رحب رئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس، بقرار فرنسا إرسال مجموعة من الفرقاطات الحربية إلى شرق المتوسط مع احتدام المواجهة مع تركيا على احتياطات الطاقة الإقليمية. فيما قالت تركيا، الخميس 30 يناير/كانون الثاني 2020، إنها ستواصل أنشطتها في المناطق المرخّصة لها في شرق المتوسط، إلى حين ضمان حقوق القبارصة الأتراك.
حسب تقرير لصحيفة The Guardian البريطاني، فإنه مع تسبب التوترات بين أثينا وأنقرة في إثارة القلق الدولي، وصف ميتسوتاكيس البارجات بأنها "ضمان للسلام".
المسؤول اليوناني قال للصحفيين بعد محادثات في باريس مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: "الطريق الوحيد لإنهاء الخصومات في شرق البحر المتوسط هو العدالة الدولية"، مضيفاً: "تسعى اليونان وفرنسا إلى الوصول إلى إطار جديد في الدفاع الاستراتيجي".
إذ كان ميتسوتاكيس في العاصمة الفرنسية في إطار زيارة هدفت إلى حشد تأييد دول الاتحاد الأوروبي في وقت طغت فيه العلاقات العدائية مع تركيا على كل المشكلات الأخرى في جدول أعمال حكومته التي تقترب من 7 أشهر في السلطة.
اليونان تختبر "كل السيناريوهات الممكنة"
من جهته، تعهّد ماكرون بأن تعزز فرنسا علاقتها الاستراتيجية مع اليونان، متهماً تركيا ليس فقط بمفاقمة حدة التوترات في المنطقة، ولكن أيضاً بالفشل في الوفاء بمسار تحركاتها الذي تعهدت به في ليبيا التي مزقتها الحرب.
ماكرون قال: "أود أن أعرب عن مخاوفي إزاء سلوك تركيا الحالي.. لقد رأينا خلال الأيام الماضية سفناً حربية تركية يصحبها مرتزقة سوريون، تصل إلى الأراضي الليبية. هذا انتهاك صارخ وخطير لما جرى الاتفاق عليه في برلين (خلال مؤتمر السلام في الأسبوع الماضي). إنه إخلال بالوعد".
حسب الصحيفة البريطانية فإن تحالف الفرنسي-اليوناني، يرسخ لما يصفه المسؤولون في أثينا بالدفعة الدبلوماسية المجددة لمواجهة العدوان التركي في منطقة البحر الأبيض المتوسط.
تمادى وزير الدفاع اليوناني، نيكولاوس باناجيوتوبولوس، إلى درجة التحذير من أن القوات المسلحة "تختبر كل السيناريوهات، حتى تلك التي تشتمل على اشتباك عسكري"، وذلك في مواجهة العدوان المتزايد من أنقرة. وقد رفض طلب تركيا أن تنزع اليونان سلاحها من 16 جزيرة إيجية، واتهم تركيا بإبداء سلوك استفزازي غير معتاد.
جاء هذا الطلب من وزير الدفاع التركي خلوصي آكار بعد زيادة كبيرة في الأشهر القليلة الماضية في عدد انتهاكات المقاتلات النفاثة التركية للمجال الجوي اليوناني. قال باناجيوتوبولوس: "اليونان لا تستفز أو تنتهك الحقوق السيادية للدول الأخرى، لكنها لا تحب أن ترى حقوقها السيادية تتعرض للانتهاك".
تركيا تؤكد مواصلة أنشطتها في شرق المتوسط
من جهتها أكدت وزارة الخارجية التركية أن شركة النفط التركية (TPAO)، ستواصل أنشطتها في المناطق المرخصة لها في شرق المتوسط، إلى حين ضمان حقوق القبارصة الأتراك.
جاء ذلك على لسان الناطق باسم الخارجية التركية حامي أقصوي، الخميس، في بيان رد فيه على تصريحات مشتركة صدرت من إيطاليا وإدارة قبرص الرومية حول فعاليات تركيا بشرق المتوسط.
أقصوي أوضح أن التصريح المشترك الذي صدر أمس عن وزيري خارجية إيطاليا وإدارة قبرص الرومية، مؤسف جداً. وأضاف أن القبارصة الأتراك شركاء فعليون في جزيرة قبرص، ولهم حق في موارد النفط والغاز الطبيعي الموجود فيها.
كما ذكر بأن جمهورية شمال قبرص التركية منحت شركة النفط التركية في عام 2011، رخصة للبحث والتنقيب عن الطاقة. وأكد أن الفعاليات التي تقوم بها الشركة بموجب التراخيص التي حصلت عليها من جمهورية شمال قبرص التركية، ستستمر إلى حين ضمان حقوق القبارصة الأتراك.
كذلك دعا متحدث الخارجية التركية إيطاليا وكافة دول الاتحاد الأوروبي إلى التخلي عن المواقف التي تهمّش القبارصة الأتراك في الجزيرة. ورفض أقصوي الانتقادات الموجهة إلى اتفاقية تحديد مناطق النفوذ البحرية المبرمة بين تركيا وليبيا، مبيناً أن التزام أوروبا الصمت حيال اتفاق مماثل أُبرمت عام 2003 بين مصر وإدارة قبرص الرومية، دليل على وجود تناقض في مواقف الأوروبيين.
لم تصل الخلافات بين الجارتين إلى هذه الحدة منذ غزو قبرص عام 1974؛ وهي العملية التي تسببت في انقسام الجزيرة نهائياً، ولا تزال تعتبرها أنقرة أحد أعظم نجاحاتها العسكرية في العصر الحديث. وسرياً، يُشبه المسؤولون اليونانيون هذه الحالة بين الدولتين الغريمتين بعام 1996، عندما تفاديت الدولتان بالكاد الاشتباك عسكرياً على جزيرة إيجية المسكونة بالماعز فقط بعد أن تدخلت واشنطن. قال نائب برلماني ذو حظوة: "كان التدخل موضع ترحيب، لكن ما إذا كان سيساعد في تجنب المواجهة المسلحة هو أمر غير مؤكد".