة مجاورة زارها بعدما تعرضت للتخريب على خلفية الاحتجاجات.
سماع أصوات انفجارات: موقع The Hill الأمريكي، كشف تفاصيل عن القسوة التي استخدمتها قوات الشرطة والحرس الوطني لإبعاد المتظاهرين من محيط البيت الأبيض، مشيراً إلى أن التوترات وصلت إلى مستويات أنذرت بالسوء، لا سيما حينما بدأت قوات مدججة بالسلاح بإطلاق الغاز المسيل للدموع على حشد من المتظاهرين.
أشار الموقع إلى أن المناوشات اندلعت في محيط البيت الأبيض، قبل 15 دقيقة على الأقل من سريان حظر التجول على مستوى المدينة، بينما كان ترامب يلقي خطاباً للشعب من حديقة الورود في البيت الأبيض، حيث وعد بالدفع بـ"الآلاف من الجنود والقوات العسكرية وضباط إنفاذ القانون المدججين بالسلاح لوقف أعمال الشغب والنهب والتخريب والتدمير الوحشي للممتلكات".
كان يمكن سماع الانفجارات الصاخبة من حديقة الورود أثناء حديث الرئيس، وذلك بعدما تدفق مئات المتظاهرين إلى الشوارع المحيطة بالبيت الأبيض، وفي نفس الوقت كانت هذه الشوارع مليئة بالعشرات من سيارات الشرطة والمدرعات وأفراد من الشرطة العسكرية الذين يشتبكون مع المتظاهرين الغاضبين، المتمركزين في زاوية الشارع السادس عشر وشارع H على طول ساحة لافاييت المواجهة للبيت الأبيض.
كذلك انتشر أفراد الشرطة المسلحون بعدة مكافحة الشغب وهم يحملون الدروع والبنادق الطويلة أثناء حراستهم لمحيط الحديقة، وهم يقفون في مواجهة المتظاهرين، الذين اكتفوا بالتهكم اللفظي على قوات الشرطة دون الإتيان بأعمال عنف.
في شارع H، كان جنود الشرطة على ظهور الخيل والحرس الوطني يدفعون المتظاهرين غرباً نحو الشارع السابع عشر، ومع اقتراب موعد حظر التجول، اندفعت حشود المتظاهرين فجأة في ذعر باتجاه الغرب حيث ترددت أصوات العديد من الانفجارات الصاخبة في الشارع، حينما أطلقت الشرطة القنابل المسيلة للدموع وقنابل دخان على المتظاهرين دون سابق إنذار.
أوامر بالإخلاء: يشير الموقع الأمريكي إلى أن الحرس الوطني تلقى تعليمات بإخلاء المنطقة المحيطة بالبيت الأبيض، حتى يتمكن الرئيس من الذهاب إلى كنيسة سانت جون، التي أضرم مخربون النيران بها الليلة السابقة.
ومع بدء التنفيذ، تدافع المتظاهرون وهم يحاولون الهرب من الدخان والغاز، مناشدين بعضهم البعض الالتزام بالنظام لتفادي التدافع المميت، فيما انسحب البعض إلى جانب الطريق لصب الماء على عيونهم الملتهبة بعد امتلاء الشوارع بالدخان والغاز اللذين جعلا التنفس صعباً.
بعد ذلك تقدمت قوات الشرطة مسافة 70 متراً تقريباً، قبل التوقف لتشكيل حاجز جديد على مسافة أبعد في شارع H، وتوقفت حشود المتظاهرين أيضاً، وعادت إلى الخطوط الأمامية لتواصل هتافها ضد الشرطة.
لكن مجدداً، ودون سابق إنذار، استمر الجنود في تقدمهم، وهم يطلقون قنابل الغاز المسيل للدموع وقنابل الدخان على المتظاهرين الذين أصابتهم نوبة ذعر أخرى، وتدافعوا للخروج من متاهة الشوارع المغلقة في وسط المدينة.
في النهاية، تراجعت الحشود أخيراً إلى الشارع السابع عشر، الذي أغلقه رجال الحرس الوطني من الجانب الشمالي، لإجبار المتظاهرين على الفرار جنوباً نحو مبنى مكتب أيزنهاور التنفيذي المجاور للبيت الأبيض.
كما اشتد الهجوم الذي شنته الشرطة، مع انفجار قنابل الغاز المسيل للدموع والقنابل الدخانية يساراً ويميناً أثناء فرار المتظاهرين، وبحلول الساعة السابعة مساءً، تمكنت الشرطة من إخلاء جميع الشوارع المحيطة بالبيت الأبيض، وشكلت حاجزاً كاملاً سمح للرئيس بالتوجه إلى الكنيسة عبر ساحة لافاييت.
ترامب يتحدى المحتجين: في سابقة من نوعها، وبينما كان محيط البيت الأبيض مشتعلاً بالصدامات بين المحتجين والشرطة، خرج ترامب سيراً على الأقدام إلى الكنيسة القريبة من مقر إقامته، وذلك بعدما أطلق تهديدات في خطابه للمتظاهرين بنشر الجيش لإنهاء ما وصفها بحالة العنف في البلاد.
وقف ترامب أمام المعلم المعماري الأصفر اللون رافعاً بيمناه الإنجيل، وقال "لدينا بلد عظيم"، مضيفاً: "هذا أعظم بلد في العالم وسوف نضمن أمنه"، قبل أن ينضم إليه في الوقوف أمام الكنيسة التي غطت ألواح من الخشب بوابتها ونوافذها، بعض من الشخصيات بينهم وزير العدل بيل بار والمتحدّثة باسم البيت الأبيض كايلي ماكيناني.
كان ترامب قد أشار إلى أنه سيرسل الآلاف من الجنود المدججين بالسلاح وقوات إنفاذ القانون لإنهاء العنف في العاصمة، وتعهد بفعل الشيء نفسه في مدن أخرى إذا لم يستطع رؤساء البلدية والحكام استعادة السيطرة على الشوارع.
يُشار إلى أن أمريكا تشهد احتجاجات على خلفية قتل تسبب الشرطي ديريك شوفين، للأمريكي ذي البشرة السوداء فلويد، أثناء اعتقاله بطريقة تعسفية أفضت إلى الوفاة.