ترك المهاجرون القتلى الـ39، الذين عُثر على جثثهم داخل مقطورة تبريد في مقاطعة إسيكس الإنجليزية، بصماتٍ دامية داخل الحاوية التي حُوصروا فيها.
وذكرت مصادر لصحيفة Mirror البريطانية، اليوم السبت 26 أكتوبر/تشرين الأول 2019، أنّ الضحايا الذين عُثر عليهم في الساعات الأولى من صباح يوم الأربعاء الماضي كانوا إما يرتدون القدر الأدنى من الملابس أو عرايا.
آخر رسالة
وأرسلت فام ثاي ترا، وهي إحدى النساء التي يُعقتد أنها من بين المتوفين، رسالة مرعبة أخيرة لأمها من داخل الحاوية المعدنية.
وكتبت فام البالغة من العمر 26 عاماً: "عذراً أمي، لم تنجح رحلتي للخارج. أمي، أحبك للغاية. أنا أموت لأنني لا أستطيع التنفس".
وأُرسلت الرسالة الساعة 10:28 مساء يوم الثلاثاء 22 أكتوبر/تشرين الأول، أي قبل ثلاث ساعات من العثور على جثث 8 نساء و31 رجلاً مكومة داخل حاوية التبريد المغلقة.
وقالت الصحيفة البريطانية إن فرق الطوارئ وجدت بصمات بالدماء على الجهة الداخلية من أبواب الصندوق المعدني.
ونقلت عن أحد المصادر قوله: "عندما فُتح باب الحاوية فزع أول المستجيبين من منظر عشرات الجثث المكوّمة فوق بعضها البعض"، وأضاف: "كانت الرغوة تخرج من فم الجثث الأقرب من الباب، وكانوا في المراحل الأولى من التيبّس الذي يلي الموت".
وواصل الحديث: "كانت هناك بصمات دامية في كل مكان داخل الشاحنة، فبالتأكيد كانوا يقرعون الحوائط طلباً للمساعدة، كانوا يرتدون القدر الأدنى من الملابس، وفي بعض الحالات كانوا عرايا".
وقالت عائلة فام ثاي ترا ماي إنها دفعت 30 ألف يورو (33 ألف دولار) لتهرب إلى بريطانيا عن طريق الصين وفرنسا، وهذا يزيد من احتمالات أن المهربين تلقّوا ما يقرب من 1.2 مليون يورو (1.33 مليون دولار) مقابل الـ39 مهاجراً.
اعتقال متهمين بالحادثة
وأُلقي القبض حتى الآن على 4 أشخاص على خلفية هذه الوفيات، من بينهم زوجان، هما جوانا وتوماس ماهر، كلاهما 38 عاماً، من وارينغتون، بمقاطعة تشيشير.
واعتقدت الشرطة في البداية أن الضحايا كلهم صينيون، لكن هناك على الأقل 6 عائلات فيتنامية تخشى أن يكون بعض أحبائهم من بين الموتى.
وقال أخو فتاة فيتنامية عمرها 19 عاماً، إنها اتصلت به هاتفياً صباح يوم الثلاثاء، وقالت إنها ستدخل إلى حاوية، وإنها ستُغلق هاتفها حتى لا يُكشف أمرُها. ولم يسمع عنها شيئاً منذ ذلك الحين.
بينما تقول عائلة نغوين دينه لونج، 20 عاماً، إنه سافر من فيتنام إلى فرنسا منذ أكثر من عام، ولم نسمع عنه في الأيام الأخيرة.
وما زالت الشرطة تستجوب جوانا وتوماس، في الاشتباه بارتكابهما جرائم تهريب البشر والقتل العمد لـ39 شخصاً.
وقالا لصحيفة Mirror قبل ذلك بساعات، إنهما كانا يملكان شاحنة نقل يقودها مو روبنسون، 25 عاماً، من لوريلفيل، في أيرلندا الشمالية، وأُلقي القبض عليه يوم الأربعاء الماضي، للاشتباه في تورطه في جريمة القتل بعد العثور على الضحايا موتى في الحاوية في غريس، بمقاطعة إسيكس.
وأضاف الزوجان أنهما باعا السيارة المسجلة في بلغاريا منذ عام إلى شركة في أيرلندا.
وتحدّث ماهر من أمام منزله الذي يساوي 250 ألف يورو (277 ألف دولار)، ويُعتقد أنه يمتلك شركة شحن: "ما حدث مثير للاشمئزاز"، مضيفاً أنه اتصل بالشرطة بعدما سمع بخبر الوفيات.
من جانبه، قال إيفان جيليازكوف في بلغاريا إنه ساعد في تأسيس شركة كانت تمتلك الشاحنة، مضيفاً أن الزوجين "أناس شرفاء".
وبينما يخضع الزوجان للاستجواب، كشفت الشرطة يوم أمس الجمعة، أنها اعتقلت شخصاً رابعاً.
المهاجرون ربما أتوا من الصين
واعتُقل الرجل الذي يبلغ من العمر 48 عاماً وهو من أيرلندا الشمالية، في مطار ستانستيد في إسيكس، للاشتباه في ارتكابه جرائم القتل غير العمد، والتآمر من أجل تهريب البشر.
وحلَّلت الشرطة بيانات نظام تحديد المواقع عالمياً الخاصة بالحاوية، وقال مصدر: "المهاجرون ربما أتوا من الصين، لكن بيانات نظام تحديد المواقع ترجح أن الحاوية لم تمر خلال رحلتها بالقرب من أوروبا الغربية".
وعلمت صحيفة Mirror أن البيانات أظهرت أن الحاوية وصلت إلى هوليهيد عند منطقة أنغلزي يوم 16 أكتوبر/تشرين الأول، قبل أن تعبر إلى أوروبا القارية ذاك المساء.
وسافرت الحاوية إلى دينكيرك وليل في فرنسا، وبروغ في بلجيكا، ثم خاضت رحلتين بين المملكة المتحدة وأوروبا القارية، في الفترة بين 17-22 أكتوبر/تشرين الأول.
ويُعتقد أن معظم أو كل الضحايا كانوا موتى، عندما التقط روبنسون الحاوية في بورفليت على نهر التايمز الساعة 1:05 صباحاً. وقاد مسافة قصيرة حتى وصل إلى حديقة ووترغليد الصناعية في غريس، حيث كان الاكتشاف المروع للجثث داخل الحاوية.