جدد حادث اكتشاف 39 جثة في شاحنة نقل بمدينة إسيكس البريطانية، التركيز على المخاطرات التي يخوضها المهاجرون غير الشرعيين في أثناء طريقهم إلى المملكة المتحدة؛ سعياً وراء الأمان والمأوى.
وتم اكتشاف الجثث في شاحنة تحوي وحدة تبريد وتجميد تصل درجة حرارتها إلى 25 تحت الصفر مسجَّلة في بلغاريا، وتم اعتقال سائق من أيرلندا الشمالية، للاشتباه في تورطه بالجريمة. وفي حين لم تُعرف جنسيات الضحايا بعد، أصابت الحادثةُ المجتمع البريطاني بصدمة، وأثارت جدلاً حول القوانين البريطانية المتشددة للجوء، بحسب صحيفة The Guardian البريطانية.
لماذا يخاطر كثيرون من أجل اللجوء إلى بريطانيا
يؤدي الافتقار إلى مسارات السفر الآمنة والقانونية إلى المملكة المتحدة جزئياً إلى الاعتماد على السبل التي تهدد الحياة، والتي تتضمّن التكدّس في الجزء الخلفي من شاحنات التبريد أو ركوب الزوارق المُعرَّضة للخطر عبر البحار العاتية.
ولا يتسنّى للأشخاص الفارّين من تهديد التعذيب أو الاغتصاب أو الموت، طلب اللجوء قبل الوصول فعليّاً إلى بريطانيا، إذا استثنينا برنامج إعادة توطين اللاجئين السوريين المحدود في البلاد. وتقلّصت كذلك إلى حدٍّ كبيرٍ مسارات جمع شمل الأُسر، والتي تعني مقدرة أولئك الذين مُنِحوا صفة اللجوء في المملكة المتحدة على التقدّم بطلب لجلب ذويهم إلى البلاد.
وبحسب أحدث الأرقام المتاحة، منحت المملكة المتحدة الحماية -في شكل اللجوء أو الحماية الإنسانية أو أشكال بديلة من التصاريح وإعادة التوطين- لـ18519 شخصاً بالسنة المنتهية في يونيو/حزيران 2019.
ورغم هذا، يُعدّ ضمان اللجوء بالمملكة المتّحدة، التي تستضيف أقل من 1% من اللاجئين في العالم، أمراً صعباً نسبياً.
بريطانيا من الدول القليلة التي تحتجز المهاجرين فترات غير محددة
وعلاوة على ذلك، من المحتمل أن تكون سياسة البيئة العدائية التي تتضمّن احتجاز المهاجرين، إذ تُعتبر المملكة المتحدة واحدة من الدول المحدودة في العالم التي لا تُحدَّد فيها فترة الاحتجاز، قد أثنت بعض الأشخاص عن رغبة طلب اللجوء من الأساس؛ خوفاً من أن ينتهي بهم المطاف في العذاب.
وقد شجّعت اتفاقية دبلن، وهي اتفاقية معمول بها في بلدان الاتحاد الأوروبي وتنص على أن الفرد مؤهل للحصول على اللجوء فقط بأول بلد آمن يصل إليه، الأشخاص الذين لديهم أسباب وجيهة لرغبة السفر إلى المملكة المتحدة، مثل الإلمام الجيد باللغة على سبيل المثال، على فعل ذلك عبر مسارات سرية خطرة، غالباً ما يديرها مُهرّبون عديمو الرحمة.
ويقول المجلس المشترك لرعاية المهاجرين إنه "لا ينبغي أن ينتاب أحدٌ أي شك في أن المسؤولية الأساسية عن هذه الوفيات تقع على عاتق سياسة الحكومة، التي أغلقت عن عمدٍ مسارات الوصول الآمنة والشرعية إلى المملكة المتحدة".
وأضاف: "نحتاج ما هو أكثر من تعبيرات فارغة عن الحزن والصدمة على لسان وزير الداخلية البريطاني بريتي باتل ورئيس الوزراء بوريس جونسون".
