قالت وكالة رويترز، الثلاثاء 11 فبراير/شباط 2020، إن "حزب الله" اللبناني يلعب دوراً رئيسياً في العراق، لملء فراغ مقتل القائد السابق لـ "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني.
الصورة الكبيرة: بعد فترة وجيزة من مقتل سليماني في هجوم أمريكي بطائرة مسيّرة في العراق، في يناير/كانون الثاني 2020، عقد "حزب الله" المدعوم من إيران اجتماعات عاجلة مع قادة فصائل عراقية مسلحة، وذلك لتوحيد صفوفها في مواجهة فراغ كبير خلفه مقتل سليماني، حسبما قال مصدران على دراية بتلك الاجتماعات لوكالة رويترز.
تفاصيل أكثر: أشار المصدران – اللذان لم تكشف الوكالة عن اسميهما بسبب حساسية المعلومات التي أدليا بها – إلى أن الاجتماعات استهدفت تنسيق الجهود السياسية للفصائل العراقية، التي غالباً ما تسودها انقسامات، والتي فقدت ليس فقط سليماني، وإنما أيضاً القيادي البارز في "الحشد الشعبي" الذي يقوم بدور توحيد تلك الجماعات أبومهدي المهندس.
كذلك تحدث مصدران إضافيان في تحالف إقليمي موالٍ لإيران عن أن حزب الله الذي تصنفه الولايات المتحدة منظمة إرهابية، تدخَّل للمساعدة في ملء الفراغ الذي تركه سليماني فيما يتعلق بتوجيه الجماعات المسلحة.
سلَّطت الاجتماعات الضوء على الطريقة التي تحاول بها إيران والجماعات المتحالفة معها تعزيز سيطرتها في الشرق الأوسط غير المستقر، خاصة في أعقاب مقتل سليماني.
من جانبه، تحدث مسؤول موالٍ لإيران لوكالة رويترز، عن أن توجيه "حزب الله" للجماعات المسلحة في العراق سيستمر إلى أن تتولى القيادة الجديدة في "فيلق القدس" الذي كان يقوده سليماني في الحرس الثوري الإيراني التعامل مع الأزمة السياسية في العراق.
بدورهما، قال المصدران العراقيان إن الاجتماعات بين "حزب الله وقادة الجماعات المسلحة العراقية بدأت في يناير/كانون الثاني بعد أيام فقط من اغتيال سليماني"، لكن وكالة رويترز أشارت إلى أن الاجتماعات عُقدت إما في لبنان أو في إيران.
القيادي الجديد: تحدث اثنان من المصادر عن أن الشيخ محمد الكوثراني، ممثل حزب الله في العراق، حلَّ محل سليماني الذي عمل عن قرب معه لسنوات في العراق استضاف الاجتماعات، وهو نفس الشخص الذي استضاف الاجتماعات.
أضاف المصدران أن الكوثراني "وبَّخ الجماعات المسلحة مثلما فعل سليماني في أحد اجتماعاته الأخيرة معها لتقاعسها عن التوصل لخطة موحدة لاحتواء الاحتجاجات الشعبية ضد حكومة بغداد والقوات شبه العسكرية التي تهيمن عليها".
خلال لقائه مع قادة فصائل عراقية، حثَّ الكوثراني أيضاً على تشكيل جبهة موحدة في اختيار رئيس وزراء جديد للعراق، وبعد ذلك تمت تسمية وزير الاتصالات العراقي السابق محمد توفيق علاوي رئيساً للوزراء في تطور رحبت به إيران ووافقت عليه الأحزاب المرتبطة بالجماعات المسلحة التي تساندها طهران، لكن المحتجين رفضوا تقلده المنصب.
تشير المصادر التي تحدثت للوكالة إلى أنه يُنظر في الوقت الحالي إلى الكوثراني على أنه الشخصية الأنسب لتوجيه الفصائل المسلحة العراقية إلى أن يتم اختيار خليفة إيراني دائم، رغم أنه لا يحظى بأي حال بما كان يتمتع به سليماني من النفوذ أو بريق الشخصية.
أحد المصادر العراقية المقربة من الفصائل، قال إن الكوثراني: "التقى أيضاً برجل الدين الشيعي العراقي مقتدى الصدر، وهو شخصية قوية ولكن لا يمكن التنبؤ بأفعالها، لإقناعه بدعم رئيس الوزراء العراقي الجديد".
المهمة الجديدة للكوثراني ستجعله يواجه تحديات خطيرة، ربما لا يمكن التغلب عليها، حتى يصل إلى مكانة القائدين اللذين قُتلا في الهجوم بالطائرة المسيرة، حيث قال مصدر عراقي: "يرى الكثير من قادة الفصائل أنفسهم أكبر كثيراً وأهم من أن يأخذوا الأوامر (…) في الوقت الحالي وبسبب ضغوط من إيران فإنهم يتعاونون معه، لكني أشك في أن هذا سيستمر ويعرف الإيرانيون ذلك".
سبب اختيار حزب الله: رأى مسؤول أمريكي كبير في المنطقة وزعيم سياسي عراقي تحدثا لرويترز – دون أن تنشر اسميهما – أنه من الصعب السيطرة على الجماعات العراقية المسلحة، بينما يُنظر إلى حزب الله على أنه أكثر انضباطاً.
قال المسؤول الأمريكي إنه من المرجح أن تعتمد إيران جزئياً على نفوذ نصر الله، وهو شخصية تحظى باحترام عميق بين حلفاء إيران في المنطقة، حيث يُنظر إلى نصر الله على أنه يشرف على جهود الكوثراني، وفقاً لقائد عراقي شيعي بارز.
أضاف المسؤول الأمريكي: "أعتقد أنه من الناحية الأيديولوجية والدينية يُعتبر شخصية جذابة للعديد من الفصائل المسلحة الشيعية العراقية".
المشهد العام: تُعد الفصائل المسلحة المدعومة من طهران مهمة لجهود إيران للحفاظ على سيطرتها على العراق الذي ما زالت الولايات المتحدة تحتفظ فيه بنحو 5000 عسكري.
في المقابل، يمثل تدخُّل جماعة حزب الله اللبنانية توسيعاً لدورها في المنطقة، وتمثل هذه الجماعة الشيعية التي أسسها الحرس الثوري الإيراني عام 1982 محور الاستراتيجية الإيرانية في المنطقة منذ سنوات، وساعدت سليماني في تدريب الجماعات المسلحة في كل من العراق وسوريا.
كان دور حزب الله قد نما بشكل كبير خلال السنوات الماضية، وقاتل دعماً لرئيس النظام في سوريا بشار الأسد، كما قدم دعماً سياسياً للحوثيين اليمنيين المتحالفين مع إيران في حربهم مع تحالف عسكري تقوده السعودية.
تشير المصادر القريبة من اجتماعات الفصائل إلى أنه في حال استطاع الفرقاء العراقيون شق طريقهم والعمل معاً، فإن "القوات الأمريكية ستكون أول مَن يغادر المنطقة"، وفق قولهم.