على الرغم من سَنِّها للعديد من القوانين والإجراءات الزجرية، فإن حكومات دول المغرب العربي لم تستطع ضمان تجاوب شعبي كلي مع قانون الطوارئ وإجراءات الحظر المنزلي، وهو الأمر الذي دفعها إلى الرفع من لهجة تحذيراتها، وتوعُّد المخالفين بالحبس، بل حتى بإقرار قوانين جديدة تدين المخالفين بغرامات مالية ثقيلة وعقوبات بالسجن.
وانتشرت العديد من الصور وأشرطة الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي في بلدان المغرب والجزائر وتونس، تظهر عدداً من الأحياء في مجموعة من المدن وهي تغص بالمارة والبائعين، كما أن نسب الاكتظاظ في عدد من المدن لم تتغير عما كانت عليه قبل ظهور فيروس كورونا.
هذا الوضع دفع وزارات الداخلية في الدول المذكورة إلى صياغة قوانين جديدة، تهدد المخالفين بالغرامات المالية الثقيلة، أو بعقوبات بالسجن قد تصل إلى 3 أشهر.
المغرب.. الحبس لمن لا يرتدي الكمامات
أعلنت الحكومة المغربية، مساء أمس الإثنين 6 أبريل/نيسان 2020، في بلاغ مشترك لوزارات الداخلية والصحة والاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة والصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي، عن وجوب ارتداء الكمامات ابتداء من اليوم الثلاثاء، وذلك في إطار الإجراءات التي تعتمدها الدولة من أجل التصدي لوباء فيروس "كوفيد-19".
ووصلت حالات الإصابة في المغرب بهذا الفيروس إلى 1184 حالة، بعد أن سجلت اليوم 64 حالة جديدة في آخر 24 ساعة، كما توفي 90 شخصاً، و93 آخرون أعلن شفاؤهم من الفيروس.
وأقرت الحكومة المغربية مجموعة من العقوبات الزجرية في حق المخالفين لهذا القرار، إذ من ضُبط مغادراً لمنزله دون ارتدائه الكمامات الواقية فسوف يتم توقيفه، كما سيكون مُهدداً بغرامة مالية تتراوح ما بين 300 و1300 درهم (بين 30 و130 دولاراً)، بالإضافة إلى عقوبة بالسجن تتراوح ما بين شهر واحد وثلاثة أشهر.
وأعلنت الحكومة أيضاً أنها سوف تزود الأسواق المغربية بالعدد الكافي من الكمامات، وستوفرها بأثمان مناسبة بأقل من درهم مغربي، حتى تكون في متناول الجميع.
وبالموازاة مع ذلك، أمر المدعي العام المغربي (الوكيل العام للملك ورئيس النيابة العام) جميع المحاكم المغربية بالتطبيق التام والصارم لمقتضيات قوانين الطوارئ الجديدة، داعياً إلى عدم التساهل مع المخالفين.
كما سبق للمديرية العامة للأمن المغربي أن أكدت في وقت سابق توقيفها لمئات الأشخاص في عدد من المدن المغربية بسبب تورطهم في هذه الخروقات، بالإضافة إلى توفيق أكثر من 8000 شخص بسبب ترويج أخباء كاذبة.
الجزائر.. الوزير الأول يحذر
الجارة الشرقية للمغرب لم يعد أمامها سبيل للتصدي لهذه الجائحة، التي تزحف بشكل سريع، وأصبحت تودي بحياة العديد من الأشخاص، سوى التطبيق الصارم لقوانين حظر التجول، و"تنزيل أقصى العقوبات بالمخالفين".
هذا ما عبر عنه الوزير الأول الجزائري عبدالعزيز جراد، في تصريح له، الثلاثاء 7 أبريل/نيسان 2020، نقلته صحيفة "الشروق" الجزائرية.
وأعلنت وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات الجزائرية، اليوم، تسجيل 20 وفاة و45 إصابة جديدة بفيروس كورونا، لترتفع الحصيلة الإجمالية إلى 193 وفاة و1468 إصابة مؤكدة.
ولاحظ الوزير الأول الجزائري، عقب المرحلة الأولى من الحجر المفروضة على المواطنين، وجود "بعض أوجه التقصير الناجمة عن عدم التقيد بالإجراءات المرتبطة بالحجر".
كما وجه تعليماته إلى السلطات العمومية من أجل "فرض احترام التدابير المتخذة لحماية السكان والعمل على تطبيق القانون بكل صرامة، من خلال تطبيق العقوبات الجزائية المنصوص عليها لهذا الغرض".
ويمنع على كل الجزائريين مغادرة منازلهم، إلا لقضاء بعض الحاجات الضرورية كالتسوق أو التطبيب.
وذكّر الوزير الجزائري في نفس الخطاب، بالعقوبات المسلطة على المخالفين، والمتمثلة في غرامة مالية متراوحة ما بين 3 آلاف إلى 6 آلاف، علاوة على عقوبات الحبس التي قد تصل إلى 3 أشهر، بالإضافة إلى حجز السيارات والعربات والدراجات المخالفة.
تونس.. خرق الطوارئ كالقتل بالخطأ
اليوم أيضاً، توعّد وزير الداخلية التونسي هشام المشيشي، مخالفي إجراءات الحجر الصحي بالصرامة في تطبيق القانون، مؤكداً على أن الوضع يتطلب التزاماً من الجميع من أجل التصدي لهذا الوباء الفتاك.
ومساء الإثنين، أعلنت وزارة الصحة ارتفاع عدد إصابات كورونا إلى 596، بينها 22 وفاة.
وزير الداخلية التونسي، قال في ندوة مشتركة مع وزير الصحة، إن الوضع أصبح خطيراً للغاية، والمخاوف أصبحت كبيرة، لذلك يتعيّن على الجميع التجند للوقوف أمام هذا الخطر الداهم.
وشدّد المتحدث ذاته على أن الحكومة ستكون "صارمة في تطبيق القانون لمن لم يلتزم بالحجر الصحي"، مشيراً إلى أن "التبعات القضائية اللاحقة للمخالفين قد تصل إلى تهم بالقتل على وجه الخطأ، أو الإضرار على وجه الخطأ".
وأوضح المشيشي بأنه "تم حتى الآن توقيف أكثر من 600 شخص، وفرض الإقامة الجبرية على أكثر من 70 آخرين، ممن لم يلتزموا بالحجر الصحي، ستكون هناك توقيفات وقرارات بالإقامات الجبرية، مسؤوليتنا حماية الشعب، وليس تقليص الحريات".
وأضاف المشيشي: "لو لم يتم التحكم في الوباء فإنه من الممكن أن نرى صوراً صادمة لاحقاً، كمن يموتون على أعتاب المستشفيات، وهو ما قد يخلق أزمة مجتمعية وأخلاقية".