العرف وقوانين أخرى لا تزال تحاصر المرأة السعودية رغم إسقاط الولاية

أشاد مسؤولون سعوديون بالحقوق الجديدة الممنوحة للنساء في المملكة، والتي تعزز إنهاء نظام الولاية، الذي يتعرَّض لانتقادات شديدة، ووصفوها بأنها "تاريخية"، لكن ما زال بإمكان الأقارب الذكور إيجاد سبل لسلب هذه الحريات، بحسب ما ذكره تقرير لوكالة رويترز.

عربي بوست
تم النشر: 2019/08/05 الساعة 18:51 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/08/06 الساعة 08:24 بتوقيت غرينتش
العرف وقوانين أخرى ما تزال تحاصر النساء بالسعودية - رويترز

أشاد مسؤولون سعوديون بالحقوق الجديدة الممنوحة للنساء في المملكة، والتي تعزز إنهاء نظام الولاية، الذي يتعرَّض لانتقادات شديدة، ووصفوها بأنها "تاريخية"، لكن ما زال بإمكان الأقارب الذكور إيجاد سبل لسلب هذه الحريات، بحسب ما ذكره تقرير لوكالة رويترز.

ولجأت آلاف السعوديات إلى مواقع التواصل الاجتماعي للاحتفال بالمراسيم الملكية التي صدرت يوم الجمعة الفائت، ومنحت المرأة فوق سن 21 عاماً حرية السفر من دون إذن، بحلول نهاية شهر أغسطس/آب الجاري. 

كما تمنح التعديلات النساء للمرة الأولى حق تسجيل المواليد، والزواج، والطلاق، وإصدار وثائق رسمية خاصة بالأسرة، بالإضافة لحق الوصاية على الأطفال القُصر.

ومع ذلك، يقول خبراء إن الأقارب الذكور "لا يزال بإمكانهم منع النساء من تحدي رغباتهم عبر الوسائل القانونية، أو السبل غير الرسمية في المملكة المحافظة، التي تحتاج إلى بعض الوقت لتغيير وجهات النظر المرتبطة بالمرأة والعادات الاجتماعية" .

قوانين لصالح الرجل

وقالت هالة الدوسري، وهي خبيرة في شؤون حقوق المرأة السعودية ومقيمة في الولايات المتحدة: "نحتاج إلى تطبيق هذه القوانين وإنشاء آليات للإبلاغ، عندما لا يتم الالتزام بهذه السياسات، فضلاً عن منظمات المراقبة" .

وأضافت أن أولياء الأمور ما زال بإمكانهم رفع قضايا "النشوز، والتغيّب عن المنزل على النساء"، لاسيما أن الحكومة تقر بأن عصيان الأبناء جريمة.

وأشارت الدوسري إلى أن القضيتين اللتين يُعاقب عليهما بالسجن والجلد "تمثلان سيطرة الرجال القانونية الأوسع على استقلالية المرأة وثمة حاجة لتفكيكها" .

من جانبها، قالت تمارا ويتيس، الباحثة في معهد بروكنجز، إن من المهم بشكل خاص معرفة كيفية تعامل المحاكم السعودية مع طعون أولياء الأمور.

وقالت وكالة رويترز، إنه لطالما تعرَّضت الرياض لانتقادات دولية بسبب نظام الولاية، الذي يجعل كل امرأة في حاجة لموافقة أحد الأقارب الذكور، الأب أو الأخ أو الزوج أو الابن، على العديد من القرارات المهمة طوال حياتها.

وفي ظل عدم وجود نظام قانوني مدوّن يتماشى مع نصوص الشريعة الإسلامية، دأبت الشرطة والقضاء على الاستشهاد بالعادات الاجتماعية في فرض القيود على النساء.

وما زالت بعض أوجه نظام الولاية قائمة، بما في ذلك اشتراط إذن الزواج الذي يمثل ضرورة قانونية في العديد من دول الخليج العربية، الأمر الذي لا يزال يثير الشكوك لدى بعض النساء السعوديات. 

