حشر الصين بالزاوية.. دول تضغط لمحاسبتها على كورونا، ودعاوى تطالبها بتريليونات الدولارات كتعويض

بعدما امتص العالم الصدمة الأولى لتفشي جائحة كورونا، بدأ الاهتمام ينصب على ضرورة محاسبة الصين، التي تتهمها أطراف عدة بالمسؤولية عن انتشار الفيروس الذي قتل 165ألف شخص وما زالت الحصيلة تتزايد، وبدأت بكين بالفعل تستشعر تزايد الضغوط عليها سواء من قبل الدول أو شركات حقوقية تُطالب بالمحاسبة والتعويضات.

عربي بوست
تم النشر: 2020/04/20 الساعة 11:30 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/04/21 الساعة 06:36 بتوقيت غرينتش
رئيس الصين شي جين بينغ - رويترز

بعدما امتص العالم الصدمة الأولى لتفشي جائحة كورونا، بدأ الاهتمام ينصب على ضرورة محاسبة الصين، التي تتهمها أطراف عدة بالمسؤولية عن انتشار الفيروس الذي قتل  165ألف شخص وما زالت الحصيلة تتزايد، وبدأت بكين بالفعل تستشعر تزايد الضغوط عليها سواء من قبل الدول أو شركات حقوقية تُطالب بالمحاسبة والتعويضات.

دول غاضبة: يعتقد محللون بأن هنالك تكتلاً ينشأ الآن بين الولايات المتحدة ودول أخرى، هدفه حشر الصين في الزاوية، وجعل بكين تخضع للمحاسبة و"تدفع ثمن خطئها" بالتعامل مع أزمة كورونا، وإخفائها لتفشي الفيروس لأيام سمحت خلالها بسفر الملايين من مواطنيها حول العالم، وهو ما مثل سبباً رئيسياً لانتشار الجائحة. 

ففي أحدث تحرك رسمي ضد الصين، انضمت أستراليا الأحد 19 مارس/آذار 2020 إلى قائمة متنامية من الدول التي تمارس ضغطاً على بكين، وطالبت بتحقيق دولي في أصل الفيروس وكيفية انتشاره في العالم، حيث إن مدينة ووهان الصينية كانت أول منطقة ينتشر فيها كورونا.

وزيرة الخارجية الأسترالية، ماريس بين، قالت إن قلق بلادها فيما يتعلق بشفافية الصين بلغ "نقطة عالية جداً"، واعتبرت أن عواقب الوباء ستؤثر "بطريقة أو بأخرى" على العلاقات بين أستراليا والصين.

فيما لو تمت الاستجابة لدعوة أستراليا في فتح تحقيق دولي فإن الصين ستجد نفسها أمام واحدة من أكبر الأزمات الدبلوماسية التي تواجهها، خصوصاً فيما لو فُتح الباب لمواطني الدول برفع دعاوى قضائية ضد بكين، وهو أمر كان قد بدأ بالفعل في الولايات المتحدة. 

انزعاج أمريكي: تأتي دعوة أستراليا للتحقيق في الجائحة، بعدما صعّد الرئيس الأمريكي دونالد من ترامب من حدة انتقاده للصين، ودوروها في انتشار كورونا، إذ يتهمها هو وكبار مساعديه بغياب الشفافية بعد انتشار الفيروس.

ترامب هدد بشكل واضح بكين، وقال السبت 18 أبريل/نيسان 2020، بأنه "لا بد وأن تواجه الصين العواقب" لو ثبت بأنها تعمدت نشر فيروس كورونا.

وفي خطوة إضافية للضغط عليها، قال ترامب إن بلاده تريد إرسال محققين للأراضي الصينية لكن السلطات هناك ترفض. 

في هذا السياق، أشار ترامب الأحد 19 أبريل/نيسان 2020، في مؤتمره الصحفي اليومي حول كورونا، الذي يتابعه الأمريكيون ووسائل الإعلام العالمية: "نحن نتحدث إلى الصين. تحدثنا إليهم منذ وقت طويل عن الدخول. نريد الدخول. نريد أن نرى ما يحدث، لكن لم تتم دعوتنا بالضبط، يمكنني أن أخبركم بذلك"، وفقاً لما ذكرته شبكة CNN الأمريكية. 

قبل تهديد ترامب توعد وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو بمحاسبة الصين، لعدم إعطائها المجتمع الدولي معلومات كافية عن وباء كورونا مبكراً، وقال في تصريحات لصحيفة "بيلد" الألمانية: "سيأتي الوقت لتُحاسب فيه الصين حيال مسؤوليتها، وأنا واثق من ذلك".

وعلى خلاف التهديدات الكلامية، قدم  السيناتور الأمريكي توم كوتون والنائب دان كرينشو الجمهوريان، الجمعة 17 أبريل/نيسان 2020، تشريعاً يسمح للأمريكيين بمقاضاة الصين في المحكمة الفيدرالية الأمريكية، للحصول على تعويضات الوفاة والإصابة والضرر الاقتصادي الناجم عن فيروس كورونا المستجد. 

