يبدو أن أزمة تشكيل الحكومة العراقية برئاسة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، لم تنتهِ، فالصراع على الوزارات السيادية ما زال قائماً بين المكونين الشيعي والكردي، بالإضافة إلى صراع شيعي شيعي على وزارة النفط.
الكُرد كانوا يمثلون كلمة السر واللاعب الأساسي في تمرير الحكومة، ولولا تنازلهم عن وزارة المالية لصالح الشيعة، لما حصل الكاظمي على ثقة مجلس النواب.
يقول مسؤول سياسي مطلع على مفاوضات تشكيل الحكومة العراقية لـ"عربي بوست"، إن "رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي تعرض في الفترة الأخيرة إلى ضغوط سياسية من أجل تمرير حكومته في مجلس النواب، فكل يومين أو ثلاثة كان يقدم قائمة بأسماء المرشحين للكابينة الوزارية إلى القوى الشيعية والسنية والكردية قبل تقديمها إلى البرلمان".
ويضيف أن "الصراع السياسي على بعض الوزارات وتسمية المرشحين جعل من الكاظمي بمثابة "ساعي بريد" باستلام أسماء المرشحين من الأحزاب والكتل السياسية واختيار عدد منهم كمرشحين في الكابينة الوزارية وإرسالهم في قائمة إلى القوى السياسية".
ولفت المسؤول إلى أن "الكرد أصبحوا بمثابة مفتاح وكلمة السر لحكومة الكاظمي ولولا تنازلهم عن وزارة المالية للمكون الشيعي لفشل في الحصول على ثقة البرلمان وأصبح شبيهاً بالمكلف الأسبق محمد توفيق علاوي".
الخارجية مقابل المالية
إلى ذلك، أكد الحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة رئيس إقليم كردستان العراق السابق مسعود بارزاني تنازله عن وزارة المالية لصالح الشيعة مقابل حصولهم على وزارة الخارجية في الحكومة العراقية.
ويقول النائب عن الحزب بشار الكيكي لـ"عربي بوست"، إنه "حسب الاتفاق بين القوى السياسية ورئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، أصبحت وزارة الخارجية للمكون الكردي والحزب الديمقراطي الكردستاني مقابل تنازله عن وزارة المالية للمكون الشيعي، ولن يتنازل مرة أخرى عن الوزارة المذكورة".
وبيّن الكيكي أن "الحزب الديمقراطي أبلغ رئيس الوزراء والقوى السياسية من الشيعة والسنة ترشيح وزير المالية السابق فؤاد حسين لوزارة الخارجية، ونؤكد مرة أخرى، نحن متمسكون بفؤاد هو مرشح الكرد للخارجية ولن نتنازل عن ذلك".
ويضيف النائب الكردي أن "رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي سيقدم بعد 10 أيام قائمة بأسماء المرشحين للوزارات إلى مجلس النواب تضم الخارجية والنفط والتجارة والزراعة والعدل والثقافة والهجرة والمهجرين من أجل منحهم الثقة والتحاقهم بمجلس الوزراء".
من جهته أكد تحالف الفتح، الجناح السياسي للحشد الشعبي، رفضهم ترشيح الوزير السابق في حكومة عادل عبدالمهدي فؤاد حسين لوزارة الخارجية.
الشيعة يرفضون تسليم المالية للكرد
يقول النائب عن التحالف فاضل الفتلاوي لـ"عربي بوست"، إن "القوى الشيعية رفضت تسليم وزارة المالية للكرد بسبب السياسة الخاطئة التي وقعت في زمن فؤاد حسين وإدارته خصوصاً تحويل الأموال من خزينة الدولة إلى إقليم كردستان، وعلى ضوء ذلك حدث اتفاق وتبادل بالاستحقاق الوزاري بين المكونين الشيعي والكردي".
وأضاف أن "القوى الشيعية والسنية رفضت إعادة توزير أي وزير في حكومة عادل عبدالمهدي وترشيحه لأي وزارة في حكومة مصطفى الكاظمي، بالتالي فإن وزير المالية السابق فؤاد حسين مرفوض، ولن نسمح له بالحصول على ثقة البرلمان وتولي وزارة الخارجية".
