تأجج الغضب في أوساط مستشارين علميين حكوميين بالمملكة المتحدة، على خلفية ما اعتبروه محاولة لفرض رقابةٍ على المشورة التي قدموها بشأن مقترحات حكومية، خلال إجراءات إغلاق البلاد إثر جائحة فيروس كورونا المستجد، من خلال التعديل المُفرِط لتقرير رسمي صادر عنهم قبل نشره للشعب، حسبما تنامى إلى علم صحيفة The Guardian البريطانية.
كان هذا التقرير واحداً من سلسلة وثائق نشرتها المجموعة الاستشارية العلمية المعنية بحالات الطوارئ بالمملكة المُتحدة (SAGE) هذا الأسبوع، لتهدئة الانتقادات المتنامية لنقص الشفافية على صعيد المعلومات الاستشارية المُقدّمة للوزراء المعنيين بالاستجابة لأزمة فيروس كورونا المستجد.
استُبعِدت فقرات كبيرة من النص الذي انطوى عليه التقرير، وأعدّته لجنة SPI-B الفرعية التابعة للمجموعة الاستشارية العلمية لحالات الطوارئ، وهي معنية بتقديم المشورة من علماء السلوك بشأن رد فعل الشعب المُحتمل تجاه إجراءات الإغلاق.
العديد من أعضاء اللجنة الفرعية قالوا في حديث لصحيفة The Guardian البريطانية إن الأجزاء المُنقّحة من الوثيقة كانت تحتوي على انتقادات أعربوا عنها ردّاً على سياسات الحكومة، وطُلِب منهم رسمياً النظر فيها في أواخر مارس/آذار، ومُستهلّ أبريل/نيسان.
أحد المُستشارين باللجنة قال: "الأمر أخرق للغاية، ويؤدّي إلى نتائج عكسية تماماً"، وقال عُضو آخر: "الانطباع الذي تكوّن لديّ هو أن تلك الحكومة لا ترغب في أي انتقاد".
كان أعضاء اللجنة يُناقشون فيما بينهم الطريقة المُثلى للردّ على تعديل تقاريرهم، ذاك الإجراء الذي يعتبرونه خطوة باطشة تهدد استقلالهم.
لخّص التقرير، الذي كان بتاريخ الأوّل من أبريل/نيسان، مناقشات لجنة SPI-B حول طريقة التعامل مع التغيّرات المُحتملة التي قد تطرأ على إجراء التباعد الاجتماعي، الذي طُرِح لإبطاء وتيرة انتشار عدوى فيروس كورونا المستجد.
في النسخة المنشورة على الموقع الحكومي للمجموعة الاستشارية العلمية، عُدِّلت قرابة صفحة ونصف الصفحة من التقرير تعديلاً مشوهاً. وقالت صحيفة The Guardian إنها نمى إلى علمها أن الجزء المحجوب يتعلّق بالانتقادات التي وجهتها اللجنة للمقترحات الحكومية المحتملة آنذاك.
شملت المقترحات فكرة تقليل مقدار الوقت الذي يمكن للبريطانيين قضاؤه خلال ممارسة الرياضة أو التسوّق، وفرض عقوبات مالية أكثر صرامة على من يخرقون تدابير الإغلاق. وثمّة مقترح آخر كان ينطوي على مطالبة الناس بالحصول على ترخيص يبيح تحرّكاتهم، مثلما هو الحال في فرنسا، إذ يُطلب من المواطنين الحصول على تصاريح قبل مغادرة المنازل.
خبراء باللجنة التي تضمّ أساتذة في علم النفس، وعلم الأوبئة، والأنثروبولوجيا، قالوا إنهم شعروا أن المقترحات كانت عقابية للغاية، ومن المرجح أن تُسفر عن معاملة غير عادلة بين الناس في ظروف اقتصادية مؤسفة.
على الجانب الآخر، قال متحدث باسم المكتب الاستشاري المعني بتقديم المشورة للحكومة في الشؤون العلمية إن تلك التعديلات قد أُجريت لأن السياسات التي نوقشت في الوثيقة لا تزال قيد النظر.