رفع السرية عن وثيقة لـFBI: السعودية هرّبت مواطنيها المتهمين بجرائم خطيرة في أمريكا

يرى مكتب التحقيقات الفيدرالي أنه "من شبه المؤكد" أن الحكومة السعودية تساعد مواطنيها على الفرار من البلاد بعد اتهامهم بارتكاب جرائم خطيرة، وهو ما يعتقد الـFBI أنه يؤدي إلى "تقويض العملية القضائية الأمريكية"، كان هذا هو مضمون وثيقة رُفعت عنها السرية، وحصلت عليها صحيفة The Oregonian/ OregonLive الأمريكية.

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/01/18 الساعة 09:07 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/01/18 الساعة 09:49 بتوقيت غرينتش
من المحاكمة في وفاة فالون سمارت، التي اتهم فيها الطالب السعودي عبدالرحمن سمير نورا/صحيفة The Oregonian الأمريكية

يرى مكتب التحقيقات الفيدرالي أنه "من شبه المؤكد" أن الحكومة السعودية تساعد مواطنيها على الفرار من البلاد بعد اتهامهم بارتكاب جرائم خطيرة، وهو ما يعتقد الـFBI أنه يؤدي إلى "تقويض العملية القضائية الأمريكية"، كان هذا هو مضمون وثيقة رُفعت عنها السرية، وحصلت عليها صحيفة The Oregonian/ OregonLive الأمريكية.

ما هي الإجراءات الخفية للمملكة؟ قال مكتب التحقيقات الفيدرالي إن "هذه الإجراءات التي تحدث في الخفاء، تتم جزئياً لرفع الحرج عن المملكة الغنية". فيما يعتقد مسؤولو الاستخبارات أن "رحلات الهروب من العدالة" ستستمر دون تدخل السلطات الأمريكية.

وفقاً لمكتب التحقيقات الفيدرالي "من غير المرجح أن يغير المسؤولون السعوديون هذه الممارسة على المدى القريب، ما لم تُعالج الحكومة الأمريكية هذه القضية مباشرة مع المملكة، وترهن تعاون الولايات المتحدة في الأولويات (السعودية) بوقف هذا النشاط".

كيف رُفعت السرية عن هذه الوثيقة؟ ترِد هذه التفاصيل في نشرة معلومات استخبارية يعود تاريخها إلى 29 أغسطس/آب 2019. وقد أصدر مكتب التحقيقات الفيدرالي الوثيقة، الجمعة 17 يناير/كانون الثاني 2020، بموجب قانون يُلزم مكتب التحقيقات الفيدرالي بالكشف علانية عما يعرفه عن دور الحكومة السعودية المشتبه به في مساعدة مواطنيها على الفرار من المحاكمة في الولايات المتحدة، وهو قانون قدّمه مؤخراً السيناتور الأمريكي رون وايدن، وهو نائب ديمقراطي عن ولاية أوريغون، ووقعه الرئيس دونالد ترامب الشهر الماضي.

رغم أن العديد من التعديلات أُدخلت على النشرة المكونة من 8 صفحات، ولا تحدد ما قد يكون المسؤولون السعوديون فعلوه، ولا تضم معلومات عن حجم ونطاق هذه الممارسة، فإن الوثيقة تقدم أول إقرار علني من المسؤولين الفيدراليين بالدور الذي أداه العملاء السعوديون على الأرجح، في اختفاء العديد من المواطنين الذين واجهوا مشكلة قانونية أثناء وجودهم في الولايات المتحدة.

كيف يرى السيناتور الأمريكي الوثيقة؟ قال وايدن، الذي قدّم مكتبه نسخةً من الوثيقة إلى صحيفة The Oregonian/ OregonLive: "أصابني ما تُفصّله هذه المذكرة بالصدمة والفزع. لا عذر لإدارة ترامب في ألا تتخذ أي إجراء في الوقت الذي تساعد فيه الحكومة السعودية هؤلاء الهاربين على التهرب من العدالة".

فيما لم يردّ البيت الأبيض على طلب للتعليق.

تحقيقات صحفية كشفت تفاصيل الوثيقة: يأتي هذا الكشف بعد عام من توصل تحقيق أجرته صحيفة The Oregonian/ OregonLive إلى حالات متعددة اختفى فيها الطلاب السعوديون الذين يدرسون في مناطق مختلفة في الولايات المتحدة، في الوقت الذي اتُّهموا فيه بارتكاب جرائم قتل غير عمد، وجنس، وغيرها من التُّهم الجنائية، بمساعدة مشتبه بهم من حكومتهم. ووقعت هذه الحالات في ظل عدة إدارات أمريكية.