وقال: "نحتاج التزاماً بفتح مسارات آمنة وشرعية للوصول إلى المملكة المتحدة، وقرارات سريعة للأشخاص الذين يسعون إلى حياة أفضل لأنفسهم في المملكة المتحدة. سوف يسافر الناس، لطالما فعلوا ذلك في الماضي وسيفعلون دوماً بالمستقبل، ولا ينبغي لأحد أن يخاطر بحياته من أجل هذا".
ولو كُتبت للضحايا النجاة لكانوا قد سُجنوا
وتتحمّل الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة مسؤولية معالجة ما تسميه جريمة الهجرة المنظمة، التي تختلف عن العبودية الحديثة والاتجار بالبشر، لأنها تنطوي على موافقة من جانب الفرد المُسافِر، في حين أن تلك الحالتين الأخيرتين تنطويان على السفر قسراً عبر الحدود.
ومع ذلك، هناك تداخل واضح، ويمكن أن يكون الحادث الذي شهدته إسيكس بمثابة عبودية حديثة أو اتجار بالبشر.
وتُستخدم مجموعة من المسارات في جريمة الهجرة المنظمة، من بينها الدخول سراً من بلدان أوروبا القريبة، والهجرة التي يجري تيسيرها عن طريق الوصول جوّاً إلى البلاد، واستخدام مستندات مزيفة أو مستندات يحصل عليها المهاجرون بالاحتيال، إضافة إلى خرق قواعد تأشيرة الدخول القانونية للبقاء داخل البلاد.
عصابات الجريمة المنظمة تجند المهاجرين
وفي عام 2018، ظهرت معسكرات جديدة للمهاجرين بمنطقتي غراند سينث وبحيرة بويتوك بالقرب من بلدية دونكيرك الفرنسية، حيث تنشط عصابات الجريمة المنظمة في تجنيد المهاجرين نظير مساعدتهم على الانتقال إلى المملكة المتحدة.
وتظل النقاط الحدودية المتجاورة، والتي يُشار بها إلى النقاط الحدودية بين بلجيكا وفرنسا والمملكة المتحدة وتطبّق إجراءات التدقيق قبل أن يستقلّ المسافرون القطارات أو العبّارات وليس بعد نزولهم منها- هي الوجهة الرئيسية للدخول سراً إلى المملكة المتحدة.
وهذه أكثر الجنسيات التي تهاجر إلى بريطانيا
في عام 2018، زاد عدد الإريتريين الذين اكتشفت سلطات مراقبة الحدود المتجاورة أمرهم بوضوح، إذ عُثِر على مواطنين إريتريين يختبئون في شاحنات تبريد وحاويات، وهو ما يشير على الأرجح إلى مستويات متزايدة من التنظيم.
وعلمت صحيفة The Guardian البريطانية أنه في العام الماضي، تصدّت السلطات لأكثر من 35 ألف محاولة لعبور تلك الحدود بطريقة غير قانونية في شمال فرنسا وبلجيكا. وخلال العام نفسه، اكتشفت السلطات وجود 8 آلاف شخص بالمملكة المتحدة، إما في موانئ الدخول وإما بعدما دخلوا البلاد بطريقة غير قانونية على متن مركبة.
وكانت الجنسيات العشر الأبرز لمن عُثر عليهم من دون وثائق على حدود البلاد في عام 2018، هي الجنسية الإريترية، والعراقية، والأفغانية، والإيرانية، والألبانية، والسودانية، والفيتنامية، والباكستانية، والسورية، والإثيوبية.
والآن، ما الذي يمكن فعله في المملكة المتحدة لتقليل فرصة الأفراد الذين يحاولون خوض مثل هذه الرحلات المحفوفة بالمخاطر؟ إبان البحث عن إجابة، دعا نشطاء حقوق اللاجئين وطالبو اللجوء إلى توسيع نطاق قواعد لمّ شمل أُسر اللاجئين، لتشمل تعريفاً أوسع للعائلة، وهو ما يسمح للأفراد المقيمين بأمان في المملكة المتحدة بجلب أفراد أُسرهم للانضمام إليهم.
وعَلَت النداءات أيضاً بمدّ نطاق برنامج إعادة توطين اللاجئين السوريين، الذي تديره المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إلى بلدان أخرى.