وبيّن الفتلاوي: "نحن كتحالف الفتح بالإضافة إلى القوى الشيعية ليس لدينا اعتراض على أن تتولى أي شخصية كردية وزارة الخارجية، إلا أننا نرفض أن إعادة تزوير الوزير وترشيح فؤاد حسين للوزارة المذكورة".
وتابع النائب الشيعي أنه "عدم ممانعتنا تولي أي شخصية كردية وزارة الخارجية لا يعني موافقتنا على سياسة الكرد في تولي الوزارة، فعلى الكرد عدم إعادة السياسة السابقة في إدارة الوزارة واختيار شخص كفء لتولي المنصب".
مرشح وزارة النفط من العاصمة
كان مجلس النواب العراقي قد صوّت في 21/9/2016 على سحب الثقة عن وزير المالية الكردي هوشيار زيباري بعد استجواب حول ادعاءات بالفساد وسوء الإدارة وتعيين الكرد في السفارات والملحقات الدبلوماسية في أوروبا ودول أخرى.
وبالنسبة لوزارة النفط، أكد الفتلاوي أن "رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وعد نواب محافظة البصرة أثناء تواجده في جلسة منح الثقة لحكومته، بأن المرشح لوزارة النفط سيكون من محافظة البصرة على اعتبارها عاصمة العراق الاقتصادية".
من جهته أكد النائب عن محافظة البصرة بدر الزيادي لـ"عربي بوست"، أن "نواب المحافظة سيعقدون اجتماعاً لاختيار شخصية مهنية من أبناء البصرة لترشيحها إلى رئيس الوزراء لتسلم وزارة النفط".
وأضاف أن "الأحزاب السياسية تحاول الاستحواذ على الوزارة من خلال سرقة جهود المحافظة واختيار شخصية مقربة منها لتولي منصب وزارة النفط، إلا أن هذا لن يحدث بجهود وعزيمة النواب لاختيار ممثليهم في الحكومة".
وبيّن الزيادي أن "نواب محافظة البصرة سيحاولون خلال أيام معدودة اختيار شخصية قادرة على تمثيل محافظة البصرة".
من جهته قال النائب عن محافظة البصرة عامر الفايز لـ"عربي بوست"، إن "هناك 25 ممثلاً لمحافظة البصرة في مجلس النواب من واجبهم الشرعي المطالبة بالاستحقاق الانتخابي واختيار وزارة أخرى من الوزارات السبعة المتبقية في الكابينة الوزارية".
وأضاف الفايز: "سنعمل نحن كنواب محافظة البصرة على ترشيح عدة شخصيات لتولي وزارة من الوزارات المتبقية في حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي".
وكان مجلس النواب العراقي قد صوّت، الأربعاء الماضي، على منح الثقة لحكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في جلسة حضرها 266 نائباً من أصل 329.
وصوّت البرلمان العراقي في جلسة منح الثقة للحكومة على 15 وزيراً من أصل 22 وهم كل من: جمعة عناد وزيراً للدفاع، وعثمان الغانمي وزيراً للداخلية، وعلي عبدالأمير علاوي وزيراً للمالية، وخالد نجم بتال وزيراً للتخطيط، ونازلين محمد وزيرة للإسكان والإعمار، وحسن محمد عباس وزيراً للصحة، ونبيل كاظم عبدالصاحب وزيراً للتعليم، وماجد مهدي علي وزيراً للكهرباء، وناصر حسين بندر حمد وزيراً للنقل، وعدنان درجال مهدي علي وزيراً للشباب والرياضة، ومنهل عزيز وزيراً للصناعة، وأركان شهاب وزيراً للاتصالات، وعادل حاشوش وزيراً للعمل والشؤون الاجتماعية، ومهدي رشيد وزيراً للموارد المائية، وعلي حميد مخلف وزيراً للتربية،، فيما أرجأ المجلس التصويت على مرشحي وزارتي الخارجية والنفط إلى جلسة أخرى لعدم الاتفاق على تسمية المرشحين.
وخلال الجلسة رفض مجلس النواب منح الثقة لكل من مرشح وزارة التجارة نوار نصيف جاسم، والزراعة إسماعيل عبدالرضا، والثقافة والآثار هشام صالح داود، والعدل عبدالرحمن مصطفى، والهجرة والمهجرين ثناء حكمت ناصر.