كما كشفت الصحيفة عن قضايا جنائية، تضم ما لا يقل عن 7 مواطنين سعوديين.

جوازات سفر غير شرعية وطائرات خاصة: أحد المشتبه بهم، وهو طالب في كلية بورتلاند كوميونتي ويبلغ من العمر 21 عاماً، ويدعى عبدالرحمن سمير نورا، اختفى قبل أسابيع من محاكمته عام 2017، في إثر وفاة فالون سمارت، البالغة من العمر 15 عاماً، بعد أن صَدَمها بسيارته، ثم ظهر مجدداً في السعودية.

فيما أخبر المسؤولون في وزارة الأمن الداخلي الأمريكية ودائرة مسؤولي الأمن القضائي صحيفة The Oregonian/OregonLive أنهم يعتقدون أن نورا غادر حي جنوب شرق بورتلاند، في سيارة دفع رباعي سوداء، واستخدم في وقت لاحق جواز سفر غير شرعي، وطائرة خاصة -من المحتمل أنهما مقدمان من الحكومة السعودية- للفرار.

ثم توصّل تحقيق صحيفة The Oregonian/OregonLive في وقتٍ لاحق إلى حالات مماثلة في 7 ولايات أخرى على الأقل -هي مونتانا وأوهايو وأوكلاهوما وبنسلفانيا ويوتا وواشنطن وويسكونسن- وكندا، وبذلك يصل إجمالي عدد المشتبه بهم السعوديين الذين فروا إلى 25.

سياسة متّبعة منذ 30 عاماً: يرجع تاريخ بعض الحالات إلى 30 عاماً مضت، ما يشير إلى أن الحكومة السعودية أمضت عقوداً في تقويض نظام العدالة الجنائية الأمريكي، وترك أعداد لا حصر لها من الضحايا دون أي مساعدة.

رغم أن الولايات المتحدة والسعودية حليفتان منذ فترة طويلة فإنهما لا تشتركان في معاهدة لتسليم المجرمين. وهو ما يجعل عودة أي مشتبه به سعودي، ترك الولايات المتحدة، احتمالاً مستبعداً، إن لم يكن مستحيلاً، دون ضغط دبلوماسي أو سياسي.

مطالبات للبيت الأبيض بالتصرف: رغم أن هذه الحالات موثقة في جميع أنحاء البلاد كان وايدن ورفيقه السيناتور الأمريكي جيف مركلي، النائب الديمقراطي عن ولاية أوريغون، النائبين الوحيدين في واشنطن اللذَيْن أعربا عن مخاوفهما علناً بشأن حالات اختفاء هؤلاء السعوديين، وطَالَبا البيت الأبيض باتخاذ إجراء.

وقد ضغط الرجلان على الوكالات الفيدرالية -التي منها دائرة مسؤولي الأمن القضائي وهيئة الجمارك وحماية الحدود بالولايات المتحدة ووزارتا العدل والأمن القومي والأمن الداخلي- للحصول على إجابات.

فيما قال النائبان عن ولاية أوريغون إن هذه الوكالات لم تقدم معلومات، ولا يبدو أنها مهتمة بإجراء المزيد من التحقيق في هذه القضية.

كما قدم وايدن ومركلي مشاريع قوانين تُلزم الحكومة الفيدرالية بالنظر في حالات الاختفاء، وفرض عقوبات على أي دبلوماسي سعودي أو مسؤول وُجِد أنه ساعد الهاربين السعوديين.

إذ قال ماركلي في مقابلة، يوم الجمعة 17 يناير/كانون الثاني 2020: "ما لم نأخذ هذه القضية على محمل الجد، ونجعلها نقطة أساسية في علاقتنا، فإن السعوديين سوف يستمرون في فعل ما يفعلونه".

فيما لم تردّ السفارة السعودية، في واشنطن العاصمة، على طلب للتعليق. ونفت سابقاً تهريب مواطنيها من الولايات المتحدة. إلا أن وايدن يقول إن تقييم مكتب التحقيقات الفيدرالي يقدم أدلة تتناقض صراحة مع هذا النفي، وقال: "من المفترض أن السعوديون حلفاء لنا. فإذا كان هؤلاء أصدقاءنا، فكيف سيكون الأعداء؟".

تحميل المزيد