حسم اتحاد الكرة المصري المؤقت بقيادة عمرو الجنايني، الجدل الدائر منذ فترة، وأعلن أمس الخميس 19 سبتمبر/أيلول، رسمياً، تولِّي حسام البدري منصب المدير الفني لمنتخب الفراعنة.
وجاء ذلك بعد حالة من التخبط التي دامت ما يزيد عن الشهر، تم خلالها الاستقرار على اسم مدرب أكثر من مرة ثم التراجع عنه.
وحصل "عربي بوست" على كواليس عملية الاختيار من مصادر خاصة داخل اتحاد الكرة. عملية الاختيار تمت في النهاية عبر نظرية الاستبعاد التي كانت البطل الرئيسي في مسلسل اختيار مدرب منتخب مصر.
حسن شحاتة.. استقرار ثم تراجع
في أواخر أغسطس/آب 2019، وفور تعيين اللجنة المؤقتة لاتحاد الكرة المصري، ضغط أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة المصري من أجل عودة المدرب المخضرم حسن شحاتة لقيادة الفراعنة.
وكان سبق لشحاتة قيادة المنتخب المصري وتمكن من الحصول على 3 كؤوس متتالية لأمم إفريقيا بين 2006 إلى 2010.
وبالفعل تواصل صبحي مع "المعلم" وتم الاتفاق على كل التفاصيل، والجهاز المعاون الذي يتكون من أحمد حسام ميدو كمدرب عام (حمادة صدقي حال اعتذار ميدو نتيجة المشاكل السابقة بينهما منذ واقعة التبديل عام 2006)، وأحمد حسن مديراً للمنتخب، وعصام الحضري مدرباً لحراس المرمى، والدكتور محمد أبو العلا طبيباً للمنتخب.
وتفوق وقتها شحاتة على حسام البدري الذي كان ثاني المرشحين آنذاك.
فضل كلمة السر
وبعدما بدا أن الأمور حُسمت لصالح شحاتة، تدخل محمد فضل عضو اتحاد الكرة المصري، وأبدى اعتراضه بشكل مطلق على تعيين "المعلم"، وهو ما لعب دوراً كبيراً في تراجع أسهم نجم الزمالك السابق، لكون فضل المرشح الأبرز ليكون مشرفاً على المنتخب.
وحيال اعتراض فضل، اقترح عمرو الجنايني أن يتولى حسام البدري المسؤولية، وهو ما اعترض عليه فضل بطريقة ماكرة.
فلاعب الأهلي الأسبق، أكد للجنايني أن اختيار البدري في الوقت الحالي سيعرض رئيس اتحاد الكرة لهجوم كبير، لكون علاقة البدري حالياً متوترة مع جمهور الأهلي بسبب توليه مؤخراً رئاسة نادي بيراميدز.
وأوضح فضل أن الجنايني ينتمي للزمالك، وأن اختياره للبدري لن يمر مرور الكرام على جماهير الأهلي التي ستتهم رئيس اتحاد الكرة باستفزازها.
وهنا وجد الجنايني أن قرار تعيين البدري سيكون غير مناسب في ظل سعيه لتوحيد الجماهير وإقناع الداخلية بعودة الدوري للعب بحضور المشجعين.
رأى الجنايني أن الحل الأسلم هو تكليف محمد فضل باختيار المدرب الجديد، وهنا قرر هداف الأهلي الأسبق أن يدعم اختيار إيهاب جلال المدير الفني للمصري البورسعيدي، كخيار آمن.

انقسامات واعتراضات على إيهاب جلال
لاقى هذا الاتجاه اعتراضات من خارج مجلس اتحاد الكرة الحالي، أبرزها من هاني أبو ريدة رئيس اتحاد الكرة المستقيل، والذي لعب دوراً كبيراً في إقناع الاتحاد الدولي لكرة القدم بتعيين الجنايني ومجلسه، ويحظى بكلمة مسموعة لدى مسؤولي الجبلاية.
واستنكر أبوريدة بشدة الاتجاه لتعيين إيهاب جلال، وفضَّل عليه الحسامين "البدري وحسن".
إلا أن فضل أصر على قراره باختيار إيهاب جلال، ونجح في إقناع اللجنة الخماسية لإدارة اتحاد الكرة بالتصويت لهذا الخيار.
شروط جلال
وللمرة الثانية، بدت كل الأمور مهيأة للإعلان عن تعيين جلال مديراً فنياً للفراعنة، وتم ترشيح بعض الأسماء لتولي مناصب بالجهاز الفني، مثل: عماد متعب مديراً للمنتخب، وطارق مصطفى مدرباً عاماً، وعصام الحضري مديراً فنياً".
إلا أن جلال رفض معظم هذه الأسماء، وتمسك بتعيين حمد إبراهيم مدرباً عاماً، ومصطفى كمال مدرباً للحراس، وهما الثنائي الذي يعمل معه في كل مكان منذ فترة طويلة.
ورفض اتحاد الكرة المصري بشدة تعيين هذا الثنائي، بدعوى أنه يفتقر للخبرات الدولية، وحتى محمد فضل الذي اقترح تعيين جلال، لم يقبل بخيارات مدرب المصري.
