اتهمت النيابة العامة المصرية، الإثنين 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، موقع "مدى مصر" بأنه تابع لجماعة الإخوان المسلمين، ويقوم "بنشر أخبار وشائعات كاذبة لتكدير الأمن العام".
يأتي هذا الإجراء بعد أن صعدت قوات الأمن المصرية يوم الأحد ضغوطها على "مدى مصر" آخر منفذ إخباري مستقل في البلاد، فداهمت مقره واحتجزت ثلاثة من كبار المحررين بشكل مؤقت. فيما كانت السلطات الأمنية اعتقلت محرراً آخر يعمل في الموقع يوم السبت.
بيان صحفي لنيابة أمن الدولة
وقال بيان صحفي للنيابة إن اقتحام مقر مدى مصر جاء عقب إذن قضائي من نيابة أمن الدولة العليا بتفتيش مقر الموقع والكائن بوحدة سكنية بحي الدقي بمحافظة الجيزة، بحسب ما نقله موقع المصري اليوم.
وأكدت النيابة أن التفتيش "أسفر عن ضبط آلات ومعدات تستخدم في الجريمة محل الاتهام" دون توضيح ما هي طبيعة هذه الآلات والمعدات.
وحصل مدى مصر، الذي ينشر عبر الإنترنت باللغتين العربية والإنجليزية، على جوائز دولية لتقاريره الاستقصائية الرائدة رغم حملة القمع التي استمرت 6 سنوات على حرية الصحافة في ظل حكم الرئيس عبدالفتاح السيسي.
وأصبحت مصر واحداً من أكثر البلاد محاربة للصحفيين، فوفقاً للجنة حماية الصحفيين، قامت قوات الأمن باعتقال ثمانية صحفيين منذ موجة الاحتجاجات في الشوارع المناهضة للحكومة في سبتمبر/أيلول 2019.
وتتحدث جميع وسائل الإعلام الحكومية والخاصة تقريباً بصوت واحد مؤيد للحكومة. كما استحوذت وكالات الاستخبارات والأجهزة الأمنية الموالية للسيسي على معظم وسائل الإعلام المصرية الخاصة في الدولة.
تفاصيل اقتحام مقر مدى مصر
وبالرغم من كل هذه الضغوط الأمنية، فإن مدى مصر تحدى الظروف، واستمر في نشر التحقيقات الرائدة، وكان آخرها تقرير الأسبوع الماضي بأن نجل الرئيس محمود السيسي قد تم عزله من دوره البارز في وكالات الاستخبارات بسبب ضعف أدائه.
وعقب نشر هذا التقرير تصاعدت الضغوط الحكومية على "مدى مصر" السبت، فألقت الأجهزة الأمنية القبض على الصحفي شادي زلط، 37 عاماً، بعد مداهمة لمنزله. وقامت باحتجازه في مكان غير معلوم، قبل أن يتم إطلاق سراحه مساء يوم الأحد على جانب طريق سريع، على حد قول "مدى مصر" في بيان.
وفي الساعات التي سبقت إطلاق سراحه، داهم ما يصل إلى 9 من ضباط الأمن بملابس مدنية مكتب مدى مصر. واحتجز الضباط موظفي المنظمة وصادروا هواتفهم، وقاموا باستجوابهم لمدة 3 ساعات.
كما طلب الضباط من بعض الصحفيين فتح هواتفهم الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة وتفتيش أجهزتهم.
وعقب انتهاء الضباط من عملهم داخل المكتب، تم اصطحاب رئيسة تحرير الموقع لينا عطا الله والصحفيَّين محمد حمامة ورنا ممدوح في سيارة أجرة، إلى مركز شرطة قريب، وتم احتجازهم لفترة قصيرة.
قامت السيدة عطا الله، 36 سنة، بتأسيس "مدى مصر" في عام 2013، قبل فترة وجيزة من الاستيلاء العسكري الذي أوصل السيسي إلى السلطة.
وفرضت السلطات المصرية حظراً على موقع مدى مصر على مدار العامين الماضيين، إلا أنه ظل متميزاً لدى الجمهور، ولا غنى للنشطاء والمثقفين المصريين عنه، وكانوا يصلون له عبر خدمة VPN التي تكسر الحجب عن المواقع.