يخشى مسعفون روس يعالجون ضحايا الإشعاع، بعد الانفجار النووي الذي وقع في منطقة عسكرية شمال روسيا، من أن يكونوا قد تعرضوا للإشعاع، متحدثين عن إصابات عالجوها وأكدوا إصابتها بالإشعاعات.
وأجرت هيئة الإذاعة البريطانية BBC مقابلة مع مسعفين في مدينة أرخانجيلسك وتحدثا عن عملية إخلاء الضحايا، بشرط عدم الكشف عن هويتهما، بحسب ما ذكرته الهيئة اليوم الجمعة 23 أغسطس/آب 2019.
وأعلن مسؤولون في 8 أغسطس/آب 2019 عن وفاة 5 مهندسين نوويين وإصابة ستة أشخاص آخرين، جراء انفجار محرك يعمل بـ "وقود النظائر المشعة" في مرحلة الاختبار بمنطقة نيونوكسا. وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن الاختبار شمل نظام سلاح جديداً.
كارثة تشيرنوبل تعود للأذهان
وقال مسعفون أرخانجيلسك، الذين تحدثوا إلى مراسل شبكة BBC، إن هناك 90 شخصاً تعاملوا مباشرة مع المصابين، ولم يحذرهم الجيش بشأن أي مخاطر محتملة للتلوّث النووي.
وكان المسعفون في مستشفى أرخانجيلسك المدني الإقليمي، حيث عولج ثلاثة من المصابين، بينما نُقل المصابون الآخرون إلى مستشفى "سيماشكو" في أرخانجيلسك، المجهز لحالات الطوارئ الخاصة بالإشعاع.
وقال المسعفون إنهم يتحدثون علانية الآن لأنهم يخشون على صحتهم ولا يرغبون في حدوث أي "انتهاكات مماثلة للسلامة".
وقال أحدهم: "لا نرغب في أن يستدعونا المرة التالية لعدد أكبر من الأشخاص، لا قدر الله، ويخفوا عنّا المعلومات مجدداً".
ودرجة السرية التي أحاطت بهذا الانفجار أعادت إلى الأذهان كارثة تشيرنوبيل 1986، عندما تباطأ المسؤولون في الاتحاد السوفيتي عن الاعتراف بالحقيقة.
إصابات حالاتها خطرة
وقال مسعفا أرخانجيلسك إن سوء حالة الثلاثة الذين نقلوا إلى المستشفى الإقليمي بدا واضحاً جداً. إذ فحصهم الأطباء في غرفة الطوارئ، ثم أرسلوهم إلى غرفة العمليات.
وأضاف المسعفان أن غرفة الطوارئ استمرت في استقبال مرضى آخرين لحوالي ساعة، حتى أدرك الأطباء أن المرضى الثلاثة الأوائل "تلقوا جرعة عالية جداً من الإشعاع". ويُذكر أن المستشفى يتعامل مع حالات مضاعفات الحمل وغيرها من الحالات الطبية الصعبة.
وقالا: "كانت صورة الإشعاع تتطور على مدار الساعة. كانت تُجرى اختبارات وتحاليل الدم، ونرى في كل ساعة ارتفاع عدد من الخلايا المختلفة بشكل كبير. وهذا يشير إلى جرعة إشعاع عالية جداً".
وواصل الطاقم الطبي في المستشفى علاج الضحايا بالرغم من علمهم بشأن جرعة الإشعاع. وكان عليهم ارتجال بعض تدابير الحماية الذاتية، على سبيل المثال، ارتدوا أقنعة الوجه من مجموعة الطوارئ الخاصة بطاقم الطائرة العمودية.
وفي اليوم التالي، نُقل الضحايا الثلاثة إلى مستشفى في موسكو لديه متخصصون في مجال الإشعاع. وحالتهم الآن غير معروفة.
ولم يقدّم المسؤولون سوى تفاصيل بسيطة عن الحادث. وفي يوم 14 أغسطس/آب، كشفت خدمة الأرصاد الجوية الروسية، Rosgidromet، عن ارتفاع مستويات الإشعاع عن المعدل الطبيعي بمقدار 16 ضعفاً في سيفردوفينسك، المدينة التي تبعد 74 كيلومتراً شرق نيونوكسا.
ووفقاً للبيانات الرسمية، فإن الإشعاع الذي وصل إلى سيفردوفينسك لم يكن كثيفاً بما يكفي للتسبب في أمراض ناتجة عن الإشعاع.
إزالة التلوث النووي
وعمل فريق عسكري لاحقاً على تطهير مستشفى أرخانجيلسك، وقال المسعفان إنهم تخلصوا من ملابس المصابين، إلى جانب النقالات و"حمام مشع للغاية".
وقال أحدهما: "كان ينبغي إرشاد عمّال النظافة وتحذيرهم، إنهم قرويون بسطاء، كانوا يلتقطون الحقائب والحزم الملوثة ويحملونها إلى الخارج".
وقال المسعف الآخر إن طاقم العمل في المستشفى يعيشون الآن حالة من التوتر الذهني، وهم يعلمون أن معلومات السلامة من الإشعاع حُجبت عنهم خلال حالة الطوارئ.
وبعد أسبوعين من الانفجار، قالت وزارة الصحة الروسية إنه لم يصَب أي من مسعفي مستشفيات أرخانجيلسك بأي جرعة إشعاع خطرة. وقد توصلوا إلى هذه النتيجة بناء على الفحص الطبي لـ 91 شخصاً من طاقم العمل بالمستشفيات.
وفي يوم الإثنين، 19 أغسطس/آب، ذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية انقطاع الاتصال بالمحطتين الروسيتين لرصد الإشعاع الأقرب إلى نيونوكسا بعد الانفجار بقليل. مما يثير الشكوك في أن تكون كثافة الإشعاع أعلى مما أبلغت به السلطات الروسية رسمياً.
وقالت منظمة معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية إن العطل الفني الذي أصاب تلك المحطتين أعقبه عطل آخر في محطتين أخريين. ووضعت تغريدة توضح عمود الإشعاع المحتمل الناتج عن الانفجار.
وقالت روسيا إن اختبار الأسلحة ليس من شأن المنظمة، وأضافت أن تسليم البيانات المتعلقة بالإشعاع أمر تطوعي. ويُذكر استئناف عمل اثنتين من محطات المراقبة منذ ذلك الوقت.
وقال خبراء في روسيا والدول الغربية إن الاختبار يرتبط على الأرجح بصاروخ كروز النووي الجديد من طراز 9M730 Burevestnik، والذي يطلق عليه حلف الناتو "Skyfall". وخلال العام الماضي، قال بوتين إن التقنية ستمنح الصاروخ نطاقاً "غير محدود".