قالت صحيفة The Guardian البريطانية، إن السلطات المصرية اعتقلت آلاف الأشخاص في مصر، من بينهم أكثر من 100 طفل، سعياً لمنع المزيد من الاحتجاجات ضد حكم الرئيس عبدالفتاح السيسي.
وقد اعتُقِل ما لا يقل عن 3120 شخصاً منذ خروج مئات الأشخاص إلى الشوارع في 20 سبتمبر/أيلول الماضي، وفقاً لما ذكرته المفوضية المصرية للحقوق والحريات، التي يقع مقرها في القاهرة.
فيما قالت منظمة العفو الدولية إنَّ 111 طفلاً على الأقل قُبِض عليهم في الحملة القمعية، مشيرةً إلى أنَّ "بعضهم لا يتجاوز عمره 11 عاماً، وأنَّ الكثيرين منهم اعتُقِلوا في طريق عودتهم إلى المنزل من المدرسة".
واعتقلت أجهزة الأمن الكثيرين بعدما أوقفتهم عند نقاط التفتيش، حيث كان الضباط يطلبون منهم رؤية هواتفهم بحثاً عن مواد "سياسية". فيما أدانت جماعات حقوقية محلية وكذلك المجلس القومي لحقوق الإنسان التابع للحكومة المصرية هذه الممارسات ووصفتها بأنَّها غير دستورية.
أطفال في عمر الـ11 رهن الاعتقال في مصر
وأضيفت أسماء المحتجزين إلى قائمة اتهاماتٍ واحدة: مساعدة جماعة إرهابية، ونشر معلومات كاذبة، وإساءة استخدام شبكات التواصل الاجتماعي والمشاركة في احتجاجات غير مصرح بها. وقالت منظمة العفو الدولية إنَّ المحتجزين من بينهم 69 قاصراً على الأقل تتراوح أعمارهم بين 11 و17 عاماً.
وإذا أحيلت القضية إلى المحاكمة، فستكون أكبر محاكمة جنائية للمتظاهرين في التاريخ المصري.
يُذكَر أنَّ مئات الأشخاص احتشدوا في احتجاجاتٍ على قيادة السيسي في 20 سبتمبر/أيلول الماضي في خطوةٍ نادرة الحدوث، غاضبين بسبب اتهاماتٍ بأنَّ الجيش الحاكم في البلاد يهدر الأموال العامة على القصور والفنادق في بلدٍ يعيش 32.5% من شعبه تحت خط الفقر.
وطالت الاعتقالات أشخاصاً من جميع مجالات الحياة العامة تقريباً، بدءاً من المواطنين العاديين إلى الصحفيين والمحامين. فيما أعادت أجهزة الأمن اعتقال الناشط علاء عبدالفتاح من أحد مراكز الشرطة حيث كان مُجبراً على المبيت فيه ضِمن شروط إطلاق سراحه. وكذلك اعتُقِل محاميه محمد الباقر حين ذهب لتمثيله.
فيما اعتُقِلت شقيقة علاء، الناشطة سناء سيف، مدةً وجيزة يوم الأحد الماضي 6 أكتوبر/تشرين الأول لرفضها السماح لضباط الأمن في وسط القاهرة بتفتيش هاتفها.
حتى أنَّ الاعتقالات طالت زواراً أجانب إلى مصر
بمن فيهم طالبان جامعيان بريطاني وأمريكي ذهبا إلى القاهرة لدراسة اللغة العربية، واتُّهِما لاحقاً بالتجسس.
وقال آرون بوم الطالب الأمريكي: "لقد أوقفنا ضابطٌ يرتدي ملابس مدنية وطلب رؤية هواتفنا. ففتحت هاتفي وأعطيته إياه. فتصفَّح جميع تطبيقات شبكات التواصل الاجتماعي على هاتفي".
وعثر الضابط على مقالاتٍ إخبارية عن الاحتجاجات على هاتف بوم، وأوقف الطالبين أكثر من ساعة بينما كان يقرأ الرسائل الموجودة على هاتف الطالب الأمريكي. واعتُقِل بوم بينما كانت رالف شيلكوك يخضع للتحقيق في بيت الطلاب حيث كان الطالبان يقيمان، وتعرَّضا لضغطٍ من أجل مغادرة البلاد.