وحاول مسؤولو الجبلاية على مدار أكثر من 10 أيام إقناع المدير الفني بالتراجع عن الثنائي، وفي هذه الأثناء تم طرح اسم حسام حسن كخيار بديل، حال عدم الاتفاق مع جلال.
رفض النجوم
ويحظى حسام حسن، الهداف التاريخي لمنتخب مصر، بسمعة شهيرة عنه في مجال التدريب، تتمثل في صرامته وفظاظته مع اللاعبين، وهو ما مثل تخوفاً كبيراً لنجوم الفراعنة من تعيينه.
وعلم "عربي بوست" من مصادر مقربة، أنه بعد خروج المنتخب المصري صفر اليدين من مونديال روسيا الماضي، كان حسام حسن مرشحاً لتدريب الفريق خلفاً للأرجنتيني هيكتور كوبر.
وأوضح المصدر أن بعض نجوم المنتخب عقدوا جلسة مع مسؤولي الجبلاية في روسيا، طالبوا فيها باستبعاد حسن من الترشيحات، نظراً لأسلوبه الغليظ في التعامل مع اللاعبين.
ومع وضع اتحاد الكرة لذلك الأمر في الاعتبار، تراجع حسام حسن في ترتيب المرشحين.
انفراجة مع إيهاب جلال
عاد التقارب بعد ذلك بين اتحاد الكرة وإيهاب جلال، وتم التوافق على تشكيل جهاز فني يراعي رغبات المدرب بوجود الثنائي حمد إبراهيم ومصطفى كمال، ويطعم الجهاز الفني بأسماء كبيرة في الوقت نفسه.
وانتشر على نطاق واسع يوم الأربعاء 18 سبتمبر/ أيلول، أنه تم الاتفاق على تعيين الجهاز الفني الآتي للمنتخب:
إيهاب جلال "مدير فني" – طارق مصطفى "مدرب عام" – حمد إبراهيم "مدرب مساعد" – محمد شوقي "مدرب عام" – مصطفى كمال "مدرب حراس" – محمد أبو العلا "طبيب" – عماد متعب "مدير للمنتخب".
وشعر مسؤولو اتحاد الكرة بالراحة لهذا التشكيل، في ظل عدم تحفظ إيهاب جلال بشكل كبير عليه، وسارت كل الأمور في اتجاه أن يتم الإعلان الرسمي عن الجهاز السالف ذكره، أمس الخميس 19 سبتمبر/أيلول.
قنبلة جلال
لكن ومرة أخرى، جرت الرياح بما لا يشتهي مسؤولو الجبلاية، إذ إن جلال أخطرهم تليفونياً أمس الخميس، باعتذاره نهائياً عن عدم قبول المسؤولية، وهو ما أوقع اتحاد الكرة في مأزق ضرورة الإعلان عن بديل في أسرع وقت ممكن.
وعاد اسما الحسامين البدري وحسن لطاولة المسؤولين، إلا أنه سرعان ما تم استبعاد حسام حسن نظراً للأسباب التي تم ذكرها في السطور السابقة، ليبقى حسام البدري مرشحاً وحيداً.
دفعة أبو ريدة
وهنا ظهر دور أبو ريدة مجدداً، والذي تمكن من إقناع محمد فضل بتعيين حسام البدري، ووجد فضل أن هذا الخيار هو الأنسب في الوقت الحالي في ظل التحفظات على بقية الأسماء المرشحة، فتم تعيين البدري رسميا، باستخدام "نظرية الاستبعاد".
ويمتلك البدري مسيرة تدريبية جيدة، عقب تحقيقه العديد من الإنجازات والتتويجات.
بداية المشوار التدريبي للبدري كانت مع فريق الناشئين بالأهلي، قبل أن يصل إلى منصب المدير الفني للنادي الأهلي عام 2009، خلفا للبرتغالي الشهير مانويل جوزيه.
في ذلك الوقت حقق البدري بطولة الدوري المصري في أول موسم له مع الأهلي، قبل أن يرحل لتدريب المريخ السوداني عام 2011، ليحصد لقب الدوري السوداني.
عودة البدري لمصر كانت مع فريق إنبي، قبل أن يعود إلى الأهلي من جديد، ليتوج معه بدوري أبطال إفريقيا عام 2012 ويشارك في بطولة كأس العالم للأندية باليابان، التي حقق خلالها المركز الرابع.
بعد ذلك خاض تجربة غير ناجحة مع أهلي طرابلس الليبي، شهدت تعرضه لمحاولة اغتيال بعدما أطلق 3 أشخاص النار على سيارته.
عاد مجدداً إلى مصر ليتولى تدريب المنتخب الأولمبي المصري، لكنه فشل في الوصول لدورة الألعاب الأولمبية ريو دي جانيرو عام 2016.
عاد البدري للمرة الثالثة لتدريب الأهلي، عام 2016، وقاده لتحقيق الثنائية المحلية للمرة الأولى منذ 10 أعوام، ثم فاز بالدوري والسوبر المصري في الموسم التالي.
عام 2018، رحل البدري عن الأهلي بعد تعيينه رئيساً لمجلس إدارة نادي بيراميدز، قبل أن يعود مجدداً إلى واجهة الترشيحات كمدرب للمنتخب ويتولى المهمة رسمياً.