عاودت بعض المدن اللبنانية، مساء الأربعاء 29 أبريل/نيسان 2020، التظاهر والاحتجاج من جديد؛ تنديداً بتردي الأوضاع المعيشية، في بلد يعاني أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه، أدت إلى فقد العملة المحلية أكثر من نصف قيمتها منذ أكتوبر/تشرين الأول 2019، وزيادة التضخم، وارتفاع البطالة.
التظاهرات والاحتجاجات دفعت رئيس الحكومة، حسان دياب، إلى إطلاق تحذيرات، واتهامات بوجود "خطة خبيثة" تدعم التظاهرات، ولوَّح بكشف أسماء "المحرضين".
ففي مدينة صيدا بجنوب البلاد، نفذ محتجون وقفة احتجاجية أمام فرع مصرف لبنان، واعتلى عشرات منهم البوابة الحديديّة للمصرف، وسط هتافات تندد بالسياسات المالية، وتطالب باسترجاع الأموال المنهوبة.
قنابل مولوتوف: ألقى محتجون قنابل مولوتوف (زجاجات حارقة) ومفرقعات نارية وحجارة باتجاه مبنى المصرف، في ظل انتشار كثيف لقوات الأمن.
في الجنوب دائماً، هذه المرة في حاصبيا، احتجّ عدد من أبناء المنطقة، رافعين الأعلام اللبنانية، ومستنكرين تردي الأوضاع المعيشية. أما في العاصمة بيروت، فألقى مجهولون قنابل مولوتوف على مبنى أحد فروع المصارف في منطقة الشويفات (غرب)، واقتصر الأمر على تحطيم زجاج.
الأمر نفسه حدث في طرابلس، عاصمة الشمال، حيث انطلقت مسيرات راجلة بأرجاء المدينة، رفضاً للغلاء المستفحل، وسط تدابير أمنية مشددة، إذ قطع عشرات المحتجين أحد شوارع المدينة بإطارات مشتعلة، مطلقين هتافات تطالب بمحاسبة الفاسدين واسترداد الأموال المنهوبة، وإجراء انتخابات نيابية مبكرة.
وهو ما تسبب في وقوع احتكاك بين متظاهرين وعناصر من الجيش بالمدينة، استخدم فيها محتجون حجارة ومفرقعات نارية.
شرقاً، بالتحديد في البقاع، قطع عشرات المحتجين حركة السير على طريق عام تعلبايا بالاتجاهين.
استهداف المصارف: تأتي هذه الموجة من الاضطرابات بعد انهيار قيمة الليرة اللبنانية الأسبوع الماضي، مما يُنذر بزيادة جديدة في الأسعار بالبلد المعتمد بشكل أساسي على الاستيراد.
إذ عمد المحتجون إلى إثارة أعمال عنف وتخريب وإغلاق طرقات وإحراق مقرات مصارف وآليات عسكرية، فضلاً عن اشتباكات مع الجيش وقوى الأمن، سقط فيها قتيل وجرحى.
في الأيام القليلة الماضية، تم استهداف المصارف التي منعت المودعين من سحب أموالهم بالدولار، بغية الحفاظ على العملة الصعبة الشحيحة، وأحرق محتجون واجهات عدة مصارف ودمروا ماكينات الصراف الآلي بعدة مدن.
تأتي هذه الاضطرابات في وقت توشك فيه بيروت على إتمام خطة إنقاذ مالية ستضع أسس التفاوض مع حاملي السندات الأجانب بعدما تخلَّف لبنان عن سداد ديونه الشهر الماضي؛ في محاولة للحفاظ على السيولة المالية للواردات الضرورية.
خطة خبيثة: في أول رد فعل له على هذه الأعمال، حذَّر رئيس الحكومة، حسان دياب، الأربعاء، من "خطة خبيثة" لـ"وضع الناس ضدّ الجيش"، مهدداً بإعلان أسماء ما قال إنها "جهات" تحرّض على الشغب خلال الاحتجاجات الشعبية.
دياب شدد خلال ترؤسه جلسة لمجلس الوزراء، على أن "انتفاضة الناس ضد الفساد والفاسدين الذين أوصلوا البلد إلى هذا الانهيار انتفاضة طبيعية".
تحذير الرئيس يأتي والبلد يشهد منذ 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019، احتجاجات شعبية ترفع مطالب سياسية واقتصادية، رفضاً للأوضاع المعيشية المتردية.
وسبق أن أجبر المحتجون، بعد 12 يوماً من الاحتجاجات، حكومة سعد الحريري على الاستقالة، وحلَّت محلها حكومة دياب، في 11 فبراير/شباط الماضي.