تستعد أوروبا لدخول أسبوع حاسم يتواصل خلاله رفع تدابير العزل المفروضة لاحتواء فيروس كورونا المستجد، لا سيما إسبانيا التي فرضت قيوداً مشددة منذ أسابيع، في وقت تخطت فيه حصيلة الوفيات الناجمة عن اﻹصابة بالفيروس عتبة 200 ألف شخص حول العالم.
تعايش مع الفيروس: يأتي رفع تدابير العزل في أوروبا بعدما قررت بلدان عدة، الدخول في مرحلة التعايش مع الفيروس، ففي إسبانيا ثالث أكثر دولة تضرراً في العالم من كورونا، سيُسمح للأطفال، اعتباراً من الأحد 26 أبريل/نيسان 2020، بالخروج من منازلهم، للمرة الأولى منذ ستة أسابيع.
تخضع البلاد منذ 14 مارس/آذار 2020، لإجراءات عزل مشددة، مُددت حتى 9 مايو/أيار 2020، وكانت تحظر الخروجَ على من تقل أعمارهم عن 14 عاماً حتى لو كانوا برفقة أهاليهم، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.
بالتزامن مع إقدام دول أوروبية على تخفيف قيود العزل، فإن الحكومات تخشى أيضاً تبعات هذه الإجراءات على مستوى الإصابات الجديدة، لذلك فإنها تشدد في الإجراءات الاحترازية بالأماكن العامة، مثل التشديد على ارتداء الكمامات، وترك مسافات جيدة بين البشر.
من جانبه، يقدّم رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، الثلاثاء 28 أبريل/نيسان 2020، خطته الموسعة للخروج من الإغلاق، ويرجَّح تنفيذها في النصف الثاني من مايو/أيار.
أما إيطاليا فقد أعلنت، السبت 25 أبريل/نيسان 2020، عن خطط لوضع حد لأسعار كمامات الوجه وزيادة اختبارات الأجسام المضادة، مع اقترابها من نهاية أطول فترة إغلاق وطنية لاحتواء فيروس كورونا.
وتنتظر الدولة اتخاذ قرار مصيري في نهاية هذا الأسبوع، بشأن أي من القيود سيتم رفعها عندما ينتهي العمل بفترة الإغلاق الحالية في 3 مايو/أيار.
في هذا السياق، قالت وكالة الأنباء الفرنسية إنه على الأرجح سيُسمح للإيطاليين، في بداية مايو/أيار 2020، بمغادرة منازلهم بِحرية لأول مرة منذ 9 مارس/آذار، وقد يعاد فتح الحدائق والمتنزهات وأن تبدأ البلاد بشق طريقها للخروج من تجربتها الأكثر إيلاماً منذ الحرب العالمية الثانية.
بدورها ذكرت تقارير وسائل إعلام، أن المطاعم ستستأنف عملها، على أن تؤمّن خدمة الطلبات الخارجية فقط، وسيبقى كل شيء آخر مغلقاً في 4 مايو/أيار، وكتبت صحيفة "كورييري ديلا سيرا" أن الحكومة قد تعيد فتح المتاحف في 18 مايو/أيار؛ في محاولة لإرسال "رسالة متفائلة إلى العالم بأن إيطاليا عادت إلى ما كانت عليه (بحكمة وحذر)".
في سياق متصل، سيكشف رئيس الوزراء الفرنسي، إدوار فيليب، الثلاثاء المقبل، أمام البرلمان "الاستراتيجية الوطنية لخطة رفع العزل"، الذي يُفترض أن يبدأ في 11 مايو/أيار المقبل.
تخضع فرنسا منذ 17 مارس/آذار 2020، لقيود، على خلفية تفشي الفيروس، وتواجه الحكومة تحدي تحقيق توازن دقيق لإنعاش الاقتصاد دون التسبب في عودة الوباء، وتخشى السلطات تراخي المواطنين مع اقتراب مايو/أيار وانتهاء شهرين من العزل.
تقول وكالة الأنباء الفرنسية، إن هنالك تحدياً هائلاً -على ما يبدو- فيما يتعلق بالتفاوض على أفضل وجه للخروج التدريجي من مرحلة التوقف التي أغرقت البلاد في أسوأ ركود منذ الحرب العالمية الثانية، في وقت يراهن رئيس الدولة كثيراً على رفع العزل.
عودة للحياة الطبيعية: كانت بعض الدول الأوروبية قد بدأت فعلياً، نهاية الأسبوع الماضي، بتخفيف إجراءات العزل، وفي هذا الإطار، أعلن رئيس وزراء تشيكيا، أندري بابيس، أنه لا يؤيّد تمديد حالة الطوارئ مرة أخرى، بعد أن تم تمديدها سابقاً حتى نهاية أبريل/نيسان الحالي.
كذلك فإن صربيا، التي تشهد استمراراً لحالة الطوارئ، أعلنت إعادة فتح الأسواق بشكل جزئي، ووضعت السلطات شروطاً لأصحاب المحلات المفتوحة، مثل إلزامهم بارتداء الكمامات الطبية والقفازات ومراعاة التباعد.
آمال مبددة: وفي ضوء رفع القيود، تبدأ بعض الدول، لا سيما إيطاليا، حملة اختبارات للأجسام المضادة على 150 ألف شخص على المستوى الوطني؛ في محاولة لمعرفة المزيد حول هذا الوباء.
لكن منظمة الصحة العالمية بددت، السبت، آمال الذين كانوا يراهنون على مناعة محتملة لدى الأشخاص الذين أصيبوا بالفيروس وتعافوا، باعتبار أنها مقدمة لاستعادة النشاط الاقتصادي، عبر إصدار "جوازات مرور مناعية".
فقد حذَّرت منظمة الصحة من أنه "ليس هناك حالياً أي إثبات على أن الأشخاص الذين تماثلوا للشفاء من كوفيد-19 ولديهم أجسام مضادة، باتت لديهم مناعة تقيهم من الإصابة به مرة ثانية".
أوضحت كذلك أنه لا توجد "عناصر كافية" لتقييم مدى موثوقية "جوازات المرور المناعية" و"استخدام تلك الشهادات قد يزيد من خطر انتقال العدوى"، إذ قد يعتقد الأشخاص "أنهم محصنون" ويتجاهلون التدابير الصحية.