قال موقع "مدى مصر"، اليوم الأربعاء 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، إنه علِم من مصدرين داخل جهاز المخابرات العامة، أن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، قرر إبعاد نجله محمود إلى روسيا، بسبب تنامي نفوذه الذي أثر سلباً على الرئيس.
وأشار مصدرا الموقع الأمنيان إلى أن قراراً صدر قبل أيام، يقضي بندب محمود السيسي، الضابط في جهاز المخابرات العامة، للقيام بمهمة عمل طويلة في بعثة مصر العاملة لدى روسيا.
ولم يتسنَّ لـ "عربي بوست" التأكد من صحة ما ذكره الموقع.
وجاء قرار الإبعاد بدفع من بعض الشخصيات المحيطة بالرئيس، فضلاً عن رؤية الإدارة أن محمود السيسي فشل في إدارة عدد من الملفات التي تولاها.
ولفت الموقع إلى أن مصدرَيه لم يُحددا المدة التي سيقضيها محمود في موسكو، لكنهما اتفقا على أنها مهمة طويلة الأجل قد تستغرق شهوراً، وربما سنوات.
ونقل الموقع عن مصدر حكومي رسمي قال إنه في دوائر السلطة العليا، وآخر سياسي على اتصال بمقربين من دوائر السلطة، قولهما إن "السيسي الابن سيكون مبعوثاً عسكرياً لمصر لدى روسيا".
وأشار المصدر نفسه إلى أن السيسي تحدث بالفعل في الأمر مع الجانب الروسي، "ووجد الأمر ترحيباً".
دور إماراتي في القرار
ويبدو من خلال ما ذكره موقع "مدى مصر"، أن الإمارات لها دور مؤثر في قرار السيسي إبعاد ابنه، حيث نقل الموقع عن مصدر قال إنه قريب من دوائر صنع القرار في إمارة أبوظبي، قوله إن "قرار إبعاد محمود السيسي يعد تنفيذاً لمقترح إماراتي تمت الإشارة به على الرئيس في معرض التنسيق الثنائي رفيع المستوى الممتد بينه وبين ولي عهد الإمارات محمد بن زايد، الحليف الأقرب للرئيس المصري".
ويشير المصدران الأمنيان إلى أن القرار جاء أيضاً بعد مشاورات مطولة داخل دائرة أسرة السيسي والمجموعة الصغيرة المحيطة بها، وعلى رأسها اللواء عباس كامل، رئيس جهاز المخابرات العامة، واللواء محسن عبدالنبي، مدير مكتب رئيس الجمهورية.
واتفق المشاركون في تلك المشاورات على أن بروز اسم نجل الرئيس على السطح كأحد أهم صناع القرار بمصر، وتواتر اسمه مؤخراً في تقارير إعلامية عربية وعالمية، "أضر كثيراً بصورة الرئيس والأسرة، بل بات يشكل تهديداً واضحاً لاستقرار النظام بشكل عام".
وأشار مصدر في المخابرات -تحدث للموقع المصري- إلى أن الهدف من انتقال محمود السيسي إلى روسيا إخراجه بشكل لائق يهدّئ من حدة الانتقادات الموجهة إليه، وفي الوقت نفسه يمنحه الفرصة لاكتساب خبرات جديدة.
أما عن قرار السيسي إرسال نجله إلى روسيا في المقام الأول، فيعود إلى تمتُّع القاهرة بعلاقة صداقة قوية مع موسكو، "فضلاً عن إعجاب المسؤولين بنموذج وخط بوتين السياسي".
مواجهة محمد علي
وكان اسم محمود السيسي قد برز بشكل واضح بعدما بدأ رجل الأعمال والفنان المصري محمد علي بالظهور على وسائل التواصل الاجتماعي، وحديثه عن وقائع فساد كبير في مؤسسة الجيش، وتنفيذ مشاريع أُهدر فيها المال العام لصالح الرئيس وعائلته، مثل بناء القصور الرئاسية والفيلات.
وكثيراً ما تحدث عليّ عن دور محمود السيسي، وقال في أحد مقاطع الفيديو إن نجل السيسي هو من يدير الدولة، لا سيما بعدما أصبح الرجلَ الثاني في جهاز المخابرات العامة بعد اللواء عباس كامل الذي يترأس الجهاز.
وفي هذا الصدد، قال أحد مصادر جهاز المخابرات العامة لموقع "مدى مصر" إن من أبرز الملفات التي أخفق فيها محمود السيسي ملف الإعلام الذي يسيطر عليه مباشرة منذ أكثر من عام، لدرجة دفعت السيسي نفسه إلى انتقاد الإعلام في مصر.
وأضاف المصدر أن محمود السيسي فشل في إدارة ملف الفنان والمقاول محمد علي، والذي تولى إدارته أيضاً من اليوم الأول ولم يحقق فيه نجاحاً يُذكر، بل انتهى الأمر بنزول آلاف إلى الشوارع استجابة لدعوة علي، وهي المظاهرات التي تحدث عنها عدد من المسؤولين في حينه وعن مفاجأتهم من رفعها شعار "ارحل يا سيسي".
