وقَّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الجمعة 20 ديسمبر/كانون الأول 2019، قانوناً يقضي بفرض عقوبات على النظام السوري وداعميه، بسبب جرائم الحرب التي ارتكبوها في البلاد.
ويدخل القانون ضمن مشروع قانون الموازنة الدفاعية الأمريكية لعام 2020، بحجم 738 مليار دولار، التي أقرّها مجلس الشيوخ، الثلاثاء، بعد أسابيع من المفاوضات.
"قانون قيصر" لفرض عقوبات على نظام بشار الأسد
سيتيح القانون المذكور إمكانية تحميل النظام السوري مسؤولية جرائم الحرب التي ارتكبها خلال 8 أعوام. ويجيز فرض عقوبات إضافية وقيود مالية خلال 6 أشهر، على المؤسسات والأفراد الذين يتعاملون تجارياً مع النظام.
كما يفسح القانون المجالَ أمام فرض عقوبات على المرتزقة الأجانب من روسيا وإيران، وشخصيات عسكرية ومدنية رفيعة لدى النظام، بما في ذلك رئيسه بشار الأسد.
أُطلق على التشريع "قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين"، وهو اسم المصور العسكري السوري السابق الملقب بقيصر، الذي انشق واستطاع تهريب آلاف الصور لجثث ضحايا تعرضوا للتعذيب.
التحق "قيصر" بالكونغرس، وعرض الصور على لجنة استماع، فيما تم تشكيل فريق تحقيق دولي لبحث جرائم الحرب المرتكبة في سوريا، والتأكد من مصداقية الصور.
من جهة أخرى، قال وزير الخارجية مايك بومبيو، في بيان، إن ترامب اتخذ خطوة مهمة بتوقيعه القانون، من أجل تحميل الأسد ونظامه مسؤولية المجازر التي ارتكبها في سوريا.
الخطوة الأولى انطلقت من الكونغرس الأمريكي
صحيفة The New York Times الأمريكية قالت في تقرير نشرته، الإثنين 16 ديسمبر/كانون الأول 2019، إنه منذ أكثر من خمس سنوات، تواصل كاشفٌ غير معتاد عن المخالفات والانتهاكات مع الكونغرس: وهو مصوِّرٌ حربي سوري. وهرَّب بعد فراره من دمشق عشرات الآلاف من الصور البشعة التي توثق أدلة على جرائم الحرب التي ارتكبها النظام السوري.
والآن، أصبح المُشرِّعون الأمريكيون -الذين يستشهدون بعمل المصوِّر السوري- على وشك تجاوز سنواتٍ من النزاعات التشريعية والطرق المسدودة، وفرض عقوبات جديدة على نظام الرئيس السوري بشار الأسد، بسبب انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتُكبت طوال الحرب الأهلية المستمرة في البلاد منذ 8 سنوات.
إذ أدرِج بندٌ يعرف باسم "قانون قيصر" -سُمِّي بالاسم الحركي للمصور قيصر- في مشروع قانون ضخم متعلق بالسياسة العسكرية، وجدير بالتمرير.
يفرض قانون قيصر قيوداً مالية إضافية لن تقتصر على النظام السوري، بل ستشمل أجزاء رئيسية من الاقتصاد السوري، حتى يخضع المسؤولون عن ضحايا جرائم الحرب للمساءلة. ويفرض عقوباتٍ كذلك على الشركات الخاصة أو الحكومات التي تتعامل تجارياً مع حكومة النظام السوري، بما في ذلك روسيا وإيران، اللتان تُعدَّان من أكبر داعمي الأسد.
يُذكَر أنَّ المصوِّر كان يعمل لدى الشرطة العسكرية السورية، وكان مُكلَّفاً بتوثيق جثث الموتى الذين يلقون حتفهم في السجون العسكرية من عام 2011 إلى عام 2013. وكذلك عمِل قيصر سراً مع التيار الوطني السوري، وهي جماعة سياسية معادية للأسد.
عشرات الآلاف من صور التعذيب والتجويع
بحلول عام 2014، كان قد هرَّب عشرات الآلاف من الصور التي تُصوِّر مدنيين تعرضوا للتجويع أو التعذيب حتى الموت -وكانت أعينهم مخلوعةً من مكانها وأطرافهم مفصولة عن أجسادهم- وسلَّمها في النهاية إلى الكونغرس والأمم المتحدة.
إجمالاً، تشير الأدلة بوضوح "إلى أنَّ الدولة انتهجت سياسة التعذيب وإساءة المعاملة"، وفقاً لتقرير صادر عن منظمة هيومن رايتس ووتش، خَلُص إلى أنَّ النظام السوري ارتكب "جريمة ضد الإنسانية".
من جانبه، نفى الأسد هذه الاتهامات، لكنَّ المشرعين الأمريكيين احتشدوا في الكونغرس وراء جهود معاقبته.
إذ قال إد رويس، النائب الجمهوري السابق عن ولاية كاليفورنيا، في لقاءٍ صحفي: "لديك صورٌ توثِّق وحشية ممارسات التعذيب هذه، وأنَّها اكتسبت طابعاً مؤسسياً أضفته عليها العديد من الأجهزة الأمنية المختلفة هناك. حين يُنشَر ذلك فالصورة تساوي ألف كلمة".
ولكن بالرغم من الدعم الواسع من الحزبين لمشروع القانون، ظل عالقاً في الكابيتول هيل، وتعرَّض أحياناً لأضرار جانبية في معارك سياسية لا علاقة لها بسوريا، وفي حالات أخرى كان يقع ضحية لبعض إجراءات الكونغرس الغامضة.