كانت طالبة الصف الأول مجتهدة وأحبها زملائها في الفصل، لكنها كانت تكن حزيناً عميقاً، ولم يخفى السبب عن معلمها.
وقد كتب على مدونته: "ما يفطر القلب حقاً هو أن الفتاة غالباً ما تنهار باكية على الطاولة من تلقاء نفسها. وعندما سألت من حولها، علمت أنها تفتقد والدتها".
وأشار إلى أن الأم قد أُرسلت إلى معسكر اعتقال للأقليات العرقية المسلمة، مضيفاً أن والد الفتاة قد توفي. ولكن بدلاً من السماح لأقاربها الآخرين بتربيتها، فقد وضعتها السلطات في مدرسة داخلية تديرها الدولة، وهي واحدة من مئات المنشآت التي اُفتتحت في منطقة شينجيانغ في أقصى غرب الصين، بحسب تقرير لصحيفة The New York Times الأمريكية.
مليون مسلم خلف الأسوار في الصين
أُرسل ما يقرب من المليون من المنتمين لأعراق الإيغور والكازاخ وغيرهم إلى معسكرات الاعتقال والسجون في شينجيانغ خلال السنوات الثلاث الماضية، وهي حملة عشوائية تهدف إلى إضعاف إيمان السكان المسلمين. ورغم أن هذه الاعتقالات الجماعية أثارت غضباً عالمياً، تمضي الحكومة الصينية قدماً في جهد موازٍ يستهدف أطفال المنطقة.
لقد فصل ما يقرب من نصف مليون طفل عن أسرهم ووضعوا في المدارس الداخلية حتى الآن، وفقاً لوثيقة تخطيط نشرت على موقع حكومي، وقد حدد الحزب الشيوعي الحاكم هدفاً لتشغيل مدرسة أو مدرستين من هذا النوع من المدارس في كل من البلدات التي يزيد عددها على 800 بلدة في شينجيانغ بحلول نهاية العام المقبل.
كان الحزب قد قدم هذه المدارس باعتبارها وسيلة لمحاربة الفقر، بحجة أنها تسهل على الأطفال حضور الفصول الدراسية إذا كان آباؤهم يعيشون أو يعملون في مناطق نائية أو غير قادرين على رعايتهم. وهذا صحيح، فالعديد من الأسر الريفية حريصة على إرسال أبنائها إلى هذه المدارس، خاصة عندما يكونون أكبر سناً.
لكن هذه المدارس مصممة أيضاً لاستيعاب وتلقين الأطفال في سن مبكرة، بعيداً عن تأثير أسرهم، وفقاً لوثيقة التخطيط، المنشورة في عام 2017. وغالباً ما يُجبر الطلاب على الالتحاق بالمدارس لأن السلطات قد احتجزت والديهم وأقاربهم الآخرين، أو أمرتهم بقبول وظائف بعيدة عن المنزل، أو حتى الحكم عليهم بأنهم أوصياء غير صالحين.
هذه المدارس محظورة على الغرباء وتخضع لحراسة مشددة، ومن الصعب إجراء مقابلة مع السكان في شينجيانغ دون تعريضهم لخطر الاعتقال. ولكن هناك صورة مقلقة لهذه المؤسسات تنشأ عن مقابلات تجرى مع آباء منتمين للإيغور الذين يعيشون في المنفى، فضلاً عن مراجعة الوثائق المنشورة على شبكة الإنترنت، بما في ذلك سجلات المشتريات، والإشعارات الحكومية، وتقارير وسائل الإعلام الحكومية، ومدونات المعلمين في المدارس.
تصف وسائل الإعلام الحكومية والوثائق الرسمية الصينية التعليم باعتباره عنصراً أساسياً في حملة الرئيس شي جين بينغ للقضاء على العنف الناتج عن التطرف في شينجيانغ، وهو جهد قاسٍ بعيد المدى يشمل أيضاً معسكرات الاعتقال الجماعية وتدابير المراقبة الشاملة. والفكرة هنا تتلخص في استخدام المدارس الداخلية كحاضنات لجيل جديد من الإيغور العلمانيين الأكثر ولاءً لكل من الحزب والأمة.
السيطرة على عقول الأطفال
يقول أدريان زنز، الباحث في مؤسسة ضحايا الشيوعية التذكارية في واشنطن، والذي درس السياسات الصينية الرامية إلى تفكيك أسر الإيغور: "إن الاستراتيجية طويلة الأجل تتمثل في إخضاع الأجيال الشابة والسيطرة على عقولها منذ فترة مبكرة من حياتهم".
