نعى الزعيم العراقي الشيعي مقتدى الصدر، مقتل قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، وزعماء فصائل عراقية في ضربة جوية أمريكية في بغداد، وقال إن أتباعه على استعداد للدفاع عن العراق، فيما توعد الحرس الثوري أمريكا برد عنيف.
الصدر قال في بيان "إنني كمسؤول عن المقاومة العراقية الوطنية، أعطي أمراً بجهوزية المجاهدين، لا سيما جيش الإمام المهدي، ولواء اليوم الموعود، ومن يأتمر بأمرنا من الفصائل الوطنية المنضبطة لنكون على استعداد تام لحماية العراق".
تشير تصريحات الصدر إلى إعادة إحيائه لجيش المهدي، التي كانت من أبرز القوة الشيعية التي قاتلت القوات الأمريكية في العراق بعد اجتياحها.
كان الزعيم الشيعي قرر تجميد أنشطة جيش المهدي على إثر مواجهات جرت في كربلاء في أغسطس/آب 2007، اذ اتهمت الحكومة العراقية حينها عناصر جيش المهدي بالدخول في اشتباكات مع عناصر الشرطة خلال مراسم شيعية في مدينة كربلاء ما أسفر عن مقتل ما يزيد عن 50 شخصاً، وفقاً لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).
تهديد بمعركة مقبلة
من جانبه، أمر قائد فصيل عصائب "أهل الحق"، قيس الخزعلي، المدعوم إيرانياً مقاتليه اليوم الجمعة بالتأهب، لما وصفها بالمعركة القادمة، قائلاً إن "الوجود العسكري الأمريكي في العراق سينتهي قريباً".
تلفزيون "العهد" المحلي القريب من عصائب "أهل الحق"، نقل عن الخزعلي قوله: "على كل المجاهدين المقاومين الجهوزية، فإن القادم علينا فتح قريب ونصر كبير".
أضاف القيادي: "مقابل دماء الشهيد القائد أبو مهدي المهندس زوال كل الوجود العسكري الأمريكي في العراق. ومقابل دماء الشهيد القائد قاسم سليماني زوال كل إسرائيل من الوجود"، بحسب تعبيره.
بالموازاة مع ذلك، قال متحدث باسم الحرس الثوري الإيراني للتلفزيون الرسمي، إن "الحرس الثوري وكل القوات المناوئة لأمريكا ستثأر لسليماني في شتى أنحاء العالم الإسلامي".
إيران تفكر بالرد
ليس واضحاً بعد شكل الرد الإيراني على اغتيال سليماني إذا تحولت تهديدات طهران إلى أفعال، وما إذا كانت إيران ستضرب قوات أمريكية في منطقة الشرق الأوسط، أم ستكتفي بضرب مصالح غير عسكرية لواشنطن، أو تكتفي باستهداف حلفائها فقط في المنطقة.
وصف إيلان غولدنبرغ، الذي عمل على قضايا الشرق الأوسط في إدارة أوباما، عملية قتل سليماني بأنها "تغيير هائل في اللعبة" في المنطقة.
قال غولدنبرغ، الذي يعمل الآن باحثاً في مركز الأمن الأمريكي الجديد: "سوف تسعى إيران للانتقام. قد يكون ذلك من خلال التصعيد في العراق أو لبنان أو الخليج أو أي مكان آخر. وقد تكون هناك محاولات لاستهداف مسؤولين أمريكيين كبار. وللأسف، أشك بشدة في أن تكون إدارة ترامب قد فكرت في الخطوة التالية أو تعرف ما الذي تفعله الآن لكي تتجنب حرباً إقليمية".
يضع مقتل سليماني العراق في وضع حرج، حيث تبذل بغداد منذ سنوات قصارى جهدها للحفاظ على توازن في علاقاتها مع حليفيها الأمريكي والإيراني، في ظل التوتر المتصاعد بينهما وصولاً إلى مرحلة العداء الشديد حالياً.
انعكست هذه الخصومة بين طهران وواشنطن على المؤسسة الأمنية العراقية، إذ قامت الولايات المتحدة بتدريب وتسليح وحدات النخبة، ولاسيما وحدات مكافحة الإرهاب، فيما قامت إيران بتمويل وتسليح وتدريب معظم قوات الحشد الشعبي التي تم دمجها في قوات الأمن العراقية بعد هزيمة تنظيم "داعش".
زيادة التصعيد الأمريكي الإيراني
زاد التوتر بين إيران وأمريكا في العراق مؤخراً، بعدما نفذت واشنطن يوم الأحد الماضي، ضربة جوية استهدفت مواقع لكتائب "حزب الله" العراقي، أحد فصائل "الحشد الشعبي"، بمحافظة الأنبار(غرب)، ما أسفر عن سقوط 28 قتيلاً و48 جريحاً بين مسلحي الكتائب.
جاء ذلك رداً على هجمات صاروخية شنتها الكتائب على قواعد عسكرية عراقية تستضيف جنوداً ودبلوماسيين أمريكيين، قتل خلال إحداها مقاول مدني أمريكي قرب مدينة كركوك (شمال).
يتهم مسؤولون أمريكيون إيران عبر وكلائها من الفصائل الشيعية، بشن هجمات صاروخية ضد قواعد عسكرية تستضيف جنوداً ودبلوماسيين أمريكيين في العراق، وهو ما تنفيه طهران.
كيف قُتل سليماني؟
صحيفة The New York Times كشفت بعضاً من تفاصيل عملية قتل سليماني، حيث نقلت عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن سليماني، ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبومهدي المهندس وآخرين، قتلوا في ضربة جوية أمريكية قرب مطار بغداد الدولي مساء الخميس.
الصحيفة ذكرت أن موكباً كان فيه الرجلان تعرض لقصف صاروخي بواسطة طائرة من دون طيار، نفذته "قيادة العمليات الخاصة المشتركة" الأمريكية.
مسؤولون أمريكيون أبلغوا الصحيفة بأن الضربات الصاروخية أدت إلى مقتل 5 أشخاص، من بينهم أيضاً مسؤول التشريفات في الحشد الشعبي، رضا الجابري، لكن وسائل إعلام إيرانية قالت إن الاستهداف قتل 12 شخصاً.
كذلك نقلت الصحيفة الأمريكية عن جنرال في قيادة العمليات المشتركة في بغداد، رفض الإفصاح عن هويته، قوله إن طائرة قادمة من سوريا كانت تقل الجابري وسليماني حطت في مطار بغداد، وإنه تم استهداف السيارة عقب مغادرتهما المكان.
عقب الإعلان عن مقتل سليماني، قالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) إن سليماني كان يعكف على وضع خطط لمهاجمة أمريكيين في العراق والشرق الأوسط.
أضافت الوزارة في بيان "اتخذ الجيش الأمريكي قراراً دفاعياً حاسماً بقتل قاسم سليماني بتوجيه من الرئيس لحماية الأفراد الأمريكيين في الخارج".
اعتبر البنتاغون أن هذه الضربة تهدف إلى "ردع أي خطط إيرانية لشن هجمات في المستقبل"، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة ستواصل اتخاذ الإجراءات الضرورية لحماية مواطنيها ومصالحها في أنحاء العالم.