نقلت صحيفة The New York Times الأمريكية عن مواطن مصري يقيم في البرازيل ويعمل ناقل أثاث، قوله إنه كان لديه معلومة غير مؤكدة منذ وقت طويل تفيد بأنه على رادار المؤسسة الأمنية الأمريكية.
مواطن مصري مقيم في البرازيل يكشف أسباب مراقبة الـ FBI له
وقد أوضح المواطن المصري محمد أحمد السيد أحمد إبراهيم أنه منذ سنوات قليلة، عندما كان يعيش في إسطنبول، أخبره صديقه إن المسؤولين الأمريكيين أرادوا مقابلته. وقيل له إنهم يريدون أن يعرفوا عن جماعات الشتات من المصريين الذين طلبوا اللجوء في تركيا بعد الحملة القمعية ضد الحركة الإسلامية في مصر عام 2013.
وفي حوار هاتفي أُجري معه السبت 17 أغسطس/آب، قال إبراهيم من مدينة ساو باولو في البرازيل "لم يكن لدي مصلحة في الحديث معهم".
وأضاف أن الطلب الأمريكي لم يشغل من تفكيره سوى القليل حتى الأسبوع الماضي، عندما نشر مكتب التحقيقات الفيدرالي إشعاراً به اسمه وصورة له، يزعم أنه عميل لتنظيم القاعدة تآمر لشن هجمات ضد المصالح الأمريكية.
وجاء في الإشعار أن إبراهيم، الذي عاش في البرازيل لعام ونصف، قد يكون مسلحاً وخطيراً، وقال المكتب إنه بحاجة لاستجوابه.
يقول إبراهيم إن النشرة التي نشرها المكتب من خلال حساب على تويتر تابع للمكتب ومعني بقائمة المطلوبين، كانت بمثابة صدمة له. ويعزي إبراهيم محنته هذه إلى اضطهاد الحكومة المصرية لأحزاب الإسلام السياسي.
وذلك بعد نشر الـ FPI صورة له بزعم علاقاته مع تنظيم القاعدة
وقد جاء في تغريدة حساب المطلوبين التابع لمكتب التحقيقات الفيدرالي: "محمد أحمد السيد أحمد إبراهيم مطلوب للاستجواب في مكتب التحقيقات الفيدرالي، فيما يتعلق بدوره المزعوم بصفته عميل لتنظيم القاعدة ووسيط لها منذ عام 2013 تقريباً. وموقعه الآن في البرازيل:https://fbi.gov/wanted/terrorinfo/mohamed-ahmed-elsayed-ahmed-ibrahim…".
لكن إبراهيم رد بالقول: "لا أعلم ماذا يريدون مني. لم أفعل أي شيء خاطئ".
وأوضحت كيلسي بيترانتون، وهي متحدثة من مكتب التحقيقات الفيدرالي، الأحد 18 أغسطس/آب أن المكتب لن يعلق على قضية إبراهيم بأكثر من المعلومات الموجودة في النشرة.
وقالت وزارة الخارجية في بيان لها إنها كانت على "اتصال وثيق" مع السلطات البرازيلية بشأن إبراهيم. وقد ورد في هذا البيان: "إننا قلقون بشأن قدرة المنظمات الإجرامية العابرة للحدود والمنظمات الإرهابية الأجنبية، مثل القاعدة، على نقل الأموال والأسلحة والبضائع والبشر بصورة غير قانونية عبر الحدود الدولية، أيما تكون هذه الحدود".
ولم يشر بيان وزارة الخارجية، أو إشعار مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى أن إبراهيم موجه له أي تهم جنائية في الولايات المتحدة أو أي مكان آخر.
فيما نفى المواطن المصري علاقاته بأي جماعات إرهابية
ويصف المنشور المواطن المصري البالغ من العمر 42 عاماً بأنه "عميل (مزعوم) لتنظيم القاعدة ووسيط يُزعم أنه متورط في التخطيط لهجمات ضد الولايات المتحدة الأمريكية ومصالحها". وأشار مكتب التحقيقات الفيدرالي إنه يشك في تقديمه "دعماً مادياً لتنظيم القاعدة منذ عام 2013".
قال إبراهيم إنه لم ينتم إلى أي منظمة إرهابية ولم يدعم العنف بوصفه سبيلاً سياسياً. وبسؤاله عن آرائه في تنظيم القاعدة قال إبراهيم إنه يعتقد أن التنظيم لم يعد موجوداً بعد مقتل أسامة بن لادن في مايو/أيار 2011.
وقال: "هؤلاء الناس انتهوا".
ويوضح أنه في وقت لاحق من ذلك العام، انضم إلى حزب البناء والتنمية، وهو حزب ينتمي إلى الإسلام السياسي، بدأ في مصر بعد أشهر من الثورة الشعبية التي أطاحت الرئيس حسني مبارك في شهر فبراير/شباط من عام 2011.
كان أحد قادة الحزب هو طارق الزمر، ضابط القوات المسلحة السابق الذي شارك في اغتيال الرئيس أنور السادات عام 1981. كان الزمر من بين مئات المساجين الإسلاميين الذين أُطلق سراحهم في الأيام العنيفة التي تلت تنحي مبارك.
في هذا الوقت أعرب الكثير من الإسلاميين المصريين ممن تورطوا في أعمال عنف سياسي في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، عن رغبتهم في السعي وراء أهدافهم عن طريق الانتخابات.
وعندما أُقيمت أول انتخابات ديمقراطية في البلاد في السنوات التالية، انتخب المصريون أحد الإسلاميين رئيساً، وهو محمد مرسي. نافس حزب البناء والتنمية في الانتخابات البرلمانية ضمن تحالف حزبي عُرف باسم التكتل الإسلامي، وفاز بـ13 مقعداً.