كذلك بعث السيناتور الجمهوري مايك روبيو رسالةً إلى ترامب، يدعوه فيها لتشكيل تحالف دولي، وفتح تحقيق دولي في جهود الصين لإخفاء الفيروس، وفشلها في تقديم تحذيرات مناسبة للعالم، وأكد أن التحقيق ينبغي أن يشمل كذلك منظمة الصحة العالمية. 

دعوى قضائية كبيرة: على صعيد الشركات الحقوقية فقد رفع مجموعة من المحامين في الولايات المتحدة عدة دعاوى قضائية في المحاكم الأمريكية، وطالبوا بمقاضاة الصين وتحميلها مسؤولية تفشي كورونا. 

التحرك الأبرز كان من مجموعة "Berman Law Group"، التي رفعت دعوى قضائية ضمت 10 آلاف شخص، وتطالب بدفع الصين تعويضات بـ6 تريليونات دولار، ويتهم هؤلاء الصين بأنها السبب في تفشي الفيروس. 

كانت هذه المجموعة قد فازت قبل 3 سنوات بقضية ضد الصين بقيمة 1.2 مليار دولار بسبب تصنيع مواد بناء فيها عيوب مخالفة للشروط، وفقاً لما ذكره موقع  9News.

قناة "الحرة" الأمريكية، تقول إنه على الرغم من أن الدول تتمتع بالحصانة القانونية، إلا أن المحامين يحاولون استغلال استثناءات القانون الأمريكي الذي يسمح للأشخاص بمقاضاة الدول التي تلحق الضرر بالأشخاص وبممتلكاتهم.

ضغوط أخرى: بالإضافة إلى أمريكا وأستراليا، قالت بريطانيا الخميس 16 أبريل/نيسان 2020، إن "على الصين الإجابة على أسئلة صعبة عن كيفية ظهور فيروس كورونا وما إذا كان في الإمكان منع ظهوره".

وزير الخارجية البريطاني، دومينك راب، أشار إلى ضرورة إجراء تحليل متعمق عن تفشي الفيروس يعتمد على العلم، مضيفاً في رده على سؤال بشأن إمكانية "محاسبة" الصين "دون شك لن يمكننا العمل كالمعتاد بعد هذه الأزمة، وسيتعين علينا أن نوجه أسئلة صعبة بشأن كيفية حدوثه وعن (مسألة) أنه كان من الممكن وقفه مبكراً".

كذلك انضمت فرنسا إلى قائمة الدول الضاغطة على الصين، وقال الرئيس إيمانويل ماكرون في مقابلة مع صحيفة "فايننشال تايمز" إن "هناك بعض الغموض في إدارة الصين للوباء (…) هناك أمور جرت ولا نعرفها على ما يبدو".

هل يمكن أن يحاكم العالم الصين؟  ماثيو هندرسون وهو دبلوماسي بريطاني سابق في الصين ويعمل حالياً كمدير لمركز دراسات آسيا يستند وغيره من المطالبين بمقاضاة الصين على المادتين 6 و7 من قانون الصحة الدولية، وهي معاهدة دولية وقعت عليها بكين.

تنص المادة 6 على أن تلتزم كل دولة بالشفافية في التعامل مع المعلومات والحقائق المرتبطة بالأمراض المعدية والأوبئة بشكل فوري ومباشر، وأن تشارك باقي دول العالم كل ما يتوفر لديها من معلومات في هذا الشأن.

بينما تنص المادة 7 من ذات المعاهدة على أن تلتزم كل دولة بإبلاغ منظمة الصحة العالمية بشكل فوري عن ظهور أي مرض معدٍ داخل حدودها، وأن تسهل عمل منسوبي المنظمة في جهود استكشاف واحتواء العدوى.

لكن في الحقيقة فإن الأمر ليس بهذه البساطة لأسباب قانونية أيضاً، فالذين يستندون للمواد 6 و7 من القانون الدولي المنظم للشؤون الصحية سيواجهون عائقاً قانونياً أساسياً يتمثل في "بند السيادة" في القانون الدولي، وهو ينص على أنه "لا يجوز محاكمة أي دولة أمام المحكمة الجنائية الدولية أو أي هيئة دولية أخرى إلا بموافقة الدولة المطلوب محاكمتها"، وبالطبع الصين لن توافق على أن تتم محاكمتها دولياً.

لكن هناك بديل أمريكي وهو قيام واشنطن وحلفاؤها بتجميد أصول وأموال الشركات الصينية المملوكة للدولة، لإجبار بكين على دفع تعويضات، وفي حال لجأت الصين لمقاضاة تلك الدول يتم إذن الاحتكام للقانون الدولي فيما يخص الوباء ومسؤولية الصين عنه، وهذا السيناريو هو خطوة في سلسلة من الإجراءات تشمل اتخاذ إجراءات قانونية أمام محاكم أمريكية، تمكن الإدارة من إسقاط الديون الصينية لحكومات دول في إفريقيا وشرق أوروبا وأمريكا اللاتينية، في إطار مبادرة الحزام والطريق التي يستغلها الرئيس شي بين جينغ لفرض نفوذ الصين حول العالم.

تحميل المزيد