أطلق أنصار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، المعروفون باسم (القبعات الزرقاء)، الإثنين 3 فبراير/شباط 2020، الرصاص الحي باتجاه المتظاهرين في مناطق مختلفة جنوبي البلاد، في مسعى لإجبارهم على فتح الطرق والمدارس والجامعات، على خلفية رفض شعبي لتكليف محمد توفيق علاوي بتشكيل الحكومة.
لماذا الحدث مهم؟ كان الصدر أحد أبرز الداعمين للتظاهرات التي اندلعت في العراق ضد الحكومة والفساد والوضع الاقتصادي المتردي والتي نددت أيضاً بدور إيران في العراق، حتى إن الصدر شارك في مظاهرة في أكتوبر/تشرين الأول 2019، قبل أن ينقلب موقفه ضد التظاهرات عقب قتل أمريكا لقائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني.
ما الذي جرى؟ شهود عيان في محافظة النجف جنوب العراق، قالوا إن أصحاب القبعات الزرقاء أطلقوا الرصاص الحي بكثافة ضد المحتجين وسط المحافظة، مما تسبب بحالة هلع في الشارع، بحسب ما ذكرته وكالة الأناضول.
أشار الشهود أيضاً إلى أن "أصحاب القبعات الزرقاء أبعدوا المتظاهرين بالقوة من أماكن احتجاجاتهم، وأعادوا فتح الطرق".
بالموازاة مع ذلك، أجبر أنصار الصدر في محافظة ذي قار المتظاهرين على الابتعاد عن المؤسسات الحكومية والجامعات والأبنية المدرسية بالتنسيق مع قوات الأمن، وأعادوا افتتاح بعض الطرق المغلقة، وفي محافظة بابل اندلعت اشتباكات بالأسلحة البيضاء بين أصحاب القبعات الزرقاء ومتظاهرين.
منشد السلامي أحد المتظاهرين قال إن "أصحاب القبعات الزرقاء بعضهم يحمل الأسلحة والبعض الآخر يحمل هراوات، ويستهدفون أي تجمع للمتظاهرين، دون تدخل قوات الأمن لمنعهم أو لمساءلتهم عن كيفية حملهم السلاح خارج إطار الدولة".
كيف تبدّل موقف الصدر؟ بعد مقتل سليماني، وبالتحديد يوم 13 يناير/كانون الثاني 2020، شهدت مدينة قم الإيرانية اجتماعاً وصفته وسائل الإعلام الإيرانية بالمهم، ضم الاجتماع، كبار قادة الحرس الثوري، مقتدى الصدر، وقادة بعض الفصائل المسلحة الموالية لإيران في الحشد الشعبي العراقي.
كان الهدف من الاجتماع بحث آخر التطورات، وإيجاد طريقة إنهاء الوجود العسكري الأمريكي في العراق، أثناء هذا الاجتماع، أعلن الصدر عن تأسيس ما أسماه المقاومة الدولية.
قال مصدر رفيع المستوى بوزارة الخارجية الإيرانية، رفض الكشف عن هويته، لأنه غير مخول له التحدث مع وسائل الإعلام، لـ "عربي بوست" في وقت سابق، إنه في ضوء تلك الخطة الإيرانية الجديدة، لإعادة ترتيب أوراق طهران تجاه العراق، قررت المؤسسة السياسية الإيرانية تأسيس لجنة ثلاثية تضم عدداً من مسئولي وزارة الخارجية، الحرس الثوري، ووزارة الاستخبارات التابعة للحرس الثوري، للتعامل مع المعطيات الجديدة في البلد المجاور.
بحسب المصدر، من أهم أولويات تلك اللجنة الجديدة، هي إعادة تشكيل طريقة التعامل مع مقتدى الصدر، للاستفادة من شعبيته الكبيرة، وقدرته على إدارة المشهد السياسي، وتشكيل حكومة جديدة.
أما المكاسب التي قد يحققها الصدر فهو الحصول على حماية إيرانية والدعم المالي لها، لا سيما وأن طهران كانت قد دعمته أيام الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 لتشكيل "جيش المهدي".
كذلك كان قد أشار موقع "جوان" الإخباري المقرب من الحرس الثوري، إلى أن الصدر بدأ في الميل تجاه إيران، منذ أن هاجمت طائرة أمريكية بدون طيار، مكتبه في مدينة النجف العراقية يوم 7 ديسمبر/كانون الأول 2019.
تجدد المظاهرات: تأتي هذه التطورات في حين يواصل عراقيون لليوم الثالث على التوالي، احتجاجاتهم ضد تكليف محمد توفيق علاوي، لتشكيل الحكومة الانتقالية خلفاً لحكومة رئيس الوزراء المستقيل من منصبه عادل عبدالمهدي.
لا يحظى رئيس الوزراء المكلف علاوي بدعم المحتجين، الذين يطالبون باختيار رئيس وزراء مستقل نزيه لم يتقلد مناصب رفيعة سابقاً وبعيد عن التبعية للأحزاب ولدول أخرى.
كما يطالب المحتجون برحيل ومحاسبة كل النخبة السياسية المتهمة بالفساد وهدر أموال الدولة، والتي تحكم منذ إسقاط نظام صدام حسين عام 2003.