كشفت شركة محاماةٍ مقرَّها الولايات المتحدة، أنَّها تقدَّمت في شهر يوليو/تموز 2019 الفائت، بعريضةٍ للمحكمة الجنائية الدولية لفتح تحقيقٍ مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، على خلفية دوره في مقتل الصحفي جمال خاشقجي، بجانب جرائمٍ أخرى ضدّ الإنسانية.
ووفقاً لشبكة CNN الأمريكية فقد "أعدَّ المحاميان بروس فين، وهو مساعد وكيل المدعي العام الأسبق تحت رئاسة رونالد ريغان، وبروس ديلفال العريضة بالنيابة عن مؤسسة المصلحة القومية، وهي منظمة غير ربحية مقرَّها واشنطن ذات توجُّه ناقد للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط".
محمد بن سلمان "اضطهد نُقّاده بلا رحمة"
وقيل في العريضة إنَّ ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قد "اضطهد نُقّاده وخصومه السياسيين على نحوٍ ممنهج وبلا رحمة"، منذ أن ترقَّى لمنصبه في يونيو/حزيران عام 2017. وقد قُدّمت العريضة في شهر يوليو/تموز الفائت، لكن لم يُعلَن عنها سوى الآن".
ونقل موقع قناة الجزيرة أنَّ الإعلان عن التقدُّم بالعريضة قد حدث يوم الأربعاء، 2 أكتوبر/تشرين الأول.
تنصُّ الوثيقة المقدَّمة، جزئياً، على أنَّ محمد بن سلمان، وهو الحاكم الفعلي للمملكة، تورَّط في "هجومٍ موسَّع وممنهج استهدف خصومه السياسيين من المدنيين" داخل وخارج المملكة، وفيه هو مذنبٌ "بالقتل، والتعذيب، والاغتصاب، والابتزاز، والاحتجاز غير القانوني، والملاحقة القانونية التعسفية، وتوقيع عقوبة الإعدام ظلماً، وهي جميعاً جرائم ضدّ الإنسانية كما هي معرَّفة في المادة السابعة من نظام روما الأساسي الذي تعتمده المحكمة الدولية".
وقيل في بيان العريضة: "كان أحد أجزاء الهجوم الممنهج الذي شنَّه محمد بن سلمان لاضطهاد خصومه أن أمر باغتيال الصحفي الشجاع جمال خاشقجي، الذي أُعدِم على يد فرقة التدخُّل السريع السعودية، التي قتلته وقطَّعت أطرافه داخل القنصلية السعودية بإسطنبول بتركيا".
وأخبر فين قناة الجزيرة: "حتى وإن لم يأمر محمد بن سلمان شخصياً باغتيال خاشقجي، فإنَّه مُساءل أمام القانون عن الجريمة. بصفته رجلاً يدري بأي أمرٍ ذي أهمية يحدث في السعودية. لا بد أن محمد بن سلمان قد علم بمخطَّط القتل حتى وإن لم يشرف على العصابة شخصياً".
وتقول العريضة: "لا شيء ذا أهمية يحدث في السعودية دون توجيهٍ أو موافقة من ولي العهد السعودي".
والاستخبارات الأمريكية أكدت تورطه في قتل خاشقجي
وكان جهاز الاستخبارات الأمريكي قد استنتج العام الفائت، أنَّ محمد بن سلمان كان وراء اغتيال خاشقجي.
وانتهى تحقيقٌ أجرته أجنيس كالامارد، مقررة الأمم المتحدة المعنية بالقتل خارج نطاق القضاء والإعدام الفوري والتعسفي على مدار خمسة أشهر، في شهر يونيو/حزيران الفائت، بأنَّ مقتل خاشقجي "العمد عن سبق الإصرار" كان على الأرجح مدبراً من قبل مسؤولين سعوديين على أعلى المستويات.
وكتبت أجنيس: "رأى كل خبيرٍ قدَّم استشارته بهذا التحقيق أنَّه من غير المعقول أن تتمّ عملية على هذا النطاق دون علم ولي العهد السعودي، على أقل تقدير، بشنِّ مهمةٌ ذات طابعٍ جنائي تستهدف خاشقجي".
ومن جانبه، أخبر محمد بن سلمان شبكة CBS الأمريكية، هذا الأسبوع، أنَّه يتحمل "المسؤولية كاملة" عن مقتل خاشقجي -الذي وصفه بأنَّه "غلطة"- ومع ذلك أنكر أن يكون قد أمر بقتل الصحفي.
وقالت أجنيس، في مقابلةٍ صحفية مع وكالة أنباء رويترز البريطانية، إنَّ محمد بن سلمان "يدرك ولو بشكلٍ ضمني أنَّ مقتل خاشقجي تمَّ بأمر الدولة"، وأنَّ أي عملية اغتيالٍ تتورَّط فيها "قنصلية الدولة وتتطلَّب تحضيراً وتخطيطاً وسبق إصرارٍ على مدار 24 ساعة هي ليست بغلطة".