ولتنفيذ حملة الاستيعاب هذه، جندت السلطات في شينجيانغ عشرات الآلاف من المعلمين من مختلف أنحاء الصين، وغالباً ما يكونون من الصينيين الهان، وهم المجموعة العرقية المهيمنة في البلاد. وفي الوقت ذاته، سُجن معلمون بارزون من الإيغور وهُدد المدرسون بإرسالهم إلى معسكرات الاعتقال إذا أظهروا مقاومة.
ومن خلال بيئة نظامية غارقة في ثقافة غير مألوفة، يُسمح للأطفال في المدارس الداخلية بزيارة واحدة فقط للعائلة مرة واحدة كل أسبوع أو أسبوعين، وهو تقييد يهدف إلى "كسر تأثير الجو الديني على الأطفال في المنزل"، على حد تعبير وثيقة السياسة عام 2017.
هذه الحملة تشبه سياسات سابقة اتبعتها كل من كندا، والولايات المتحدة، وأستراليا، فقد كانوا يأخذون أطفال السكان الأصليين من أسرهم ويضعوهم في مدارس داخلية لاستيعاب قسراً.
يقول دارين بايلر، عالم الأنثروبولوجيا بجامعة كولورادو والذي يدرس ثقافة الإيغور ومجتمعهم: "الفارق كبير في حالة الصين إذا أخذنا في الاعتبار حجم الحملة ومنهجيتها".
من النادر إجراء نقاش عام في الصين حول الصدمة التي يتعرض لها أطفال الإيغور عن طريق فصلهم عن عائلاتهم. وعادة ما تخضع أي إشارة لهذه القضية على وسائل التواصل الاجتماعي للرقابة السريعة. بدلاً من ذلك، تركز وسائل الإعلام التي تسيطر عليها الدولة على أهداف الحزب في المنطقة، حيث تشكل الأقليات ذات الغالبية المسلمة أكثر من نصف سكانها البالغ عددهم 25 مليون نسمة.
وأثناء زيارته لروضة أطفال بالقرب من مدينة كاشغار الحدودية هذا الشهر، حث تشن كوانغو، وهو كبير مسؤولي الحزب في شينجيانغ، المعلمين على ضمان أن يتعلم الأطفال "حب الحزب، وحب الوطن، وحب الشعب".
تلقين الأطفال
غادر عبدالرحمن توهتي شينجيانغ وهاجر إلى تركيا عام 2013، تاركاً خلفه زراعة القطن التي كان يعمل بها ليتجه إلى بيع السيارات المستعملة في إسطنبول. ولكن عندما عادت زوجته وطفلاه الصغيران إلى الصين في زيارة قبل بضع سنوات، اختفيا.
سمع أنه زوجته أرسلت إلى السجن، مثل العديد من الإيغور الذين سافروا إلى الخارج وعادوا إلى الصين. واُعتقل والديه أيضاً. أما مصير أطفاله فكان لغزاً.
ثم في يناير/كانون الثاني، اكتشف ظهور ابنه البالغ من العمر 4 سنوات في مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي الصينية، والذي سجله أحد المعلمين على ما يبدو. وبدا أيضاً أن الصبي كان في مدرسة داخلية تديرها الدولة وكان يتحدث الصينية، وهي لغة لم تستخدمها عائلته.
ويقول توهتي، البالغ من العمر 30 عاماً، إنه شعر بالحماسة لرؤية طفله مرة أخرى، وشعر بالارتياح لكونه آمناً، ولكنه شعر باليأس أيضاً.
وأضاف "إن أكثر ما أخشاه هو أن تعلمه الحكومة الصينية كره والديه وثقافة الإيغور".
لقد سعت بكين لعقود من الزمن إلى قمع مقاومة الإيغور للحكم الصيني في شينجيانغ، وذلك جزئياً باستخدام المدارس في المنطقة لتلقين أطفال الإيغور. وحتى وقت قريب، كانت الحكومة تسمح بتدريس معظم الصفوف الدراسية بلغة الإيغور، ويرجع ذلك جزئياً إلى نقص المعلمين الناطقين بالصينية.