وقالت بدور، وهي مقيمة في الرياض طلبت عدم الإفصاح عن اسمها كاملاً، لرويترز: "سوف تمنعنا ثقافتنا وتنشئتنا من السفر دون موافقة ولي الأمر حتى لو كان ذلك حقنا" .

وكانت بدور تقود سيارتها برفقة أمها حول العاصمة، بعد رفع الحظر عن قيادة النساء للسيارات، العام الماضي.

القمع والإصلاح

وأشاد مبعوثا الرياض إلى الولايات المتحدة وبريطانيا بالمراسيم الملكية، باعتبارها مؤشراً على إرادة من المملكة للإصلاح، في وقت تتابع فيه الأنظار سجل المملكة في مجال حقوق الإنسان، بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي، العام الماضي، على يد عناصر سعودية، وهو ما أثار انتقادات دولية حادة، وأضرَّ بعلاقات البلاد مع حلفائها الغربيين.

وكتبت الأميرة ريما بنت بندر، سفيرة السعودية لدى واشنطن على تويتر عن الخطوات الجديدة، تقول إنها "تصنع التاريخ" .

وقال الأمير خالد بن بندر، في بيانٍ أصدرته سفارة السعودية في لندن: "قد يبدو ذلك كخطوة صغيرة، لكنها أيضاً تشكل تحولاً كبيراً للسعوديات" .

وتلقَى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إشادةً من الخارج والداخل، بعد أن تولَّى المنصب في 2017 على قراراته التي خفَّف بها من القيود الاجتماعية، ودفع بها اقتصاد البلاد نحو مزيد من الانفتاح.

وشملت تلك القرارات تقليص صلاحيات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والسماح بإقامة حفلات موسيقية عامة ودور سينما، وتخفيف قيود مفروضة على الاختلاط بين الجنسين.

لكن صورته تضرَّرت بمقتل خاشقجي واحتجاز نحو 12 ناشطة، وما تردد عن تعرُّضهن للتعذيب العام الماضي، قبل وبعد رفع الحظر عن قيادة النساء للسيارات. كما احتجز العشرات من رجال الدين في إطار حملة على المعارضة.

إصلاحات متأخرة

وقالت هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية، إن الإصلاحات التي تأخرت كثيراً "شكَّلت نصراً حلواً بمذاق مرّ مع استمرار احتجاز نساء تزعّمن المطالبة بها ومواجهة بعضهن محاكمات غير عادلة". وينفي مسؤولون سعوديون تلك المزاعم بما في ذلك تعذيب محتجزات.

ولم تعلن الكثير من الاتهامات الموجهة للناشطات المحتجزات، لكن بعض الاتهامات الموجهة لهنّ هي التواصل مع أجانب من صحفيين ودبلوماسيين وجماعات حقوق إنسان.

وقالت مضاوي الرشيد، وهي أستاذة زائرة في مركز الشرق الأوسط بكلية لندن للاقتصاد: "القمع والإصلاح يسيران جنباً إلى جنب في السعودية. الناشطات يشكلن تهديداً كبيراً لحكمه (الأمير)… يتحدثن لغة الحقوق" .

وأضافت: "يريد ولي العهد أن يستأثر بكل الفضل (…) يقدم تلك الإصلاحات كهبة للسعوديين وليست كحقوق"، مشيرة إلى أن السلطات تحتاج أن تضمن أن تلك القواعد التنظيمية الجديدة لن يتم التراجع عنها أو إهمال تطبيقها فيما بعد.

وعلى خلاف التغطية الإعلامية الواسعة التي حظي بها رفع الحظر المفروض على قيادة النساء للسيارات، فلم يبث التلفزيون ولا وكالة الأنباء الرسمية المراسيم التي صدرت يوم الجمعة، ولم تنشر إلا في الجريدة الرسمية.

وقالت هدى الحليسي، وهي عضو في مجلس الشورى السعودي، إن من المرجح أن تلاقي التعديلات مقاومة من البعض، لكنها أضافت: "مثل كل التغييرات والإصلاحات التي حدثت في المملكة سيصير ذلك أيضاً أمراً واقعاً" .

علامات:
تحميل المزيد