بدأت السفارة الأمريكية في القدس العمل على إنشاء جدار بطول 5.8 أمتار حول المبنى، وهو الأمر الذي يقول الجيران إنَّه سيحجب المنظر عنهم ويُشوِّه الحي.
وقالت صحيفة Haaretz الإسرائيلية، إنه عندما افتُتِحَت السفارة عام 2018 بمبنى القنصلية الأمريكية في حي أرنونا جنوبي القدس، حصلت على رخصة لبناء جدار بطول 3.2 أمتار، وكانت الإجراءات الأمنية حوله مُشدَّدة.
بناء السفارة الأمريكية في القدس "طريق هروب"
وطالب الأمريكيون ببناء ما يُعرَف بـ "طريق هروب" مُسوَّر بجدارٍ خرساني، واستفسرت عن ذلك من وزارة الخارجية الإسرائيلية، التي بدورها تواصلت مع وزارة المالية. وطريق الهروب هو طريق ينتهي بحاجز خرساني أو ساتر ترابي يصطدم به السائقون في حال فقدان السيطرة على الفرامل أو التحكم بالسيارة.
ووقَّع وزير المالية، موشي كحلون، قراراً يعفي السفارة من الحصول على رخصة لبناء الجدار والطريق. ووافقت على القرار محكمة العدل العليا، التي رفضت عريضة من الجيران وجمعية "عير عميم" غير الربحية.
وحتى الأسابيع الأخيرة، كانت السفارة مكتفيةً بجدارٍ مؤقت عند الارتفاع الأصلي المحدد بـ3.2 أمتار. لكنَّ الجيران لاحظوا قبل بضعة أسابيع، أنَّ أعمال بناء تجري في الموقع، وعلموا أنَّ السفارة حصلت على رخصة لمضاعفة ارتفاع الجدار تقريباً.
وقال المسؤولون في بلدية القدس إنَّ السفارة طلبت إذن وزارة الدفاع الإسرائيلية لزيادة ارتفاع الجدار إلى 5.8 أمتار عند أعلى نقطة فيه.
أغضب سكان القدس، لكن دون حل
لجأ السكان إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، والسفير الأمريكي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان، وعمدة القدس موشي ليون، مُعبِّرين عن غضبهم من هذا التطور. وكتبوا: "صُدِمنا، نحن سكان حي تالبيوت أرنونا، من اكتشاف بناء جدار بارتفاع خمسة أمتار بشارع كفار عتصيون في حيِّنا، سيؤدي إلى حجب المنظر الذي يُمثِّل جزءاً من حياتنا في هذه المنطقة تماماً".
وقال الجيران إنَّ الجدار كان سيُبنى "بذريعة (الدفاع)، لكنَّ أي شخص عاقل يعرف أنَّ جنوبي المبنى مكشوف تماماً أمام إحدى القرى العربية، في حين أنَّنا مطالَبون بدفع تكلفة باهظة من جودة حياتنا من أجل شيءٍ لا غرض ولا منطق له".
اتفقت ميريام شومرات، التي تعيش قرب السفارة، مع هذا. وصرَّحت لصحيفة Haaretz الإسرائيلية قائلةً: "جئنا لنعيش هنا بسبب المنظر الطبيعي وشخصية الحي. ومن المُفتَرَض الحفاظ على الحي، وحتى تغييرات مشروع تاما 38 ليس مسموحاً بها"، في إشارة إلى خطة كبرى لترقية المباني السكنية القديمة وتعزيزها في وجه الزلازل. واستدركت: "لكنَّهم الآن يبنون جداراً صلباً على ارتفاع مبنى من طابقين".
وقالت شومرات، التي تقلَّدت مواقع بارزة في وزارة الخارجية الإسرائيلية وعملت سفيرةً لإسرائيل لدى عدد من الدول، إنَّ السفارة بكل بلدٍ عملت فيه كان عليها أن تتكيَّف مع مطالب البلدية المحلية.
وأضافت: "بالسفارة في أوسلو، لم نكن نرغب في بناء جدار، كنا نريد فقط زيادة ارتفاع السور، حتى لا يمكن تسلقه. لكنَّ البلدية رفضت. ولم يُسمَح لنا حتى بوضع كاميرا تطل على الرصيف".
والسلطات تبرره بـ "احتياجات أمنية"
ولم ينفِ أيٌّ من المسؤولين الذين تواصلت معهم صحيفة Haaretz، أنَّ ارتفاع الجدار يُتوقَّع أن يصل إلى 5.8 أمتار.
فقالت بلدية القدس: "يُمثِّل السياج الخارجي استثناءً، بسبب احتياجات أمنية في إطار لوائح الطوارئ التي وافق عليها المجلس الوطني للتخطيط والبناء ووزارة الدفاع، ولذا فإنَّ ترخيص البلدية غير مطلوب".
وقالت السفارة الأمريكية إنَّها على علم بمخاوف بعض السكان في أرنونا، وإنَّها تعمل وفقاً للقانون. وأضافت أنَّه بسبب مسائل أمنية جدية للغاية، تبني السفارات الأمريكية حول العالم مرافق أمنية مماثلة لتلك التي تحت الإنشاء في أرنونا.
وقالت إدارة التخطيط إنَّها ليست على علم بأي تغيير في الخطة، في حين رفضت وزارتا الدفاع والخارجية الإسرائيليتان التعليق على المسألة.