يقول إبراهيم، الذي يصف نفسه بأنه كان عضواً عادياً في الحزب، إنه ابتهج لدى انتخاب مرسي، الذي كان عضواً بجماعة الإخوان المسلمين، واستمتع بالعيش في أمة ديمقراطية.
وقال انه اضطر الى الخروج من مصر بعد مذبحة رابعة
وأوضح أنه على الرغم من ذلك، فإن الحملة القمعية التي شنتها القوات المسلحة المصرية على الجماعات الإسلامية، التي أطاحت مرسي في عام 2013، جعلته يشعر بعدم الأمان والخوف. وأضاف أن المذبحة التي حدثت للمتظاهرين ضد الحكومة في القاهرة في أغسطس/آب 2013 كانت نقطة تحول، إذ قتلت قوات الأمن 900 شخص على الأقل.
قال إبراهيم: "أصبح الوضع خطيراً للغاية". وأشار إلى أنه أُلقي القبض على مئات الإسلاميين والمعارضين الآخرين في هذا العام في اعتقالات تعسفية. وأضاف: "اعتقلوا معظم المنتمين إلى الحزب، ولا نعرف ماذا حدث".
وأردف قائلاً إنه انتقل إلى إسطنبول في شهر أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه خوفاً على سلامته. وأنشأ هناك شركة نقل لخدمة السياح، تنظم انتقالهم إلى المطار ومنه، ورحلاتهم إلى المعالم السياحية.
ووصف سنواته الأولى في تركيا بالمنتجة، إذ ازدهر عمله. ويقول إن طلب مقابلة المسؤولين الأمريكيين كان مفاجئاً له. لكنه أوضح أنه فكر قليلاً في أن يرفض الطلب لأنه شعر بأنه ليس لديه معلومات مفيدة ليقدمها.
يُظهر منشور مكتب التحقيقات الفيدرالي ثلاث صور، من بينهم صورة لرجل يحمل بندقية. وقال إبراهيم إن الصورة كانت له أثناء رحلة صيد في ماليزيا. وأوضح أنه لم يستخدم الأسلحة إلا في الصيد.
وقال: "لم أقتل أي شخص طوال حياتي".
وأضاف أنه حين بدأت الاضطرابات الاقتصادية والسياسية في تركيا في إلحاق الأذى بأمواله، قرر في عام 2018 أن يبدأ من جديد مرة أخرى، وهذه المرة في البرازيل. إذ إن هذا البلد الذي يقع في أمريكا الجنوبية يضم مجتمعاً عربياً كبيراً وبه نظام هجرة مفتوح نسبياً، وكان جذاباً له لأنه مثل تركيا يعد وجهة سياحية مشهورة.
يقول إبراهيم إنه حاول تأسيس خدمة نقل في ساو باولو، غير أن فكرة مشاركة الرحلات المقدمة من أوبر كانت مهيمنة؛ مما أحبط فكرته.
وأضاف: "هنا لا يمكنك إنشاء هذا النوع من الشركات".
ومع ذلك، استطاع أن يؤسس حياة جيدة على حد قوله. إذ تزوج من امرأة برازيلية وأسس شركة لنقل الأثاث وقال: "كل شيء جيد في البرازيل". وأضاف: "أشعر بالاحترام. وأشعر بإنسانيتي".
ويقيم المواطن المصري في البرازيل بشكل قانوني ولا جرائم ضده نهائياً
يقيم إبراهيم في البرازيل بصورة قانونية، وهو ما حصل عليه من خلال الزواج. وللتأكيد على هذه الحالة، يقول إبراهيم إنه استخرج وثيقة مكتوبة من السفارة المصرية تفيد بأنه لا يواجه أي تهم إجرامية في بلده الأصلي. وهذه الوثيقة تعد إجراءً معتاداً.
بعد نشر منشور مكتب التحقيقات الفيدرالي يوم 12 أغسطس/آب، اتصل إبراهيم بمحام رتب له لقاءً مع مسؤولين من الشرطة الفيدرالية في البرازيل. وقال إبراهيم إنهم استجوبوه لساعات يوم الجمعة 16 أغسطس/آب.
وأوضح إبراهيم ومحاميه أن المسؤولين الأمريكيين أعربوا بعد ذلك عن رغبتهم في التحدث مع إبراهيم على انفراد، دون وجود المحامي. قال المحامي رونالدو فاز دي أوليفيرا إنه رفض هذا الطلب.
ورفضت كيلسي، متحدثة مكتب التحقيقات الفيدرالي، أن تصرح بالخطوات التي طلبتها الحكومة الأمريكية من نظيرتها البرازيلية، إذا كانت طلبت اتخاذ أي خطوات من الأساس.
وأصدر المسؤولون في البرازيل بياناً يقولون فيه إنهم يرغبون في العمل مع الحكومة الأمريكية على قضية إبراهيم. ورفضوا التعليق على هذا البيان في عطلة نهاية الأسبوع.
وقال إبراهيم إنه يرحب بالإجابة على أي سؤال لدى الحكومة الأمريكية. وأشار إلى أنه يأمل أن يتضح أن اهتمامهم به كان مجرد سوء تفاهم.
وأوضح قائلاً: "أنا أحب الشعب الأمريكي".
وأضاف أنه يخشى أن يجعل إشعار مكتب التحقيقات الفيدرالي أقاربه في مصر في خطر، ومن بينهم ابنته.
وقال: "أنا لا أعرف ما سوف يفعلونه مع ابنتي".