وذكر بوم أنَّهم عصبوا عينيه واقتادوه إلى مركز احتجاز. وقال: "بدءاً من هذه اللحظة، عُصبت عيناي 15 ساعة تقريباً"، مضيفاً أنَّ الضباط استجوبوه، مطالبين بمعرفة دوافع وجوده في البلاد والعمل مع منظمة صغيرة تُعلِّم اللغة الإنجليزية في الأحياء الفقيرة. وقال: "أثناء التحقيق، أداروني نحو الحائط، وصرخوا في أذني قائلين إنني في مأزق كبير للغاية".
وأضاف: "قال لي الضابط إنَّه ضابط استخبارات مصري وإنني متهمٌ بالتجسُّس. وذكروا مبررين للتهمة: أولاً، أنَّ مشاركتي في المقالات الإخبارية تعد تبادل معلوماتٍ استخباراتية مع دولةٍ أجنبية، وثانياً، أنَّ عملي في منظمة غير حكومية يُعد دليلاً على نيَّتي إطاحة النظام المصري".
واحتُجِز بوم أربعة أيام. واقتادوه إلى معتقلٍ يعتقد أنَّه يحتجز 300 شخص آخر. وفي أثناء احتجازه، التقى مواطنين أجانب آخرين، بمن فيهم أشخاصٌ من هولندا وتركيا والأردن وإريتريا واليمن، وقد أفرِج عن بعضهم فيما بعد. وذكر بوم أنَّه شاهد أدلة على تعرُّض المعتقلين الآخرين للتعذيب، بما في ذلك عصي مُلطَّخة بالدماء، وسمع صرخاتٍ من سجناء آخرين.
وحين سُئِل عن عدد المتهمين بالمشاركة في الاحتجاجات من بين المُحتجزين الذين رآهم، قال بوم: "جميعهم". تجدر الإشارة إلى أنَّ السلطات المصرية رحَّلته في 1 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
هجمات سيبرانية على كل من يعارض النظام المصري
وعلى صعيدٍ آخر، ذكرت شركة CheckPoint للأمن السيبراني في الأسبوع الجاري أنَّها اكتشفت أدلةً على سلسلة من الهجمات السيبرانية استهدفت منتقدي النظام المصري، من بينهم صحفيون وأكاديميون ومحامون وناشطون، بالإضافة إلى اثنين من الشخصيات المعارضة اعتُقِلا في الحملة القمعية.
وتتبَّع التقرير مصدر البرامج الضارة، التي اخترقت هواتف الضحايا وسمحت للمهاجمين بتتبُّعهم وقراءة محتوياتها، ووجد أنه قادمٌ من مكاتب حكومية مصرية.
ومن جانبه قال النائب العام في مصر إنَّ عدد المحتجزين بسبب الاحتجاجات أقل من 1000 شخص، مضيفاً أنَّ السلطات فحصت حساباتهم على شبكات التواصل الاجتماعي للحصول على أدلة على "التحريض على الاحتجاج". وحذَّر من أن أي دعواتٍ عبر الإنترنت إلى الاحتجاجات ستعتبر دليلاً على المشاركة في "تجمعات غير قانونية".
فيما سارع مسؤولون مصريون آخرون للرد على المظاهرات. إذ حذَّر النائب البرلماني مصطفى بكري من أنَّ البلاد يجب ألَّا تشن "حرباً على أولئك الذين يعبرون عن آرائهم". فيما هاجم بعض الوزراء الحكومة، واتهموها بعدم بذل ما يكفي لحماية فقراء البلاد من تدابير التقشف القاسية.
ومن جانبه ظل السيسي حازماً، ووصف المظاهرات بأنَّها أخبارٌ مزيفة تروِّج لها قوى أجنبية لزعزعة استقرار البلاد. وقال: "على مرِّ العقود الماضية، اتخذت الحرب أشكالاً وصوراً مختلفة حتى صارت الآن تستهدف معنويات الناس، وتدخل منازل المواطنين عبر منصاتٍ إعلامية جديدة".