كشفت وكالة Bloomberg الأمريكية أن واشنطن اشترطت على السعودية التزام مجموعة من القواعد، إذا أرادت الاستفادة من الخبرة الفنية والتكنولوجيا النووية الأمريكية، وذلك من خلال رسالة بعثت بها إدارة الرئيس دونالد ترامب، تحدد فيها المتطلبات التي يجب على المملكة تلبيتها.
وقال ريك بيري وزير الطاقة بالولايات المتحدة الأمريكية، في مؤتمر صحفي عُقِدَ بفيينا الثلاثاء 17 سبتمبر/أيلول، إنَّ خط الأساس لأيّ اتفاقٍ بين الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية سيتمثل في إجراء تفتيشات أكثر صرامة من جانب الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ويجب أن تعتمد السعودية ما يسمى البروتوكول الثاني للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهو عبارةٌ عن مجموعةٍ من قواعد المراقبة التي تتبعها أكثر من 100 دولة وتمنح المفتشين فسحةً من الوقت للوصول إلى المواقع الذرية المحتملة.
أمريكا تريد ضمانات قبل تقديم أية مساعدة نووية
وقال بيري، الذي يحضر الاجتماع السنوي للوكالة الدولية للطاقة الذرية الأسبوع الجاري: "لقد بعثنا إليهم برسالة تُوضِّح متطلبات الولايات المتحدة، بالتأكيد بما يتماشى مع ما قد تتوقعه الوكالة الدولية للطاقة الذرية من وجهة نظر البروتوكول الثاني".
وأضاف قائلاً: "ستكون هناك حاجة إلى البروتوكول الثاني، ليس فقط لأنَّ هذا ما تحتاجه الوكالة، بل يرجع لحاجة الكونغرس إليه أيضاً. وهكذا لا يصير القرار في يد إدارة ترامب من جانب واحد فقط".
وأشارت الوكالة الأمريكية إلى أن التصريحات ضغطت على الحكومة السعودية لتَبَنِّي مراقبةٍ أوسع لبرنامجها النووي، أو مواجهة صعوبة في تزويد أول مفاعل رئيسي لها بالوقود.
وتقترب البلاد من إكمال وحدة أبحاث منخفضة الطاقة، يجري بناؤها بالتعاون مع شركة INVAP المملوكة لحكومة الأرجنتين، والتي تحتاج اتفاقية تفتيش سارية قبل أن تتمكن من الحصول على اليورانيوم منخفض التخصيب الذي تحتاجه لبدء العمل.
وفي عالم المراقبة النووية المخلخل، تتولَّى الوكالة مسؤولية إرسال مئات من المفتشين إلى جميع أنحاء العالم، لمراقبة شبكةٍ واسعة من الكاميرات، والأختام، وأجهزة الاستشعار وصيانتها.
وتتمثل مهمتهم في توضيح مستويات الغرام من اليورانيوم المخصب، والتأكد من أن العنصر الرئيسي المطلوب للطاقة النووية لا يتحول إلى صناعة الأسلحة. ومن دون الخضوع لمراقبةٍ أكثر صرامة من الوكالة الدولية؛ ستكافح السعودية لتزويد مفاعلها بالوقود.
أمام تلكؤ السعودية في التوقيع على اتفاقيات وكالة الطاقة
وإلى وقتنا هذا، يرفض المسؤولون السعوديون الإجابة على الأسئلة المتعلقة بموعد إبرام صفقة ضمانات جديدة للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وقال خالد بن صالح السلطان، رئيس مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة، يوم الإثنين 16 سبتمبر/أيلول، في بيانٍ له، إنَّ السعودية "تدعم وتؤيد التعاون الدولي النشط فيما يتعلق بنقل التكنولوجيا والخبرات النووية".
وقّعت السعودية حالياً ما يسمى بروتوكول الكميات الصغيرة للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهو عبارةٌ عن مجموعةٍ من القواعد التي ستصبح بالية بمجرد احتياجها للوقود النووي من أجل مفاعلٍ عامل. وهو لم يعتمد القواعد والإجراءات التي قد تسمح للمفتشين النوويين بالوصول إلى مواقع محتملة ذات أهمية.
وتُجري الوكالة الدولية حالياً محادثات مع السعودية حول توقيع اتفاقية ضمانات شاملة. وستسمح مجموعة القواعد تلك للسعودية بتزويد مفاعلها البحثي بالوقود، بيد أنها لا تفي بالبروتوكول الثاني الذي طلبته الولايات المتحدة لإنشاء مصنع شامل النطاق، وفقاً لدبلوماسيين مطلعين على المفاوضات.
وإدارة ترامب ترى أن الأمر يتطلب مزيداً من الوقت
ويقول بيري: "ما تزال هناك فترة من التثقيف يجب أن يخضع لها كل من مواطني المملكة والقيادة، حتى ينعموا بالراحة. إنَّ إبرام اتفاق جديد مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد ينم عن أننا (ناضجون ونعرف متطلبات اللعب على هذا المستوى)".
ويقع تخصيب اليورانيوم في الوقود النووي بقلب الصراع الأميركي مع إيران، لأنَّه يمكن تكييف التكنولوجيا بسهولة للأغراض العسكرية. إنَّ نظام تفتيشٍ أكثر صرامة في السعودية من شأنه أن يمنح الوكالة نظرةً ثاقبة حول كيفية تطوير قدرات البلاد وأهدافها.
وأكد بيري تقارير تفيد بأنَّ السعودية أبدت رغبتها في إنتاج وقودها النووي.
قال بيري، الذي تحدث مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قبل انضمامه إلى محادثات الوكالة هذا الأسبوع: "أعتبر هذا شكلاً من أشكال المفاوضات. فنحن لدينا علاقة مهنية وشخصية جيدة حقاً".