كشف خطاب كتبه زعيم تنظيم القاعدة السابق، أسامة بن لادن، إلى ابنه الفقيد، حمزة بن لادن، كيف كان أسامة يعد ابنه ليكون وريثه المحتمل في قيادة التنظيم المُصنف على لوائح الإرهاب.
ودرس محللون في الاستخبارات الأمريكية مجموعة من المواد حصلت عليها في غارة 2011 على مجمّع أسامة بن لادن في مدينة أبوت آباد، باكستان، حيث قُتل بن لادن على يد قوات البحرية الأمريكية.
واكتشف المحللون العديد من الخطابات أرسلها بن لادن إلى ابنه حمزة وقادة آخرين في تنظيم القاعدة، ورُفعت لاحقاً درجة السرية عن بعض الخطابات من قبل وكالات أمريكية وسُمح بنشرها، بحسب ما ذكره موقع Business Insider الأمريكي، الجمعة 2 أغسطس/آب 2019.
الذهاب إلى باكستان
وفي واحد من تلك الخطابات، طلب بن لادن من ابنه "مغادرة المنطقة بأسرع ما يمكن" والذهاب إلى كراتشي، باكستان، حيث سيحصل على وثائق الهوية التي سوف "تساعده على طول الطريق".
وكتب أسامة بن لادن: "سوف يقابلك شخص ما، وسيكون من الأفضل إذا تمكنت من المغادرة في يوم غائم وفي سيارة غير معروفة. أهم شيء هو الالتزام بالجوانب الأمنية، وترك أي التزامات حالية والذهاب بأسرع ما يمكن".
وأضاف بن لادن في الخطاب: "والدك أسعده خطابك، ويسأل الله أن ينفع بك، ويأمل أن يلتقيك، لتأخذ بعضاً من خبراته بالطرق السهلة والصعبة". وقال أيضاً إنه "جهّز الكثير من الأعمال" لحمزة.
ولم تكن كتابة تلك المراسلات حصراً على أسامة بن لادن، ففي خطاب آخر يرجع إلى عام 2009، كتب حمزة، البالغ من العمر 22 عاماً وقتها، إلى أبيه يخبره إنه يفتقده "كثيراً" ويأمل في لم شملهم "عاجلاً ليس آجلاً".
وكتب حمزة: "ثماني سنوات مرت، ولا تزال عيوني تذكر آخر مرة رأيتك فيها"، مشيراً إلى مغادرة أسامة بن لادن عندما كان حمزة بعمر الـ13. وأضاف "والدي الحبيب، أعلن لك إنني وجميع إخوتي نتبع نفس المسار، مسار الجهاد".
علاقة قوية بين حمزة ووالده
وأفادت أنباء عن مقتل حمزة خلال عملية غير معروفة في وقت ما خلال العامين الماضيين، وفقاً لتصريحات مسؤولين أمريكيين تحدثوا لصحيفة The New York Times.
وتظل تفاصيل وفاته غير معروفة، حيث اعترض الرئيس دونالد ترامب على أسئلة المراسلين التي تناولت هذا الشأن يوم أمس الخميس، 1 أغسطس/آب 2019.
وكان حمزة، الذي يُعتقد أن عمره 30 عاماً، بجانب والده في أفغانستان قبل هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 على الولايات المتحدة، وأمضى وقتاً معه في باكستان بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة لأفغانستان، والذي دفع كثيرين من كبار قيادات القاعدة للذهاب إلى هناك، طبقاً لما ذكره معهد بروكينجز.
ويقول محللون إن حمزة، الذي قدمه زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري في رسالة صوتية في عام 2015، يمثل صوت الشباب في التنظيم الذي يكافح قادته كبار السن لاستقطاب متشددين من أنحاء العالم وقعوا تحت تأثير تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
وفي عام 2017 صنفت وزارة الخارجية الأمريكية حمزة إرهابياً عالمياً بعد أن دعا إلى القيام بأعمال إرهاب في عواصم غربية وهدد بالانتقام من الولايات المتحدة لقتل والده. وقالت إنه هدد أيضاً باستهداف أمريكيين في الخارج، كما حث القبائل السعودية على الاتحاد مع تنظيم القاعدة في جزيرة العرب للقتال ضد السعودية.
وفي مارس/آذار الماضي، أعلنت السعودية أنها جردت حمزة من الجنسية، قائلة إن القرار اتخذ بناء على أمر ملكي صدر في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، بحسب ما ذكرته وكالة رويترز.
وأجرى عدد من أعضاء عائلة أسامة بن لادن مجموعة من المقابلات هاجموا خلالها القائد السابق لزعيم تنظيم القاعدة، وزعموا عدم علمهم في البداية باهتمام حمزة بشئون المنظمة.
مكانة كبيرة لحمزة داخل التنظيم
وفي تصريح لصحيفة The Guardian، قال حسن، خال حمزة: "اعتقدنا أن الجميع تجاوز ذلك. ولكني تذكرت بعد ذلك إن حمزة كان يقول سأنتقم لأبي".
ووفقاً لدراسة نشرها مركز مكافحة الإرهاب بالأكاديمية العسكرية الأمريكية عام 2017، كان حمزة الابن المفضل لأسامة بن لادن وكان يجهزه لقيادة التنظيم.
وكتب علي صوفان، مؤلف الدراسة والعميل الخاص السابق بمكتب التحقيقات الفيدرالي: "صحيح إن حمزة لم يقاتل قط في الصفوف الأمامية، وهو الأمر الذي يدركه كما هو واضح من خطاباته لوالده بشكل مؤلم. حيث يختلف في ذلك عن بن لادن الأكبر، الذي بُنيت أسطورته القتالية على مآثره ضد السوفييت في أفغانستان في ثمانينيات القرن الماضي".
وأضاف صوفان: "ولكن ذلك لا يعني إنه ضعيف كما قد يعتقد البعض. في النهاية، حمزة هو الابن المفضل لأشهر جهادي في التاريخ. وفي ثقافة تنحدر فيها القيادة عادة من خلال سلاسة الدم، يتفوق النسب على الخبرة والتجربة".