ثم بعد موجة من العنف المناهض للحكومة والمعادي للصين، بما في ذلك أعمال الشغب العرقية في عام 2009 في أورومتشي، العاصمة الإقليمية، والهجمات المميتة التي شنها متشددون من الإيغور في عام 2014، أمر شي الحزب باتخاذ موقف أكثر تشدداً في شينجيانغ، وفقاً لوثائق داخلية سُربت إلى لصحيفة The New York Times في وقت سابق من هذا العام.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2016، أعلن الحزب أن عمل مكتب التعليم في المنطقة يدخل مرحلة جديدة. وكان من المفترض أن تصبح المدارس امتداداً للحملة الأمنية في شينجيانغ، مع توجه جديد بالتأكيد على اللغة الصينية والوطنية والولاء للحزب.
في وثيقة السياسة لعام 2017، المنشورة على موقع وزارة التعليم، حدد المسؤولون من شينجيانغ أولوياتهم الجديدة ووضعوا توسع المدارس الداخلية في القمة.
وبدون تحديد الإسلام بالاسم، وصفت الوثيقة الدين بأنه له تأثير ضار على الأطفال، وقالت إن وجود طلاب يعيشون في المدرسة "سيقلل من صدمة التنقل ذهاباً وإياباً بين تعلم العلوم في الفصل الدراسي والاستماع إلى النصوص المقدسة في المنزل".
بحلول أوائل عام 2017، قالت الوثيقة إن ما يقرب من 40% من جميع الأطفال في سن المدارس المتوسطة والابتدائية في شينجيانغ -أو حوالي 497800 طالب- كانوا ملتحقين بتلك المدارس. وفي ذلك الوقت، كانت الحكومة تكثف جهودها لفتح المدارس الداخلية وإضافة مساكن للطلبة إلى المدارس، وتشير تقارير حديثة إلى استمرار هذه الجهود.
كما حلت الصينية محل الإيغورية كلغة رئيسية للتعليم في شينجيانغ. ويدرس الآن معظم طلاب المدارس الابتدائية والمتوسطة باللغة الصينية، مقارنة بـ38% فقط قبل ثلاث سنوات. وبنيت الآلاف من رياض الأطفال في المناطق الريفية الجديدة قد لتعريف أطفال الأقليات باللغة الصينية في سن مبكرة، بحسب ما ذكرت وسائل الإعلام الرسمية.
وتزعم الحكومة بأن تعليم اللغة الصينية أمر مهم لتحسين الآفاق الاقتصادية لأطفال الأقليات، وأن العديد من الإيغور يوافقون على ذلك. لكن نشطاء الإيغور يقولون إن الحملة الشاملة ترقى إلى محاولة لمحو ما تبقى من ثقافتهم.
وقال العديد من الإيغور الذين يعيشون في الخارج إن الحكومة وضعت أطفالهم في المدارس الداخلية دون موافقتهم.
يقول محمود جان نياز، 33 عاماً، وهو رجل أعمال من الإيغور انتقل إلى إسطنبول في عام 2016، إن ابنته البالغة من العمر 5 سنوات قد أُرسلت إلى واحدة من تلك المدارس بعد أن احتجز أخوه وأخته، وصيا الفتاة، في معسكر اعتقال.
وكان يمكن لأقارب آخرين الاعتناء بها، لكن السلطات رفضت السماح لهم بذلك. والآن، على حد قول نياز، تغيرت الفتاة بعد دخولها إلى المدرسة.
"قبل ذلك، كانت ابنتي مرحة ومنطلقة. لكن بعد أن ذهبت إلى المدرسة، بدت حزينة للغاية في الصور".
"طلاب الإحسان"
في قرية مغبرة بالقرب من مدينة هوتان الواقعة على طريق الحرير القديم في جنوب شينجيانغ، والمحاطة بحقول أشجار الجوز القاحلة والمنازل الخرسانية البسيطة، تقف المدرسة الابتدائية.
يحيط مبنى المدرسة جدار من طويل من الطوب مع طبقتين من الأسلاك الشائكة في أعلاه. ورُكبت الكاميرات في كل زاوية. وعند المدخل، وقف حارس يرتدي خوذة سوداء وسترة واقية بجانب جهاز كشف المعادن.
لم يكن الحال دائماً مثل هذا. ففي العام الماضي، حول المسؤولون المدرسة الموجودة في قرية كاسيبي إلى مدرسة داخلية بدوام كامل.
وقد صف كانج جيدي، وهو مدرس للغة الصينية في المدرسة، العملية المسعورة في مدونته العامة على منصة التواصل الاجتماعي الصينية WeChat: في غضون أيام قليلة، نُقل الطلاب طوال اليوم. وأعيد ترتيب الفصول الدراسية. وجهزت أسرة بطابقين. وبعد ذلك، وصل 270 طفلاً جديداً، ليصبح عدد من في المدرسة 430 طفلاً، كل منهم في الصف السادس أو أصغر.
