أجبَرَ فيروس كورونا المُستجد البابا فرنسيس على عدم الظهور علانيةً وتأجيل رحلته الأولى إلى مالطا هذا العام. وهو الآن يتلو صلوات الأحد ليس من ميدان النافذة المُطلَّة على ميدان القديس بطرس، بل من مكتبة الفاتيكان. وسوف يعقد البابا هذا الأسبوع أغلب المناسك السابقة على عيد الفصح عبر البث الحيّ المباشر.
لكن بينما يوجِّه البابا فرنسيس الكنيسة الكاثوليكية عبر العالم خلال الجائحة، فقد أوضَحَ أنه ليس مهتماً بالتباعد الاجتماعي البابوي الكامل، بحسب ما ذكرته صحيفة Washington Post الأمريكية، الجمعة 10 أبريل/نيسان 2020.
فقد أكدت الصحيفة أن البابا مستمرٌ في عقد اجتماعاتٍ شخصية، وأحياناً ما يجلس على مقربةٍ من ضيوفه. ووفقاً لصورٍ وأناسٍ قابلوه، فهو يتجنَّب ارتداء القناع الواقي. ويحاول الحفاظ على جدولٍ يوميٍّ أقرب إلى المُعتاد، حتى مع اقتراب الفيروس، إذ اكتُشِفَت حالةٌ إيجابية في أواخر مارس/آذار في مقر سانتا مارتا، حيث يقيم البابا.
يواجه البابا فرنسيس، 83 عاماً، الذي يعيش فاقداً جزءاً من رئته، أدقَّ الحسابات حول مدى تراجعه عن الظهور. وقد عبَّرَ عن ضيقه في الأسابيع الأخيرة من إحساسه بـ "الحبس"، بينما يتعارَضَ سلوكه الشخصي الاجتماعي الطليق مع التوجيهات الأفضل لكيفية احتواء الفيروس.
عزل على طريقته الخاصة: يقول مُطَّلِعون على شؤون الفاتيكان إن البابا قد قلَّصَ بالفعل تفاعلاته مع الآخرين، لكنه يحاول أيضاً أن يكون حاضراً -وليس مهتماً- خلال فترةٍ مُظلِمةٍ للحزن والتوتُّرات الاجتماعية التي تسود العالم. ويضيف هؤلاء أيضاً أن البابا يسعى لتقديم القدوة للقساوسة عبر العالم في كيفية إيجاد طرقٍ مُبتَكَرة للحفاظ على حضورهم في ظلِّ غلق الكنائس.
مع ذلك، يخشى البعض من أن البابا يخاطر كثيراً بالإصابة بالفيروس.
كما قال مسؤولٌ بالفاتيكان، مُتحدِّثاً شريطة عدم الكشف عن اسمه، لأنه لا يريد أن يظهر بمظهر المُنتقِد علناً للبابا: "دعونا نأمل ألا يُصاب بالفيروس. هل يمكنك أن تتخيَّل اجتماعاً سرياً في وقتٍ تسود فيه الجائحة؟ سيبدو الأمر وكأنه رواية خيال علمي في الفاتيكان، حاشا لله".
كان البابا قد خضع لاختبارين للإصابة بالفيروس، وظهرت النتيجة سلبية في كليهما، وفقاً لمنافذ إعلامية إيطالية.
لكن وبحسب تأكيدات مسؤول آخر تحدَّث شريطة عدم الكشف عن هويته، فإن البابا يأكل وحده. وقال المطران فينشينزو باليا، الذي قابَلَ البابا فرنسيس مرتين في الأسابيع الأخيرة، إنه خلال الزيارتين حافَظَ على "مسافةٍ مُعيَّنةٍ، لكن ليس كما لو كانت هناك معايير مُحدَّدة". وأضاف أنه غَسَلَ يديه قبل اللقاءين.
البابا منشغل بالتخطيط: وقال باليا إن البابا فرنسيس لم يكن مهتماً بالنقاش حول صحته، وكان منشغلاً في المقابل بالتخطيط لما بعد الأزمة. وأضاف، مُلخِّصاً ملاحظات البابا له: "ستنشأ مشكلاتٌ كبرى. إنه يعتقد أن العالم سوف يتغيَّر، وأن الكنيسة عليها أن تتغيَّر أيضاً".
ووفقاً لبرنامجه الصادر علناً، قابل البابا أكثر من 80 شخصاً منذ مطلع مارس/آذار، حين كان الفيروس ينتشر بالفعل عبر إيطاليا وأرجاء أخرى من أوروبا. وفي 9 مارس/آذار، استضاف مجموعةً من الأساقفة الفرنسيين، بمن فيهم واحدٌ ثبُتَت بعد ذلك إصابته بالفيروس.
ورغم رفض البابا الذهاب إلى ملجأٍ مُحصَّن، فقد قَلَبَ الفيروس الحياة في الفاتيكان رأساً على عقب، حيث ثبُتَت إصابة ثمانية مُوظَّفين بالفيروس.