وضعت كوريا الشمالية حداً للتقليد القديم الذي كان يعتمد على تبجيل القوى السحرية لكيم جونغ أون والزعيم السابق كيم جونغ إيل، من أجل منحه صورة "خرافية"، بعدما أنكرت الصحيفة الرسمية في البلاد قدرة زعماء النظام على تغيير الزمان والمكان بطريقةٍ سحرية، كما كانت تروج في وقت سابق.
وفق تقرير لصحيفة The Telegraph البريطانية، الجمعة 22 مايو/أيار 2020، فإن النظام السري بدأ يبتعد عن خلق الأساطير حول زعمائه، بعد أن نفت صحيفة Rodong Sinmun الكورية الشمالية الأسبوع الجاري، أن تكون عائلة كيم من أساتذة طريقة "شاكجيبيوب chukjibeop"، وهي وسيلةٌ لطيّ المكان والسفر لمسافات هائلة في فترةٍ قصيرة من الوقت.
طريقة شاكجيبيوب واحدةٌ من الأساطير التي كانت يستخدمها الشمال لتأليه زعمائه.
لرفع الغموض: قالت الصحيفة، التي تُعَد من أذرع الحزب الحاكم في الشمال: "من الناحية الواقعية، لا يستطيع الشخص الاختفاء فجأةً ومعاودة الظهور عبر طيّ المكان".
الخميس 21 مايو/أيار، قال مسؤولٌ بوزارة التوحيد الكورية الجنوبية، إنّ اتجاه النظام القائم لإزالة الغموض هو اتجاه "جديرٌ بالملاحظة".
المسؤول نفسه صرح لوكالة Yonhap الكورية الجنوبية، قائلاً: "يبدو أنه [النظام القائم] يُركّز على الوطنية وحب الشعب بدلاً من إضفاء طابع الغموض على الزعماء".
الزعيم الإنسان: نقلت وسائل الإعلام الرسمية عن كيم قوله في مارس/آذار من العام الماضي، بعد انهيار المفاوضات مع الولايات المتحدة: "إن إضفاء الغموض على أنشطة الزعيم الثورية ومظهره سوف يسفر عن التستُّر على الحقيقة. بينما يظهر الولاء المُطلق حين ينبهرون بالزعيم الإنسان والرفيق".
إذ ركز كيم على إظهار الجانب "الإنساني" في شخصيته، وحثّ الشعب الكوري الشمالي على البُعد عن إضفاء الغموض على الزعماء، خاصةً عقب فشله في التوصّل إلى اتّفاق مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال القمة الثانية في هانوي، العام الماضي.
في وقتٍ مُبكّر من الشهر الجاري، ظهر كيم علناً للمرة الأولى بعد 20 يوماً، في أعقاب تناثر الشائعات حول وفاته.
الزعيم يختفي مجدداً: أشار محللون إلى أن ظهور زعيم كوريا الشمالية، كيم جونغ أون، على الملأ كان أقل بوضوح من المعتاد خلال شهري مايو/أيار وأبريل/نيسان، وقد مرت ثلاثة أسابيع دون أن تتحدث وسائل الإعلام الرسمية عن حضوره أي مناسبة عامة.
يأتي هذا مع فرض كوريا الشمالية إجراءات لمكافحة فيروس كورونا، على الرغم من أنها تقول إنها لم تسجل أي حالات إصابة مؤكدة، وعقب تكهنات واسعة بشأن صحته في الشهر الماضي، بعدما تغيَّب عن ذكرى سنوية مهمة.
كيم ظهر علناً أربع مرات فحسب في أبريل/نيسان ومايو/أيار، مقارنة مع 27 مرة خلال الفترة نفسها من العام الماضي.
وفقاً لإحصاء أجراه تشاد أوكارول الرئيس التنفيذي لمؤسسة كوريا ريسك جروب للبيانات والتحليلات، والتي تتخذ من سول مقراً وترصد أحوال كوريا الشمالية، فإن آخر أقل عدد مرات ظهر فيها كيم علناً خلال هذين الشهرين منذ توليه السلطة في 2011، كان 21 مرة وذلك في 2017.
ما الذي يقع؟ يعتقد مسؤولون من كوريا الجنوبية أن ظهور كيم العلني المحدود قد يكون تدبيراً وقائياً في ظل المخاوف المتعلقة بتفشي فيروس كورونا. وألغت كوريا الشمالية أو أرجأت أو قلَّصت كثيراً من التجمعات العامة بسبب الفيروس.
رداً على سؤال عن غياب كيم عن الأنظار، قالت وزارة الوحدة في كوريا الجنوبية،الجمعة، إنها تتابع الوضع.
فيما ذكرت صحيفة جونج انج إلبو نقلاً عن مسؤول حكومي بكوريا الجنوبية، أن كيم ربما كان ينجز مهامه من فيلا محببة إليه في وونسان على الساحل.
لكن راشيل مينيونج لي، وهي محللة سابقة مختصة بالشأن الكوري الشمالي في الحكومة الأمريكية، قالت إن كيم ربما كان يركز على بعض الأهداف الاقتصادية والسياسية الداخلية التي أشار إليها قبل أزمة الكورونا.
مرت ثلاثة أسابيع على آخر مرة نشرت فيها وسائل الإعلام الرسمية صوراً لكيم خلال حضور مناسبة عامة، وكان ذلك في مراسم افتتاح مصنع أسمدة في الأول من مايو/أيار.