كذلك أشار المصدر إلى إخفاق نجل السيسي عندما اقترح فكرة إعلان الإعلامي عمرو أديب عن استضافته (محمود السيسي) في حلقة برنامجه الحكاية، يوم 22 سبتمبر/أيلول، ليتضح بعدها أن المقصود هو العضو المنتدب لمجموعة صيدليات 19011، التي انتشر حديث عن ملكية المخابرات لها.
وتسبب ذلك حينها في تداول اسم أسرة الرئيس بشكل أكبر، بدلاً من الهدف الأساسي من الفكرة وهو نفي ملكية المخابرات العامة لسلسلة الصيدليات وتوجيه ضربة إلى الإعلام المعارض للسيسي.
خشية من انزعاج المخابرات
ويريد الرئيس المصري من إبعاد نجله تخفيف حدة التوتر المتزايد داخل جهاز المخابرات العامة، إزاء الدور الذي يقوم به السيسي الابن داخل الجهاز من عمليات "تطهير"، تم بسببها الإطاحة بمجموعة من كبار العاملين في الجهاز، بدعوى أنهم من "رجال عمر سليمان (الرئيس السابق للمخابرات العامة في وقت الرئيس حسني مبارك) ولا ولاء لهم للدولة الجديدة" ، وفقاً لمصادر الموقع المصري.
ونقل الموقع عن مصدر كان يعمل سابقاً في المخابرات العامة، وآخر يقوم بدور استشاري للجهاز في عدد من الملفات الخارجية، قولهما: "إن هناك حالة من عدم الارتياح في الجهاز إزاء الطريقة الصدامية، والحادة التي يتعامل بها محمود السيسي مع الملفات وتجاهله كثيراً من النصائح التي تُرفع إليه".
وكانت هناك خلافات أساسية بين الرئيس المصري عندما كان بمنصب مدير المخابرات الحربية، والمخابرات العامة ومديرها عمر سليمان حول كيفية إدارة البلاد.
وحسب مصادر تحدثت في وقت سابق لـ "عربي بوست" ، فإن أول الخلافات التي دبت بين السيسي وسليمان، كانت عندما أصبح الأخير نائباً لرئيس الجمهورية خلال فترة ثورة يناير/كانون الثاني عام 2011، إذ رفض سليمان طلب السيسي تعيين نجله محمود في المخابرات العامة.
والسبب وراء هذا -بحسب مصادر "عربي بوست"- يعود إلى أن سليمان أدرك الدور الدولي الذي يمكن أن يلعبه السيسي مستقبلاً وتفريطه في قضايا تعتبر أمناً قومياً لمصر، وهو ما كان يظهر خلال المناقشات بين الرجلين.
وعندما أصبح السيسي رئيساً، أدرك بوضوح أنه لن يحكم قبضته على البلاد إلا بالسيطرة التامة على جهاز المخابرات العامة، خصوصاً أن من يديره هم أتباع عمر سليمان والذين يحملون العقلية نفسها.
وبدأ السيسي تصفية جهاز المخابرات العامة، فعيَّن أولاً رجل المخابرات الحربية محمد فريد التهامي رئيساً للجهاز، وعيَّن نجله محمود مديراً في المكتب الفني لمدير المخابرات العامة بعدما نقله من المخابرات الحربية.
إبعاد لشخصيات أخرى
ويُتوقع -بحسب موقع "مدى مصر"- ألا يكون نجل السيسي هو الوحيد ضمن قائمة المبعَدين، حيث نقل عن مصدرَي المخابرات العامة حديثهما عن صدور قرار إبعاد مماثل لضباط آخرين، إما بالندب للعمل خارج البلاد أو في مؤسسات حكومية أخرى بالداخل، في سياق إعادة ترتيب المسؤوليات داخل جهاز المخابرات.
ورأى المصدران السياسي والرسمي اللذان تحدثا للموقع، أن إبعاد "محمود السيسي عن المخابرات العامة إذا تم فعلياً فلا يعني بالضرورة ركلة إبعاد لأكثر أبناء السيسي نفوذاً، بل ربما يكون محاولة صقل له، بمنحه فرصة ترؤس مندوبية عسكرية في دولة لها أهمية بالغة بالنسبة لمصر، سواء في مجال التعاون العسكري بأشكال متعددة، أو في مجالات أخرى، أهمها حالياً إنشاء مفاعل الضبعة النووي".
وخلال 4 سنوات فقط، قفز محمود السيسي سريعاً في المناصب عبر ترقيات استثنائية ليصل إلى رتبة عميد، وأُسند إليه منصب مدير المكتب الفني بالجهاز في أثناء تولي اللواء خالد فوزي إدارة جهاز المخابرات العامة.