قالت صحيفة The New York Times الأمريكية إن صراعاً قوياً يحدث بين العراق وإيران حول إعادة فتح الحدود بين البلدين، التي أغلقها العراق منذ 5 أسابيع للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد.
فمن ناحية، ترغب إيران، وهي واحدة من بؤر تفشي الفيروس بالعالم، في إعادة فتح الحدود فوراً لاستئناف التعاملات التجارية للمساعدة في تحقيق استقرار اقتصادها، ومن ناحية أخرى يقاوم العراق الذي يخشى فتح حدوده أمام أشد دول المنطقة تضرراً بالفيروس.
تصريحات إيرانية تصدم العراق: فيما أعلن رئيس منظمة الحج والزيارة في إيران، علي رضا رشيديان، الأسبوع الماضي "بدء التخطيط لإعادة فتح الحدود بين العراق وإيران"، فيما صُدِم المسؤولون العراقيون من هذه التصريحات وسارعوا بنشر نفي.
علاء الدين القيسي، المتحدث باسم هيئة المنافذ الحدودية العراقية، قال: "معابرنا الحدودية البرية مع إيران والكويت مغلقة بالكامل في وجه حركة الركاب والتبادل التجاري، وسيستمر هذا الإغلاق حتى إشعار آخر".
إذ كشف بدر الزيادي، نائب في البرلمان العراقي من مدينة البصرة الحدودية وعضو لجنة الدفاع والأمن، أن إيران تضغط من وراء الستار على وزير الخارجية العراقي لفتح الحدود.
كورونا أشعل أزمة بين البلدين: ووصل فيروس كورونا المستجد لأول مرة إلى العراق من إيران، وبعد جهود مضنية استطاع العراق الحفاظ على عدد حالات الإصابة منخفضاً نسبياً، ولم يُبلِّغ سوى عن 82 حالة وفاة ناجمة عن الفيروس بحلول يوم الإثنين، 20 أبريل/نيسان.
لمواجهة ذلك، أغلق العراق حدوده مع إيران التي تمتد بطول 1000 ميل (1609 كيلومترات) أمام المواطنين الإيرانيين في 8 مارس/آذار، وبعد أسبوع توقف عن السماح حتى للمواطنين العراقيين الذين يعيشون في إيران بالعودة إلى وطنهم.
أما الآن، فإن قادة إيران يائسون لإنعاش الاقتصاد الذي يترنح تحت عبء العقوبات الأمريكية وأسعار النفط المنخفضة. وأعادوا فتح المدن مؤخراً وأنهوا سياسة الدولة التي تأمر المواطنين بعزل أنفسهم في بيوتهم لمحاولة إعادة الإيرانيين إلى العمل.
ومع ذلك، سيكون من الصعب على طهران إعادة تشغيل بعض صناعاتها غير النفطية بكامل طاقتها من دون استعادة التجارة والحركة مع العراق وتجمع بين الدولتين علاقة مشحونة ومعقدة، وصلات وعداوات متداخلة تعود لمئات السنين.
النفوذ الإيراني بالعراق: يأتي هذا النزاع في وقت يتصاعد فيه الضغط داخل العراق للحد من نفوذ إيران، التي أصبحت فاعلاً متزايد القوة في الشؤون العراقية منذ أن أطاحت الولايات المتحدة وحلفاؤها بحكومة الديكتاتور العراقي صدام حسين في عام 2003.
يُذكر أن المشاعر المُعادية لإيران برزت إلى السطح خلال احتجاجات مناهضة للحكومة اندلعت في العراق الخريف الماضي.
إذ قال عباس كاظم، مدير مبادرة العراق التابعة للمجلس الأطلسي الأمريكي: "خلال تلك الاحتجاجات، بدأ الأمر بدعوة لشراء المنتجات العراقية، وكثير من الناس اعتبروا ذلك فعلاً قومياً، حتى أن الطلب زاد على بعض المنتجات العراقية".
إبعاد العراق عن إيران: أما الآن، في وقت تفشي فيروس كورونا المستجد، والمخاطر المرتبطة التي تهدد صحة العراقيين، اجتذب الضغط لإبعاد العراق عن إيران تأييداً أوسع.
فيما يلاحظ المراقبون السياسيون في العراق مقاومة من بغداد لإعادة فتح الحدود، في إشارة إلى أن العراقيين لم يعودوا يريدون أن تفترض إيران أنها تستطيع الحصول على ما تريده من بلادهم، عندما تريد.
ياسين البكري، أستاذ العلوم السياسية في جامعة النهرين ببغداد، قال إنَّ "الفيروس أعطى العراقيين غطاءً ومبرراً للتعبير عن مشاعرهم بشأن العلاقة بين العراق وإيران".
مضيفاً: "يدرك الكثير من العراقيين أنَّ هناك جوانب سلبية عديدة في هذه العلاقة تضر بهم، لكنهم يتخوفون من التعبير عن هذه الأمور علناً. لكن اليوم أعطاهم الفيروس طريقة مقبولة لقول ذلك".