بدأ اليوم الأحد 8 سبتمبر/أيلول 2019، تسيير أول دورية برية مشتركة بين الجيشين التركي والأمريكي في شرق الفرات بسوريا، في إطار فعاليات المرحلة الأولى من إنشاء المنطقة الآمنة.
واجتاز موكب تركي مكون من 6 عربات مصفحة، ترفع العلم التركي، الحدودَ مع سوريا على بعد 30 كم شرق قضاء أقجة قلعة بولاية شانلي أورفة، ليجتمع بموكب أمريكي، بحسب ما ذكرته وكالة الأناضول.
ومن المقرر أن يتحرَّك الموكبان العسكريان التركي والأمريكي من الحدود جنوباً في ريف مدينة تل أبيض، ومن المنتظر أن تستمر أنشطة الدورية حتى ساعات الظهيرة اليوم.
وفي 7 أغسطس/آب الماضي، توصَّلت أنقرة وواشنطن لاتفاق يقضي بإنشاء "مركز عمليات مشتركة" في تركيا، لتنسيق وإدارة إنشاء المنطقة الآمنة شمالي سوريا.
إعادة مليون سوري للمنطقة الآمنة
ويوم الخميس الفائت، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إنَّ بلاده تعتزم إعادة توطين مليون لاجئ في المنطقة الآمنة شمالي سوريا، وإنها ربما تفتح الطريق إلى أوروبا أمام المهاجرين، ما لم تتلقَ دعماً دولياً كافياً لهذه الخطة.
وتسيطر تركيا التي تستضيف 3.6 مليون لاجئ سوري على أجزاء من شمالي سوريا، حيث تقول إن 350 ألف سوري عادوا بالفعل إلى هناك. وترى أنقرة في إقامة "منطقة آمنة" مع الولايات المتحدة في الشمال الشرقي إمكانية لنقل المزيد من السوريين إليها.
وفي كلمة ألقاها في أنقرة قال أردوغان "هدفنا هو إعادة مليون على الأقل من أشقائنا السوريين إلى المنطقة الآمنة التي سنقيمها على حدودنا الممتدة بطول 450 كيلومتراً" .
وجاءت التصريحات في وقت تُصعِّد فيه تركيا من ضغطها على واشنطن، لتقديم المزيد من التنازلات بشأن عمق المنطقة الآمنة المقرر إقامتها في شمال شرقي سوريا، والإشراف عليها، كما تتعرض هي لضغط متزايد في إدلب بشمال غربي سوريا، حيث يتقدم هجوم حكومي مدعوم من روسيا باتجاه الشمال.
لاجئون من مناطق الشمال الشرقي
وتشير بيانات الحكومة التركية إلى أن عدداً محدوداً من السوريين في تركيا جاءوا من الشريط الشمالي المقترح لإعادة التوطين.
وأضاف أردوغان في تصريحاته: "نقول إنه يجب علينا إقامة مثل هذه المنطقة الآمنة، حيث تستطيع تركيا بناء بلدات فيها بدلاً من مدن المخيمات هنا. دعونا ننقلهم إلى المناطق الآمنة هناك" .
وتابع: "أعطونا دعماً لوجيستياً وسوف نستطيع بناء منازل في عمق 30 كيلومتراً في شمالي سوريا. بهذه الطريقة يمكننا أن نوفر لهم أوضاعاً معيشية إنسانية. إما أن يحدث هذا أو سيكون علينا فتح الأبواب" .
وشدَّد أردوغان على ضرورة دعم بلده في إقامة المنطقة الآمنة، وقال: "نحن لن نتحمل هذا العبء وحدنا. لم نتمكن من الحصول على الدعم من المجتمع الدولي، وتحديداً الاتحاد الأوروبي" .
وفي الشهر الماضي، قال وزير الداخلية سليمان صويلو، إن 17% من اللاجئين في تركيا جاءوا من مناطق في الشمال الشرقي، تخضع لسيطرة وحدات "حماية الشعب" الكردية السورية، المدعومة من الولايات المتحدة، والتي تعتبرها أنقرة جماعة إرهابية. ولا تغطي المنطقة الآمنة المزمعة سوى جزء صغير من هذه المساحة.
وفي الأسبوع الماضي، قال المسؤول الكردي السوري الكبير بدران جيا كرد، إن من الضروري إعادة توطين اللاجئين في بلداتهم الأصلية. وقال عن الشمال الشرقي "توطين مئات الآلاف من السوريين الذين ينتمون لمناطق أخرى هنا غير مقبول" .
اختلاف على حدود المنطقة الآمنة
ووفقاً للرؤية التركية، فإن المنطقة الآمنة تشمل المساحة الجغرافية الواقعة شمال الطريق الدولي M4 الاستراتيجي، الذي يربط الشمال السوري بعضه ببعض، وتضم هذه المنطقة مدنا وبلدات من ثلاث محافظات سورية، هي حلب والرقة والحسكة، وتمتد على طول 460 كم، بعمق 32 كم على طول الحدود التركية السورية.
وأبرز المناطق المشمولة في المنطقة الآمنة، وفقاً للرؤية التركية، المناطق الواقعة شمالي الخط الواصل بين قريتي صرّين (محافظة حلب)، وعين عيسى (محافظة الرقة)، بحسب وكالة الأناضول التركية.
كما تضم مدينة القامشلي، وبلدات رأس العين، وتل تمر، والدرباسية، وعامودا، ووردية، وتل حميس، والقحطانية، واليعربية، والمالكية (محافظة الحسكة). وكذلك ستضم المنطقة كلاً من عين العرب (محافظة حلب)، وتل أبيض (الرقة).
وقالت الوكالة إنه لا يبدو لدى الطرف الأمريكي الرغبة في منح تركيا هذا التفوق الاستراتيجي، إذ عُرض على تركيا بعض المناطق المنفصلة عن بعضها البعض، بذريعة أن سكان تلك المناطق عرب وتركمان، مثل مدينة تل أبيض، ومدينة عين العرب، وبعمق 6 كم فقط.
وأضافت الوكالة أن تركيا "رفضت العرض الأمريكي جملة وتفصيلاً، ليس لأنه لا يلبي حاجتها في حماية أمنها الاستراتيجي وحسب، بل لأن من شأنه إبقاء خطوط الدعم اللوجيستي بين بؤر الإرهاب، في قنديل (العراق)، وشرق الفرات (سوريا)، ومناطق جنوب شرق تركيا، سالكة مفتوحة" .