دخلت الانتفاضة الشعبية في لبنان أسبوعها الثاني، وسط إضراب عام وحالة شلل تواجهها الأسواق المحلية بما فيها البنوك العاملة في البلاد.
ولبنان المتأرجح على حافة تعمق أزمته الاقتصادية، يعيش اليوم إرهاصات هبوط جديد، سببها سلطة تأبى التنحي وتأمين البديل، ومتظاهرون يريدون حلاً جذرياً للفساد، تحسين الأوضاع الاقتصادية.
آخر ثلاثة وزراء تعاقبوا على وزارة الاقتصاد في لبنان، ما قبل الوزير الحالي، تفاوتت هواجسهم تجاه الواقع الحالي، لكنهم أجمعوا في أحاديث متفرقة لوكالة الأناضول، على ارتفاع الكلفة الاقتصادية لاستمرار المظاهرات.
انهيار مالي
وأكد وزير الاقتصاد السابق رائد خوري أن " كلفة التظاهر أو تعطيل البلاد اليومية تقارب 138 مليون دولار، وكلفة الأسبوع الكامل من التظاهرات تجاوزت 972 مليون دولار، على اعتبار أن الناتج القومي السنوي للبنان يساوي 50 مليار دولار.
"إنها كلفة كبيرة"، كما يقول خوري للأناضول، "وتأتي نتيجة التأثير المباشر لتوقف عمل الدورة الاقتصادية، يضاف إليها كلفة الثقة التي تؤدي لانخفاض سندات الخزينة، إذ تراجعت خلال الأسبوع الماضي قرابة 4%".
ويتخوف الوزير خوري، من "هروب بعض الودائع من المصارف وتحويل الحسابات المصرفية من الليرة إلى الدولار، عقب فتح المصارف لأبوابها، وهو أخطر ما يمكن أن يحصل".
وزاد: ليس لدينا رفاهية في أن نخسر ودائع في ظل عدم وجود سيولة كبيرة بالدولار، لا في المصرف المركزي ولا في المصارف.. أعتقد أنه أحد أسباب استمرار المصارف بإقفال أبوابها".
وعن استقالة الحكومة والدخول في الفراغ، يعلق خوري: "الاستقالة من دون بديل حكومي سريع في مهلة أقصاها 48 ساعة، تعني الدخول بالمجهول اقتصادياً ومالياً".
استهلاك معدوم
بدوره، أكد "آلان حكيم" وهو وزير الاقتصاد الأسبق، أن "الاقتصاد اللبناني يتكلف باليوم الواحد بين 120 مليون دولار بالحد الأدنى و200 مليون دولار بالحد الأقصى.
وأضاف حكيم أن كل القطاعات متضررة ومتأثرة بالتعطيل، "هذه حلقة متواصلة، لاسيما على صعيد الاستهلاك الذي هو اليوم الركيزة الأولى للاقتصاد اللبناني".
"التعطيل أثر بالدرجة الأولى على الاستهلاك اليومي، الذي انخفض من 80 إلى 85% نظراً لإقفال الأسواق، وهنا نتحدث عن المواد الأولية والطعام من دون أن ندخل بالقطاع النفطي والسياحي والزراعي".
لكنه أبدى تفاؤله "بتعويض بعض الخسائر عندما تفتح الأسواق، ويعود معها الضغط على الاستهلاك، لكل هناك تبعات اقتصادية لما يحصل يجب أن يتنبه المعنيون لخطورتها، وهي الثقة".
"الثقة بالحكومة الحالية مع نزول مليوني متظاهر إلى الشارع، أصبحت مفقودة، عامل الثقة هو الأول لناحية المعايير الاقتصادية والمالية لتداول الحكومة مع الهيئات المالية الاقتصادية الدولية".
أخطر من أزمة الشارع
أما نقولا نحاس وزير الاقتصاد الأسبق، والمقرر الحالي في لجنة المال والموازنة النيابية، فيتفق مع زميلَيه، بما يخص الكلفة الاقتصادية الكبيرة لما يحصل في الشارع.
لكنه يرى أن "الخطورة تكمن في مكان آخر، وهي أن لبنان لديه أزمة اقتصادية ومالية كبيرة، وأزمة سيولة كانت قد بدأت وترجمت في الأسواق المالية ما قبل أزمة الشارع".
وأضاف: يجب التفكير بأزمة السيولة جدياً، لأنها ستستكمل من بعد انتهاء موجة الاحتجاجات الشعبية وبوتيرة أسرع.
ويرى نحاس أنه "لا بد من سماع صوت الشارع، والذهاب لمشهد سياسي مختلف، والبحث عن آلية حكم تدير الأزمة المالية والاقتصادية".
الاحتجاجات متواصلة
ويتوافد مئات آلاف اللبنانيين يومياً إلى الشوارع العامة وساحات التظاهر، منذ 17 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، للمطالبة بإسقاط الحكومة، ورحيل الطبقة السياسية الحاكمة، التي يتهمونها بالفساد، ويحملونها مسؤولية تردي الأوضاع المعيشية.
وتواصل المؤسّسات العامّة والخاصّة في البلاد إغلاق أبوابها، بسبب قطع الطرقات الرئيسيّة في المدن الكبرى، بما فيها العاصمة بيروت.
وتستمر الاحتجاجات الشعبية في الشارع اللبناني على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، منذ أسبوع، في وضع أصاب البلد بالشلل، عبر استمرار إغلاق المصارف والمدارس والجامعات، مع قطع الطرقات الرئيسية في البلاد.