أصاب فيروس كورونا السلطات الإسبانية بحالة عجز، خاصة بالقطاع الصحي، الذي أخذ نصيبه الأكبر من الأزمة في ظل تزايد عدد الإصابات التي وصلت إلى الآلاف، وعدم قدرة المستشفيات على استيعاب مرضى الفيروس.
رواد مواقع التواصل الاجتماعي، تداولوا الثلاثاء 17 مارس/آذار 2020، فيديو لمسنة إسبانية رفض المسؤولون بمستشفى مدريد الحكومي استقبالها، رغم إصابتها بكورونا المستجد بعد ساعات قليلة من موت زوجها دون معرفة سبب الوفاة.
اللقطات أظهرت المرأة المسنة، أمام المستشفى العام بمدريد، وهي تبكي بشدة وأعراض كورونا بادية عليها، حيث لاقت صعوبة بالغة في التنفس، بعد أن أعلمها المسؤولون بالاعتناء بنفسها بالمنزل، لأن المستشفيات قررت استقبال الحالات الحرجة فقط، لأنه لم يعد لديها طاقة على استيعاب عدد كبير من المرضى.
صحيفة Dailymail البريطانية قالت إن المستشفيات في إيطاليا وإسبانيا الموجودة في المدن الموبوءة اضطرت إلى رفض استقبال مرضى كورونا، بسبب عدم قدرتها على علاجهم، مطالبة المواطنين بالاعتناء بأنفسهم بالمنزل وعدم التوجه إلى المستشفيات إلا في الحالات الحرجة جداً.
الأطباء في إسبانيا وإيطاليا وضعوا شروطاً لاستقبال المرضى، بإيطاليا قالت السلطات إن هناك خططاً طارئة للمرضى الذين تزيد أعمارهم على 80 سنة، والذين يصعب عليهم تلقي رعاية خاصة من منازلهم.
شهادات من داخل المستشفيات الإسبانية
الممرضة الإسبانية كورال ميرينو تعمل في طوارئ مستشفى جامعة "برينيسي دي استورياس" بمدريد، قالت وهي تلتقط الأجواء القاتمة داخل أحد المستشفيات الإسبانية إن "الذهاب إلى العمل أصبح مثل الذهاب إلى الحرب، الوضع أصبح سيئاً جداً والكثير من زملائنا أصيبوا"، مضيفةً: "كل يوم أذهب إلى العمل أشعر بالخوف والتوتر والألم عندما أشهد على هذا الموقف".
كما أشارت كورال إلى الأزمة التي تشهدها مستشفيات بلادها قائلة إن الأطقم الطبية أصبحت مضطرة في بعض الأحيان للعمل بأقل المعدات الطبية، ومعدات الحماية والأقنعة، والعباءات الطبية بسبب نفادها.
وعن طاقة استيعاب المستشفيات بإسبانيا، قالت كورال: ليس كل من يعاني من أعراض بسيطة يأتي إلى المستشفيات، وقلة الوعي تسبب لنا أزمة حقيقية، ستنهار المستشفيات بسبب هؤلاء.
كورال ذكرت كذلك تفاصيل عما يحدث بداخل المستشفيات مع مرضى كورونا قائلة: "يموت الكثير بمفردهم بدون عائلاتهم. بغض النظر عن مدى محاولتك عدم التأثر، فأنت تأخذهم معك إلى المنزل. أنت تبكي فقط، تبكي كثيراً على ما يحدث".
من جهته، طالب ممرض إسباني بتخفيف الضغط على المستشفيات والأطباء، قائلاً: "لا تأتوا إلى المستشفى إذا كانت لديكم أعراض طفيفة، اتركوا الفرصة للعجزة الذين لن يجدوا من يرعاهم".
يأتي هذا في وقت أصبح فيه تفشي الفيروس بإسبانيا وإيطاليا هو الأسوأ في العالم، حيث تم تسجيل في وقت سابق ما يقرب من 1000 إصابة جديدة خلال الـ24 ساعة فقط.
آخر تطورات الفيروس بإسبانيا
قال مدير مركز الطوارئ الصحية إن عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا في إسبانيا تجاوز 10 آلاف، الثلاثاء 17 مارس/آذار 2020، بينما ارتفعت الوفيات إلى 491. وأضاف أن عدد الإصابات زاد إلى 11178 اليوم من 9161 أمس الإثنين.
فيما أعلنت الحكومة عن حزمة ضخمة حجمها 200 مليار يورو (220 مليار دولار) لمساعدة الشركات وحماية العمال والفئات الضعيفة المتأثرة بأزمة فيروس كورونا الآخذة بالاتساع.
وستدفع إسبانيا إعانات العمال المسرحين تسريحاً مؤقتاً وتعلق مدفوعات الرهن العقاري لمن تأثرت وظائفهم بتفشي الفيروس، إلى جانب إجراءات أخرى.
وقال رئيس الوزراء الإسباني سانتشث: "نريد أن نحمي الوظائف ونريد من الشركات أن تعلم أن الحكومة ستساعدهم.. لن نتخلى عن أحد".
وأضاف أن الأزمة الصحية تسببت في توقف عجلة الاقتصاد بالبلاد، لكنه لم يذكر إن كان الأمر قد يصل إلى درجة الانكماش الاقتصادي كما في دول أخرى مثل فرنسا. وقال إن الحكومة ستحتاج إلى "ميزانية إعادة بناء" جديدة للتعامل مع ما بعد الوباء عندما ينحسر.
كورونا يواصل انتشاره
وحتى مساء الثلاثاء 17 مارس/آذار 2020، أصاب كورونا أكثر من 197 ألفاً في 163 دولة وإقليماً، توفي منهم أكثر من 7900، أغلبهم في الصين وإيطاليا وإيران وإسبانيا وكوريا الجنوبية وألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة.
كما أجبر انتشار كورونا على نطاق عالمي دولاً عديدة على إغلاق حدودها، وتعليق الرحلات الجوية، وإلغاء فعاليات عديدة، ومنع التجمعات، بما فيها صلوات الجمعة والجماعة.
يُشار إلى أنه في 11 مارس/آذار 2020، صنفت منظمة الصحة العالمية كورونا "جائحة"، وهو مصطلح علمي أكثر شدةً واتساعاً من "الوباء العالمي"، ويرمز إلى الانتشار الدولي للفيروس، وعدم انحصاره في دولة واحدة.