كشفت شكوى جنائية قدمها مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي أنَّ حملة المسؤولين السعوديين لاستدراج عاملين في موقع تويتر للتجسس على مستخدمي الشبكات الاجتماعية في مقابل أموال وهدايا، بدأت بطلب بسيط تمثَّل في توثيق حساب على المنصة الاجتماعية في 2014، وفق ما ذكره تقرير صحيفة The Daily Mail البريطانية، الخميس 20 فبراير/شباط 2020.
لماذا الخبر مهم؟ بعد أسابيع من توجيه اتهامات إلى موظفين في تويتر بالعمل لحساب أجهزة الاستخبارات السعودية، من خلال التجسس على معارضين سعوديين وغيرهم من المقيمين خارج المملكة، لأول مرة يتم الكشف عن الطريقة التي تمكنت بها المملكة من استمالة الموظفين السابقين في تويتر.
تفاصيل الخبر: تودَّدت الحكومة السعودية إلى أحمد أبوعمو (41 عاماً)، وعلي آل زبارة (35 عاماً)، للحصول على معلومات عن مستخدمي الموقع الذين ينتقدون العائلة الملكية.
كما صرَّح مصدر لموقع Buzzfeed News الأمريكي بأنَّ البيانات الشخصية التي سُرِقَت كانت ستسمح للحكومة السعودية بتعقُّب أصحابها على أرض الواقع.
في حين زعم زملاء أبوعمو أنَّ موظفين آخرين تعرضوا للضغط من حكومات أجنبية ومن الإدارة الأمريكية نفسها للكشف عن معلومات شخصية لبعض المستخدمين، ولم يكونوا قد تلقوا ما يكفي من تدريب لتأهيلهم للتعامل مع مثل هذه الضغوط.
إذ أُجرِي تدقيق حديث في شكوى مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي التي قدمها في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، كشف عن مدى تحركات أبوعمو وآل زبارة في تويتر، وأزاح الستار عن قابلية مواقع الشبكات الاجتماعية للاختراق.
صورة أوضح: أفادت صحيفة The Washington Post الأمريكية بأنَّ أبوعمو، مواطن أمريكي، وآل زبارة، مواطن سعودي يقيم في ولاية كاليفورنيا الأمريكية، تحركا بتوجيهات من المسؤول السعودي بدر العساكر. وقال مدَّعون عامون إنَّ "العساكر" يعمل لدى رجل يُوصَف بأنه "الفرد الأول في العائلة الملكية"، والذي قيل إنه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
اتُّهِم الاثنان بالتجسس سراً لحساب الحكومة السعودية، لكن آل زبارة فرَّ من الولايات المتحدة إلى السعودية مع زوجته وابنته بعد يوم من مواجهة تويتر له وإيقافه إدارياً عن العمل.
يعمل أبوعمو مديراً للشراكات الإعلامية في تويتر منذ عام 2013. وكانت لديه صلاحية الوصول إلى عناوين البريد الإلكتروني وأرقام هواتف حسابات تويتر، وكان مسؤولاً عن تطور الموقع في الشرق الأوسط.
وفقاً لمكتب التحقيقات الفيدرالي، فسدت ذمة أبوعمو بعدما طلبت منه شركة للعلاقات العامة تمثل السفارة السعودية توثيق حساب على تويتر -بمنحه العلامة الزرقاء- ينتمي إلى شخصية إعلامية سعودية لم يُفصَح عن اسمها.
ثم طلب مجلس الأعمال الأمريكي السعودي في ولاية فرجينيا من أبوعمو تنظيم جولة بمقر الشركة في سان فرانسيسكو، قيل إنَّ "العساكر" حضرها. وقبل أسبوع واحد من إطلاع أبوعمو، "العساكر" على معلومات تخص معارضين سعوديين، سافر إلى لندن حيث التقى "العساكرَ"، الذي قدَّم له ساعة من طراز "هوبلو" خلال اجتماع في العاصمة البريطانية.
ماذا أيضاً؟ يزعم Buzzfeed News أنَّ زميلاً سابقاً لأبوعمو قال إنَّ تويتر لم يكن متأهباً للتعامل مع الموظفين الذين يمكنهم تسليم بيانات خاصة بالمستخدمين إلى الحكومات الأجنبية.
كما قال المصدر إنَّ تويتر فشل في توفير تدريبٍ كافٍ على التحديات التي قد يواجهها موظفوه. وتابع: "لم يخبرنا أحد بأن (جهات أجنبية) قد تتواصل معنا، وأننا قد نتعرض للتخويف للكشف عن أي نوع من معلومات تويتر".
يُزعَم أيضاً أنَّ زميلاً سابقاً قال إنَّ أجهزة الأمن الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية، وضمنها البنتاغون ووكالة الاستخبارات المركزية، طلبت من موظفي تويتر تقديم بيانات خاصة.
عودة إلى الخلف: في فبراير/شباط 2015، قدَّم أبوعمو زميله آل زبارة، وهو مهندس موثوقية الموقع بدأ العمل في تويتر منذ أغسطس/آب 2013، إلى معارفه بالسعودية.
عُيِّن آل زبارة لاحقاً بمنصب الرئيس التنفيذي لمركز مبادرات مسك الخيرية، المرتبط بمنظمة مسك غير الربحية التي أسسها الأمير محمد بن سلمان.
وولج آل زبارة إلى بيانات أكثر من 6000 مستخدم، وأخذ ملاحظات حول تحركات المستخدمين.
إضافة إلى ذلك، وُجِّهَت اتهامات إلى رجل ثالث يُدعى أحمد المطيري، البالغ من العمر 30 عاماً، وهو مسؤول تسويق سعودي، له علاقات بالعائلة المالكة، في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2019.
ويُزعَم أنَّ المطيري، الذي يُعتقَد أنه يقيم في السعودية، كان حلقة الوصل الأساسية المسؤولية عن ترتيب الاتصالات بين أبوعمو وآل زبارة والمسؤولين السعوديين.
رُفِعَت الدعوى بعد مرور أكثر من عام على مقتل الصحفي جمال خاشقجي؛ وهو ما أثار مخاوف بشأن سلامة المعارضين السعوديين.