وصفهم المسؤولون بـ"طلاب الإحسان"، في إشارة إلى سخاء الحزب في إجراء ترتيبات خاصة لتعليمهم.
تقول الحكومة إن الأطفال في المدارس الداخلية في شينجيانغ يتعلمون عادات صحية وآداب سلوك أفضل، وكذلك مهارات صينية وعلمية تساعدهم على النجاح في الصين الحديثة.
ويقول أحد المسؤولين المتقاعدين في أثناء زيارة مدرسة داخلية الرسمية متقاعد في مقاطعة لوب قرب هوتان، وفقاً لـ تقرير وسائل الاعلام الرسمية: "لقد ذاب قلبي فور رؤيتي الابتسامات المشرقة النابعة من القلب المرتسمة على وجوه هؤلاء الأطفال الذين لم يعد أحد يعتني بهم". وأضاف أن الحزب قد منحهم "بيئة تتيح لهم راحة البال، والدراسة بسعادة، والنمو بصحة جيدة وقوة".
لكن السيد كانغ كتب أن الانفصال عن الأسر كان له تأثير كبير على الأطفال. فالبعض لم يتلق زيارات من أقاربهم، أو بقوا في الحرم الجامعي خلال العطلات حتى بعد مغادرة معظم المعلمين. وكثيراً ما توسل إليه تلاميذه لاستخدام هاتفه للاتصال بوالديهم.
يضيف: "في بعض الأحيان، عندما يسمعون صوت أهلهم على الطرف الآخر من المكالمة، يبدأ الأطفال في البكاء ويختبئون في زاوية الغرفة لأنهم لا يريدون مني أن أراهم".
"ليس هذا هو حال الأطفال فقط. إن الوالدين على الطرف الآخر يفتقدون أطفالهم بالطبع، للدرجة التي معها تنكسر قلوبهم وترتجف أجسادهم".
لقد ألقت معسكرات الاعتقال، التي تصفها الحكومة بأنها مراكز للتدريب على العمل، بظلالها على الطلاب الذين لم يلتحقوا بالمدارس الداخلية. فقبل تحويل المدرسة، نشر كانغ صورة لرسالة كتبتها فتاة تبلغ من العمر 8 سنوات إلى والدها، الذي أرسل إلى المعسكر.
كتبت الصغيرة بخربشة غير منتظمة: "يا أبي، أين أنت؟ يا أبي، لماذا لا تعود؟"
"أنا آسفة يا أبي. يجب أن تدرس بجد أيضاً".
ومع ذلك، كان كانغ داعماً بشكل عام للمدارس. ففي مدونته، وصف تعليم طلاب الإيغور بأنها فرصة "لسقي زهور الوطن".
وبالفعل يحظى "طلاب الإحسان" باهتمام وموارد أكثر من الطلاب العاديين. فالمدارس الداخلية تقدم المشورة النفسية، على سبيل المثال، وفي كاسبي، زُويد الأطفال بمجموعة من اللوازم التي تضمنت كتباً مدرسية وملابس ووشاحاً باللون الأحمر.
وكتب كانغ أن تعليم اللغة الصينية كان الأولوية، إلى جانب أن الطلاب غمسوا في الثقافة الصينية التقليدية، بما في ذلك الشعر الكلاسيكي، ولقنوا الأغاني التي تشيد بالحزب.
في زيارة قمت بها مؤخراً إلى المدرسة، كان من الممكن رؤية أطفال يرتدون الزي الأحمر والأزرق وهم يلعبون في فناء بجوار مبانٍ مكتوب عليها "كافيتريا" و"سكن الطلاب". ورفض مسؤولو المدرسة الإجابة على أي أسئلة موجهة إليهم.
أصبح تشديد الأمن هو القاعدة في المدارس في شينجيانغ. ففي هوتان وحدها، خُصص أكثر من مليون دولار في السنوات الثلاث الماضية لشراء معدات المراقبة والأمن للمدارس، بما في ذلك الخوذات والدروع والهراوات المسننة، وفقاً لسجلات المشتريات. وعند مدخل إحدى المدرسة الابتدائية ثبتت السلطات أجهزة التعرف على الوجه.
كتب كانغ مؤخراً على مدونته أنه انتقل إلى وظيفة جديدة للتدريس في شمال شينجيانغ. وعند التواصل معه هاتفياً هناك، رفض إجراء المقابلة. ولكن قبل إنهاء المكالمة، قال إن طلابه في كاسبي أحرزوا تقدماً سريعاً في تعلم اللغة الصينية.
