أكد الزعماء المشاركون في قمة كوالالمبور الإسلامية، الخميس 19 ديسمبر/كانون الأول 2019، أن أهم المشاكل التي يعاني منها العالم الإسلامي تكمن في التبعية للغرب في كل شيء، خاصة في النظام المالي، والتقدم العلمي، وذلك خلال الجلسة الأولى لهم في القمة، التي حملت عنوان "أولوية التنمية وتحدياتها".
مهاتير محمد، رئيس الوزراء الماليزي، طالب الدول بالتخلص من التبعية الغربية، وقال: "نحن نعتمد في مجال التكنولوجيا على غير المسلمين، ونحاول أن نصل إلى تقدمهم"، داعياً إلى وضع استراتيجيات للتنمية، تكون محدَّثة بشكل عاجل، لكي تتواكب مع التكنولوجيا الناشئة في العالم الغربي.
كما طالب بشكل عاجل بالاعتماد على الذات، بأن يكون هناك استثمار في العقل، من أجل أن تكون هناك مواكبة للعلم، مؤكداً أنه ليس لدى الدول الإسلامية إلا البدء بالعمل وتحقيق الإبداع والتقدم التكنولوجي، وإلا فإن بلادنا ستظل تخضع للغرب.
الرئيس الإيراني حسن روحاني، من جهته، أكد أيضاً أن المنهج الحالي الذي تسير عليه الدول الإسلامية يعود إلى اتباعها للمنهج الغربي في حياتها، وهذا إغفال لحضارة الإسلام، على حد قوله.
ورأى روحاني أن الحضارة الإسلامية تستطيع أن تعود كما كانت في السابق، وذلك عن طريق ظروف جديدة تقوم هي بخلقها، بشرط أن تكون لديها نية صادقة وحكمة داخلية.
كما حذَّر روحاني من أن عدم الاهتمام بالبعد الثقافي سيُقلل من قدرتنا على النمو، ويُقلل من قدرات المجتمع على مواجهة التدخلات الغربية، خاصة أنَّه في بعض الدول الإسلامية أدى هذا الأمر إلى فقدان شخصيتها وثقافتها، ودفعت ثمناً باهظاً لذلك.
روحاني دعا كذلك إلى التخلص من القيود الاستعمارية، وما وصفه بالكره الذي يوجد في الدول الإسلامية، وقال: "إذا لم نتعاون في المجتمع الإسلامي فلن نحقق أي شيء".
وأضاف: "اليوم هو يوم القرار للتقدم في العالم الإسلامي على أساس التعاون، نحن يجب أن نتعامل فيما بيننا، كل دولة منا لديها قدراتها الخاصة، المهم هو أن نستطيع أن نأخذ خطوات مدروسة لتعاون منهجي مثمر في مجالات الاقتصاد أولاً".
كما دعا روحاني إلى تعاملٍ مصرفيّ خاص بالدول الإسلامية، وقال: "نفهم أن الكثير من الصفقات تعتمد على التأمينات الخارجية، نحن كدول مسلمة نستطيع أن نصل إلى قطاع تأميني خاص يحمينا من الاعتماد على القطاع الخارجي".
وأضاف: "يجب أن نتعامل مع نقودنا المحلية، ولا نعتمد على الدولار الأمريكي، لن يكون لدينا استقلال بهذا الشكل".
رؤية تركيا
فيما قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن القمة طرحت العديد من المشاكل والتحديات الأساسية التي تواجهنا، لكن الأهم من طرح المشاكل هو إيجاد حلول لها، مشيراً إلى أنه يجب على الدول الإسلامية أن تركز على الذي يمكنها أن تقوم به مع بعضها البعض لحل هذه المشاكل.
مضيفاً أنه يجب أن تتحرر الدول الإسلامية في تعاملاتها من العملات الأجنبية، وأن تتعامل بعملاتها المحلية، لكن الوضع الراهن يجعل البنية التحتية المالية لبلادنا في حالة من التموجات. ولحلّ هذا الأمر عاجلاً، يجب أن نتخذ خطوات عملية للتعامل مع عملاتنا المحلية.
مشيراً إلى أنه يجب أن نتحدث عن صندوق المال الإسلامي، الذي تلعب فيه ماليزيا دوراً ريادياً، وتركيا تسعى في رؤيتها إلى فتح مصارف إسلامية.
كما أكد أردوغان أهمية التركيز على التكنولوجيا التي تحقق استثماراً مربحاً وله قيمة إضافية، كما فعلت بعض الدول التي كانت في قائمة الدول المتخلفة، وغيرت ذلك بفضل التكنولوجيا.
أما عن التعليم، فأكد الرئيس التركي أهميته في العالم الإسلامي، قائلاً إننا يجب أن نركّز أكثر على التعليم، ففي بلداننا لا نخصص سوى 3% أو 2% من الميزانية للتعليم، بينما بعض دول العالم ميزانية تعليمها تفوق 4%.
شراكات ثنائية في أولى جلسات قمة كوالالمبور
في آخر الجلسة أعلن القادة المشاركون عن مشاريع وشراكات جديدة بين تركيا وماليزيا، جاء على رأسها المجموعة الصناعية للتكنولوجيا العالية من أجل الصناعات الكيمياوية والعلمية، كما ستتعاون تركيا وماليزيا في مجال التبادل الطلابي والبحث العلمي، وذلك عن طريق مركز الامتياز في العالم الإسلامي، والذي سيهتم بمجال تطوير المهارات والاكتشفات العلمية والتكنولوجيا الحديثة.
أما عن مكافحة الإسلاموفوبيا، فقد وقّعت تركيا وماليزيا اتفاقية عاجلة لتأسيس مركز لمكافحة الإسلاموفوبيا، وتحسين صورة الإسلام في العالم.
فيما خلصت الجلسة كذلك إلى توقيع اتفاقية في مجال الصناعات الفضائية والتطوير التكنولوجي، لزيادة الدخل العام للدول المسلمة.
قمة كوالالمبور
انطلقت الجلسة الأولى للقمة صباح الخميس 19 ديسمبر/كانون الأول 2019، حيث أكد في بدايتها رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد أنّ القمة التي تستضيفها بلاده والتي تحمل عنوان "دور التنمية في تحقيق السيادة الوطنية" لا تهدف إلى مناقشة الأديان، إنما كلّ تركيزها على مناقشة أوضاع المسلمين في العالم.
وأكد زعماء كل من ماليزيا وتركيا وقطر وإيران في الجلسة الأولى لقمة كوالالمبور الإسلامية، على ضرورة إيجاد الحلول العملية للمشاكل التي تواجه العالم الإسلامي، رافضين الاستسلام للتحديات والعقبات التي تواجه الأمة.