أقر الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي السوداني الدكتور علي الحاج بأن أفضل ما حدث خلال الفترة الماضية هو ذهاب النظام السابق بلا رجعة، لكنه أشار إلى أن بدائله في الحكم هم من يمثلون إشكالية.
ووصف الحاج، خلال مقابلته مع "عربي بوست"، الوثيقة الدستورية بأنها "إقصائية"، واعتبرها وثيقة سياسية بحتة.
كما تحدث الحاج، الذي يترأس الحزب الذي أسسه المفكر والزعيم السياسي والديني حسن الترابي عام 1991، بوضوح حول مستقبل التيار الإسلامي في السودان، ونظرة حزبه إلى الحكومة والمجلس السيادي، وإمكانية التحالف مع الحركات الأخرى.
علي الحاج محمد هو طبيب وسياسي سوداني محنك تقلد عدد من الحقائب الوزارية والمناصب السياسية في فترات مختلفة. وفي 25 مارس/ آذار 2017 تم انتخابه أميناً عاماً للمؤتمر الشعبي.
أكبر ما يخشاه هو الإقصاء
انتقد علي الحاج الوثيقة الدستورية ورفض أن توصف بأنها "دستورية"، لأن "الدستور لا يمكن أن يكون إقصائياً"، على حد تعبيره.
وأبدى الحاج تخوفه من أن يقود الإقصاء إلى تمزيق السودان، موضحاً أنه لا يريد الدخول في صراعات مع القوى السياسية. كما شدد على ضرورة توسيع المشاركة في الوثيقة الدستورية.
موقفه من النظام السابق
ولا يرى زعيم حزب المؤتمر الشعبي حرجاً بشأن مشاركة حزبه للنظام السابق.
بل إنه أشار إلى مشاركة مكونات بقوى الحرية والتغيير في "اتفاقية نيفاشا"، والمعروفة باتفاقية السلام الشامل، وهي الاتفاقية التي أوقفت أطول حرب أهلية في أفريقيا، وقد تم توقيعها بواسطة حكومة السودان بقيادة حزب المؤتمر الوطني الذي يتزعمه الرئيس السوداني السابق عمر البشير، والطرف الآخر هو الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة جون قرنق.
ونفى الحاج أن يكون حزبه من فلول النظام المخلوع، وقال: "نعم نحن من أتينا بالنظام السابق، لكن اعترفنا بالخطأ وقررنا المفاصلة الشهيرة".
ففي يونيو/حزيران 1989، أقام حزب المؤتمر الشعبي، بقيادة الترابي، انقلاباً عسكرياً ضد حكومة المهدي المنتخبة ديمقراطياً، وعين عمر حسن البشير رئيساً لحكومة السودان.
وقال الحاج إن هناك فسدة بين الإسلاميين، وهو وحزبه لا يمكن أن يمثلا غطاء للفساد، مبيناً أن الفساد وصل إلى قمة هرم السلطة، ويقصد الرئيس السوداني السابق عمر البشير.
موقف إيجابي تجاه رئيس الوزراء
وحول موقفهم من رئيس مجلس الوزراء عبدالله حمدوك، وصف الأمين العام للشعبي في المقابلة، خطاب حمدوك بأنه "خطاب إيجابي في الجانب السياسي".
وأثنى الحاج على تصريحات رئيس الوزراء التي قال فيها إنه "رئيس وزراء لكل السودانيين"، واعتبرها نظرة إيجابية للقوى السياسية الأخرى.
وأكد الحاج أنهم يقفون مع رئيس الوزراء فيما طرحه، وأنهم يتمنون النجاح لرئيس الوزراء، مبيناً أن حزبه سيقف وراءه وسيدعمه.
وقال: "رئيس الوزراء ربما لا يكون مدركاً لعدد من القضايا، بالتالي علينا أن نعطيه فرصة وأن ندعمه ونتعاطف معه لضمان استمرار الحكومة".
وفيما يتعلق بالوزراء الجدد، يرى زعيم الشعبي أنهم إيجابيون حتى اللحظة، وشدد على ضرورة أن يكون لديهم حوار مباشر مع الوزراء.
أولويات الفترة القادمة
ورأى الحاج أن الأولوية في الفترة الانتقالية لإنهاء الحرب من الناحية الإنسانية والاقتصادية، لكنه عاد واستدرك قائلاً إن اتفاق المبادئ الذي وقع بين الجبهة الثورية والمجلس السيادي في دولة جنوب السودان فيه إقصاء، إذ أنه أبعد أطراف اخرى.
وكشف الحاج عن رؤيته وحزبه للفترة الانتقالية، واقترح أن يكون نظام الحكم في السودان فيدرالياً برلمانياً حتى لا تكون هناك سياسة إقصاء.
وأوضح أنه من الأفضل أن يكون هناك مجلس عسكري صرف بمهام محددة، ومجلس سيادي من المدنيين إلى جانب مجلس وزراء تنفيذي.
وقال إن الفترة الانتقالية ليست بحاجة إلى مجلس تشريعي، لأنها فترة محدودة، مؤكداً أن رؤيتهم آنفة الذكر ما زالت مطروحة، واعتبرها أساسية.
وأكد الأمين العام أن حزبه ليس ضد المجلس السيادي، مضيفاً: "من خلال الممارسة هو مجلس سياسي معقول".
وأوضح أن حديث بعض أعضاء المجلس عن إلغاء الشريعة يعتبر اختلافاً جوهرياً ليس إلا.
وشدد الحاج على ضرورة وجود حكومات ظل في الولايات، وقال إنهم مع الحكم الاتحادي، لأن المركزية تمثل مشكلة وصفها بالخطيرة.
الابتعاد عن الإقصاء
ودعا زعيم الشعبي إلى الانتقال لمرحلة سياسية خالية من الإقصاء باتفاق سياسي يتضمن شروط المحاسبة ومحاربة المفسدين.
وقال: "يجب أن نتفق على وثيقة سياسية نستنبط منها دستوراً انتقالياً". وشدد على ضرورة تسريع الخطى نحو الديمقراطية والانتخابات المبكرة حتى يقول الشعب رأيه، مطالباً المجتمع الدولي والإقليمي بعدم التدخل في الشأن السوداني .
وأوضح الأمين العام أنهم ينظرون لقوى إعلان الحرية والتغيير بنظرة إيجابية، وذكر بأن حزبه ـ الشعبي ـ حليف سابق للحرية والتغيير.
وأضاف: "شاركنا معهم في ميثاق وطني وتحول ديمقراطي، لذلك هم ليسوا بغرباء علينا".