أضرم محتجون عراقيون النار في مدخل ضريح لرجل الدين الشيعي محمد باقر الحكيم، في مدينة النجف جنوب البلاد، وهو ما استدعى تدخُّل قوات الأمن، التي ردَّت بإطلاق النار وقنابل غاز مسيلة للدموع متسببةً في وقوع جرحى، وذلك في تطور يهدد بمزيد من سفك الدماء بعد يوم هادئ.
يأتي هذا الحادث، السبت 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، خلال واحد من أشد الأسابيع دموية في الاحتجاجات المناهضة للحكومة العراقية التي اندلعت الشهر الماضي، والتي أدت إلى استقالة رئيس الوزراء عادل عبدالهادي؛ في محاولة لتهدئة غضب الناس.
وكالة الأناضول نقلت عن مصدرين طبي وأمني وشهود عيان في محافظة النجف، قولهم إن 25 متظاهراً أصيبوا إثر إطلاق قوات الأمن الرصاص، خلال إضرام النيران بالبوابة الرئيسة للمرقد.
وسط هذا التصعيد في النجف، عززت السلطات العراقية وجودها الأمني والعسكري بالمدينة، لاحتواء الأوضاع المتوترة فيها.
من جانبها، دعت قيادة شرطة النجف، في بيان، المحتجين إلى ضبط النفس، والتزام التظاهر في ساحة "الصدريين"، بدلاً من التوجه إلى ساحة ثورة العشرين، حيث مرقد الحكيم.
كما تعهدت الشرطة بأنها ستحاسب وفق القانون "كل من تورط في قتل المتظاهرين، وسنقدمه إلى العدالة"، وفق تعبيرها.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي نشر عراقيون مقاطع فيديو، تُظهر لحظة اشتعال النار في مدخل الضريح، كما نشروا شهادة شاب متظاهر، قال إنه كان معتقلاً داخل الضريح، وأشارت روايات عراقيين على موقع تويتر إلى أن السلطات حوَّلت مكان الضريح إلى سجن للمتظاهرين وإخفائهم.
تكتسب الأحداث في النجف زخماً كبيراً؛ باعتبار أن المدينة مقدسة للمسلمين الشيعة، وهي مكان إقامة المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني، الذي عبَّر أكثر من مرة عن دعمه لمطالب الاحتجاجات الشعبية.
شهدت المدينة تصعيداً كبيراً عندما أحرق محتجون، الأربعاء الماضي، مبنى القنصلية الإيرانية فيها ورفعوا عليها عَلم العراق، ورددوا شعارات مناهضة لطهران.
يرى المتظاهرون العراقيون أن إيران تتحمل جزءاً من مسؤولية تدهور الأوضاع الاقتصادية والسياسية التي وصل إليها بلدهم، ويقولون إن طهران تسيطر على مفاصل مهمة في الدولة، منحتها سلطة اتخاذ قرارات انعكست على العراقيين.
وسط هذه التطورات، ما تزال أعداد ضحايا الاحتجاجات في ازدياد، ويشير إحصاء أجرته وكالة الأناضول إلى أن ما لا يقل عن 418 قتيلًا وأكثر من 15 ألف جريح سقطوا منذ بدء الاحتجاجات، وذلك بالاستناد إلى أرقام كل من لجنة حقوق الإنسان البرلمانية، ومفوضية حقوق الإنسان (رسمية)، ومصادر طبية وحقوقية.
تشير الأرقام إلى أن الغالبية العظمى من الضحايا هم من المحتجين، وسقطوا في مواجهات ضد قوات الأمن ومسلحي فصائل شيعية مقربة من إيران.
يشار إلى أنه منذ منذ مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يشهد العراق احتجاجات غير مسبوقة طالبت برحيل حكومة عادل عبد المهدي، التي تتولى السلطة منذ أكثر من عام.
طالب المحتجون في البداية بتأمين فرص عمل وتحسين الخدمات ومحاربة الفساد، قبل أن تتوسع الاحتجاجات بصورة غير مسبوقة، وتشمل المطالب رحيل الحكومة والنخبة السياسية المتهمة بالفساد.