وقال: "كل يوم أشعر بالرضا أكثر".
"مهندسو الروح البشرية"
لتنفيذ حملته، لم يحتج الحزب إلى مدارس جديدة فحسب، بل احتاج أيضاً إلى جيش من المعلمين، وإصلاح شامل للمنهج، والانضباط السياسي. وعوقب المعلمين المشتبه في معارضتهم، وأعيد صياغة الكتب المدرسية للتخلص من المواد التي تعتبرها الدولة تخريبية.
وكتب مكتب التعليم في أورومتشي مؤخراً في رسالة مفتوحة: "المعلمون هم مهندسو الروح الإنسانية"، مستخدمين العبارة التي استخدمها ستالين لأول مرة لوصف الكتاب وغيرهم من العاملين في المجال الثقافي.
وبدأ الحزب جهداً مكثفاً لتوظيف المعلمين من جميع أنحاء الصين في شينجيانغ. وقال مسؤولون في مؤتمر صحفي هذا العام إن السلطات أحضرت حوالي 90 ألف شخص اختيروا جزئياً لموثوقيتهم السياسية. وزاد تدفق المدرسين حتى بلغ حوالي خُمس المعلمين في شينجيانغ العام الماضي، وفقاً للبيانات الحكومية.
وحذرت السلطات المعلمين الجدد، وهم في الغالب من الهان، والمعلمين الذين انضموا إليهم، ومعظمهم من الإيغور، من تخطي الأوامر الموجهة إليهم. ومن يعارض سياسة اللغة الصينية، أو يقاوم المناهج الجديدة، تلحق بهم وصمة "النفاق" ويخضعون للعقاب.
فقد وصف نائب الأمين العام لبلدة توربان، والذي كتبه في وقت سابق من هذا العام، هؤلاء المعلمين على أنهم "حثالة للشعب الصيني" واتهمهم بأنهم "سحروا من قبل أيديولوجية دينية متطرفة".
وحثت السلطات المعلمين على التعبير عن ولائهم، وحثت الجمهور على مراقبة أداء المعلمين. ودعت لافتة خارج روضة أطفال في هوتان الآباء إلى الإبلاغ عن المعلمين الذين يدلون "بتصريحات غير مسؤولة" أو يشاركون في شعائر دينية غير المصرح بها.
وقضى المسؤولون في شينجيانغ أيضاً عامين في فحص ومراجعة مئات الكتب المدرسية والمواد التعليمية الأخرى، وفقاً لوثيقة السياسة لعام 2017.
وانتهى الأمر ببعض الذين ساعدوا الحزب في كتابة وتحرير الكتب المدرسية القديمة إلى السجن، مثل ما حدث مع يالكون روزي، وهو باحث بارز وناقد أدبي ساعد في تجميع مجموعة من الكتب المدرسية حول أدب الإيغور والتي كانت تستخدم لأكثر من عقد من الزمان.
وكان روزي قد اتهم بمحاولة التخريب وحُكم عليه بالسجن لمدة 15 عاماً في العام الماضي، وفقاً لابنه، كمال ترك يالكون. وقال إن العديد من أعضاء اللجنة الآخرين الذين جمعوا الكتب المدرسية اعتقلوا أيضاً.
يقول كمال، الذي يعيش في فيلادلفيا حالياً: "بدلاً من الترحيب بالتنوع الثقافي للإيغور، وصفته الصين بأنه ورم خبيث".
هناك أدلة على أن بعض أطفال الإيغور أرسلوا إلى المدارس الداخلية البعيدة عن منازلهم.
حدث هذا مع عائلة كالبنور تورسون، البالغة من العمر 36 عاماً، والتي أوكلت إلى أقاربها رعاية خمسة من أطفالها عندما غادرت شينجيانغ لتضع حملها في إسطنبول، بيد أنها لم تتمكن من الاتصال بهم لعدة سنوات.
في العام الماضي، رأت ابنتها عائشة، البالغة من العمر 6 أعوام، في مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي الصينية. نشر بواسطة مستخدم بدا أنه مدرس في مدرسة في هوتان، على بعد أكثر من 300 ميل من منزلها في كاشغر.
تقول كالبنور معربة عن قلقها بشأن كيفية قيام السلطات بتربيتهم: "أطفالي صغار للغاية، وهم بحاجة إلى أمهم وأبيهم. أخشى أن يعتقدوا أنني العدو، وأنهم لن يقبلوني وسيكرهونني".