أكدت مجلة Foreign Policy الأمريكية، الأربعاء 13 مايو/أيار 2020، حصولها على عدد من البيانات المسربة من الجامعة الوطنية لتكنولوجيا الدفاع التابعة للجيش الصيني، والتي تكشف عدداً من المعطيات الخاصة بانتشار فيروس كورونا في الصين، كما تتضمن أكثر من 640 ألف تحديث للمعلومات، وتغطي ما لا يقل عن 230 مدينة.
حسب تقرير للمجلة الأمريكية، فإنه على الرغم من أنَّ مجموعة البيانات المُسرَّبة تفتقر إلى بعض الاتساق، وهي غير شاملة بما يكفي لتتعارض مع الأرقام الرسمية التي أعلنتها بكين، فإنها تعد أكبر مجموعة بيانات ثبت وجودها عن حالات فيروس كورونا المستجد في الصين، كما أنها يمكن أن تكون بمثابة كنز قيّم من المعلومات لعلماء الأوبئة وخبراء الصحة العامة في جميع أنحاء العالم؛ فهي مجموعة بيانات لم تشاركها بكين مع المسؤولين أو الأطباء الأمريكيين.
نظرة أعمق: زعمت بكين أنها منذ ظهور جائحة فيروس كورونا المستجد في نهاية 2019، لم تُسجِّل سوى 82919 حالة إصابة مؤكدة و4633 حالة وفاة في الصين، ويمكن أن تكون هذه الحصيلة شبه دقيقة، وفي هذه الحالة سيشكل وجود بيان مفصل أداة مهمة لتقييم انتشار الفيروس.
لكن من المحتمل أيضاً أنَّ الإحصائيات التي عرضتها بكين للعالم أقل بكثير من الأرقام الحقيقية التي تحتفظ بها بكين سراً.
كما يزيد التعتيم وعدم ثقة نظام الحزب الشيوعي الحاكم بالأطراف الخارجية من صعوبة تقييم الوضع، لكن من الأهمية بمكان أن تعرف حكومات دول العالم مزيداً عن البيانات الخاصة بفيروس كورونا المستجد التي يستخدمها المسؤولون الصينيون مباشرة.
هذه التسريبات تقدم نظرة أعمق إلى كيفية جمع بكين بيانات عن سكانها بخصوص الفيروس.
إذ أكد مصدر البيانات المُسرَّبة -الذي طلب عدم الكشف عن اسمه بسبب حساسية مشاركة بيانات عسكرية صينية- أنَّ البيانات من إعداد الجامعة.
وتنشر الجامعة أداة تتبُّع البيانات الخاصة بالفيروس، وتتطابق النسخة الموجودة على الإنترنت مع المعلومات المُسرَّبة، باستثناء أنها أقل تفصيلاً بكثير؛ فهي تعرض خريطة الحالات فقط، لكن ليس البيانات المُمَيِّزة لكل حالة.
محتوى البيانات: تتضمن هذه البيانات المسربة إحداثيات المواقع (خطوط الطول والعرض)، وعدد الحالات "المؤكدة" بكل موقع، في تواريخ تتراوح من أوائل فبراير/شباط إلى أواخر أبريل/نيسان.
إلى جانب ذلك، تشمل البيانات، التي راجعتها مجلة Foreign Policy، مواقع المستشفيات، كما تتضمن كذلك أسماء المجمعات السكنية والفنادق ومحلات السوبر ماركت ومحطات السكك الحديدية والمطاعم والمدارس في جميع أنحاء البلاد، التي ظهرت بها حالات.
من غير الواضح حتى الآن كيف جمعت الجامعة الوطنية لتكنولوجيا الدفاع هذه البيانات، في الوقت الذي يرجح فيه أن تكون مُجمَّعة من وزارة الصحة ولجنة الصحة الوطنية، وتقارير وسائل الإعلام، ومصادر عامة أخرى.
هل تُفتح للعموم؟ بحسب موقعها الإلكتروني، تقع الجامعة، ومقرها مدينة تشانغشا بوسط الصين، "تحت القيادة المباشرة للجنة العسكرية المركزية"، وهي الهيئة التي تشرف على الجيش الصيني. كما ساهم الجيش الصيني بدورٍ كبير في تعبئة الموارد ضد الفيروس: فقد ساعد في فرض الحجر الصحي ونقل الإمدادات وعلاج المرضى.
يبدو أنَّ الشخص الذي تحمَّل المسؤولية الأكبر في بناء قاعدة البيانات هذه هو جامغ هايسو، مدير قسم الاتصالات والمعلومات في الجامعة.
للوقت الحالي، لن تجعل مجلة Foreign Policy ومنظمة 100Reporters غير الربحية، اللتان تتعاونان في نشر هذا الموضوع، قاعدة البيانات متاحة للعامة لدواعٍ أمنية، لكنهما يبحثان عن طريقة يجعلانها متاحة للباحثين الذين يدرسون انتشار فيروس كورونا المستجد.
لماذا تُقيِّد بكين الوصول إلى البيانات الخاصة بفيروس كورونا المستجد؟ ربما بسبب الضغينة تجاه الولايات المتحدة أو عدم الثقة بها، في وقت تتصاعد فيه التوترات بين البلدين. وربما بسبب أخطاء بيروقراطية، أو ربما لأنَّ بكين تخشى أن يتعرف الباحثون بالخارج على تعتيمها الواسع على الأمر؛ مما يدمر الرواية التي تروج لأنَّ الدول الاستبدادية مثل الصين مهيأة أفضل لحماية شعبها من الجائحة.