حصد التصعيد العسكري الجديد لقوات نظام بشار الأسد وروسيا، مزيداً من الضحايا المدنيين في محافظة إدلب، السبت 21 ديسمبر/كانون الأول 2019، في وقت حذرت فيه منظمات دولية من تداعيات فيتو روسي-صيني على وقف مساعدات أممية عابرة للحدود تُعد "شريان حياة" لسكان سوريا.
قوات النظام وحليفتها روسيا صعّدت منذ أسبوع، وتيرة قصفها في محافظة إدلب وتحديداً ريفها الجنوبي، وقدرت الأمم المتحدة أن عشرات آلاف المدنيين فروا منذ 16 ديسمبر/كانون الأول، من منطقة معرة النعمان باتجاه مناطق أكثر أماناً في الشمال.
اتفاق هش
الطائرات الحربية السورية والروسية استهدفت، أمس السبت، مناطق عدة تمتد من ريف إدلب الجنوبي الشرقي وصولاً إلى الريف الجنوبي الغربي؛ وهو ما أسفر عن مقتل 12 مدنياً وإصابة أكثر من 36 آخرين بجروح، وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء الفرنسية عن المرصد السوري.
يتزامن هذا القصف مع اشتباكات مستمرة منذ يوم الخميس الماضي، بين قوات النظام من جهة، وهيئة تحرير الشام وفصائل أخرى من جهة ثانية، في محيط مدينة معرة النعمان.
الاشتباكات أسفرت حتى الآن عن مقتل 57 عنصراً من قوات النظام، و82 من الفصائل الجهادية والمقاتلة، وفق المرصد، الذي أشار إلى أن سبعة على الأقل من عناصر قوات النظام قُتلوا أمس السبت، في تفجير انتحاري بسيارة مفخخة، شنه أحد عناصر "الهيئة" شرق معرة النعمان.
يأتي هذا التصعيد رغم وجود اتفاق هدنة تم التوصّل إليه في أغسطس/آب، توقََّف بموجبه هجوم واسع شنته قوات النظام على مدى أربعة أشهر في إدلب، لكن المحافظة تتعرض منذ أسابيع، لقصف ازدادت وتيرته تدريجياً، تشنه طائرات حربية سورية وروسية.
تسبب القصف المستمر منذ أغسطس/آب، مع اشتباكات متقطعة بين قوات النظام والفصائل المقاتلة، في مقتل أكثر 284 مدنياً، بينهم 76 طفلاً، بالإضافة إلى مئات المقاتلين من الجانبين، بحسب المرصد.
منع المساعدات عن ملايين السوريين
تؤوي إدلب ونواحيها نحو ثلاثة ملايين شخص، نصفهم تقريباً نازحون من مناطق أخرى، ويعيش عشرات الآلاف في مخيمات عشوائية، ويعتمدون في معيشتهم على مساعدات تقدمها المنظمات الإنسانية الدولية.
إلا أن روسيا والصين استخدمتا، الجمعة، حق النقض في مجلس الأمن ضد مشروع قرار لتمديد الترخيص الممنوح للأمم المتحدة لتقديم المساعدات الإنسانية العابرة للحدود إلى سوريا، والذي من المفترض أن ينتهي في العاشر من الشهر المقبل.
سارعت منظمات عدة للتنديد بالقرار، الذي من شأنه -في حال تنفيذه- أن يقطع طريق مساعدات الأمم المتحدة عن محافظة إدلب، التي تشهد موجة نزوح جديدة نتيجة التصعيد الأخير لقوات النظام.
منظمة أوكسفام قالت في بيان، أمس السبت، إن "عائلات ممن هي بأشد الحاجة، وبينها من أُجبر على النزوح مرات عدة خلال سنوات النزاع، تعتمد بشكل أساسي على المساعدات التي تؤمّنها عمليات الأمم المتحدة العابرة للحدود".
شدّدت المنظمة على أنه "ليست هناك أي وسيلة واقعية أخرى للوصول إلى مئات الآلاف" من السكان في سوريا.
يستفيد من هذه المساعدة الإنسانية عبر الحدود نحو أربعة ملايين شخص، كما أنها تُعد، وفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، حيوية خصوصاً في ظل تدهور الوضع ميدانياً ومع حلول فصل الشتاء.
المدنيون يدفعون الثمن
من جهتها، قالت رئيسة مجلس الإدارة في منظمة "Save The Children" كارولين مايلز، إنه "في وقت يتبادل فيه أعضاء مجلس الأمن الاتهامات بدلاً من تجديد شريان حياة ضروري لأطفال سوريا، يقبع مئات الآلاف من سكان إدلب تحت القصف العنيف".
أضافت مايلز أن المساعدات العابرة للحدود هي "الوسيلة الوحيدة للوصول إلى كثير من الأطفال والعائلات ممن هم بحاجة إلى مساعدة إنسانية طارئة".
أما لجنة الإنقاذ الدولية فاعتبرت أن الفيتو قرار "رخيص جديد سيدفع ثمنه سكان سوريا الذي يعانون منذ وقت طويل"، إلا إذا جرى التراجع عنه قبل العاشر من الشهر المقبل.
كذلك أعربت منظمات محلية أيضاً عن قلقها إزاء الفيتو الروسي-الصيني، وقال مدير الطوارئ في منظمة "بنفسج" الإغاثية المحلية مأمون خربوط، إن "ايقاف المساعدات العابرة للحدود سيؤدي إلى إيقاف عمل عديد من المنظمات المدعومة من الأمم المتحدة"، مضيفاً أن "هذا طبعاً سيتسبب في شلل الجهود الإنسانية بالشمال السوري".