قال الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الإثنين 1 يوليو/تموز 2019، إن إيران "تلعب بالنار" بعد إعلانها تخطي سقف مخزون اليورانيوم منخفض التخصيب المتفق عليه بموجب الاتفاق النووي.
وجاء ذلك في أول تعليق للرئيس الأمريكي عقب تأكد الوكالة الدولية للطاقة الذرية من تخطي طهران للحد المسموح به من تخصيب اليورانيوم.
وفي تصريحات للصحفيين في البيت الأبيض أثناء توقيع مشروع قانون يتعلق بإصلاح منظومة الضرائب؛ ورداً على سؤال حول ما إذا كانت لديه رسالة لإيران، قال ترامب إنه لا يمكن أن يعلن أي شيء جديد، إلا أن السلطات الإيرانية تعرف ما الذي تفعله فهي "تلعب بالنار".
وفي السياق نفسه، قال البيت الأبيض إن ترامب بحث هاتفياً مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون تجاوز إيران مخزونها من اليورانيوم منخفض التخصيب، بحسب ما ذكرته وكالة الأناضول.
عواقب محتملة
ويمثل إعلان طهران أول تحرك كبير لانتهاك شروط الاتفاق منذ انسحبت منه الولايات المتحدة قبل أكثر من عام، لكن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف قال إن التحرك ليس انتهاكاً للاتفاق، مجادلاً بأن إيران تمارس حقها في الرد على الانسحاب الأمريكي.
وقد يكون لهذه الخطوة عواقب بعيدة المدى على المستوى الدبلوماسي، في وقت تحاول فيه الدول الأوروبية تجنب نشوب حرب بين الولايات المتحدة وإيران، وذلك بعد أقل من أسبوعين من تراجع واشنطن عن توجيه ضربات جوية لطهران في اللحظة الأخيرة، بعد إسقاط إيران طائرة مسيّرة أمريكية، وفقاً لوكالة رويترز.
وقال البيت الأبيض في وقت سابق، إنه سيواصل تطبيق سياسة "الضغوط القصوى على النظام الإيراني إلى أن يغير زعماؤه نهجهم". وأضاف أنه يجب إلزام إيران بمبدأ عدم تخصيب اليورانيوم.
لكن داريل كيمبال، المدير التنفيذي لرابطة الحد من التسلح في واشنطن، قال إنه لا توجد معايير دولية تمنع إيران من تخصيب اليورانيوم. وقال أيضاً: "ليس هذا هو الحال. هذا موقف أمريكي".
وفي وقت سابق من أمس الإثنين، قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إنّ مفتشيها تأكدوا من تخطي طهران سقف مخزون اليورانيوم المخصب بنسبة 3.67%، والمحدد بـ300 كغم.
وقال المتحدث باسم منظمة الطاقة النووية الإيرانية، بهروز كمالوندي، منتصف يونيو/حزيران الماضي، إنّ بلاده ستزيد مخزونها من اليورانيوم المخصب، في حال لم تتخذ الدول الأوروبية خطوات ملموسة للحفاظ على الاتفاق.
"حرب اقتصادية"
وكانت إيران قد أعلنت في مايو/أيار الماضي، أنها ستسرع وتيرة إنتاج اليورانيوم المخصب رداً على تشديد إدارة ترامب العقوبات عليها في ذلك الشهر.
وطلبت واشنطن من جميع الدول وقف شراء النفط الإيراني وإلا واجهت عقوبات، وهو ما تصفه طهران بأنه "حرب اقتصادية" تستهدف تجويع شعبها.
واتخذت المواجهة بعداً عسكرياً في الشهرين اللذين أعقبا تشديد الولايات المتحدة العقوبات بعد تحميل واشنطن طهران مسؤولية هجمات على سفن وإسقاط إيران طائرة أمريكية مسيرة. وأمر ترامب بضربات جوية انتقاماً قبل أن يتراجع عنها.
ويفرض الاتفاق النووي قيوداً على كل من حجم اليورانيوم الذي يمكن لإيران امتلاكه ودرجة نقاء تلك المخزونات، وهي قيود تستهدف إطالة المدة التي تحتاجها إيران لصنع قنبلة نووية إذا سعت لذلك.
وقال ظريف إن خطوة إيران التالية ستكون التخصيب فوق مستوى 3.6٪، وهي عتبة سبق أن قالت إيران إنها ستتجاوزها في السابع من يوليو/تموز 2019.
وتخصيب اليورانيوم إلى مستوى منخفض نسبته 3.6٪ هو أول خطوة في عملية ربما تستخدم لإنتاج يورانيوم أعلى تخصيباً يمكن استخدامه لإنتاج سلاح نووي.
مباحثات فاشلة
وتمثل تحركات إيران حتى الآن اختباراً محسوباً على ما يبدو لآليات تطبيق الاتفاق والرد الدبلوماسي.
وقالت ويندي شيرمان، كبيرة مفاوضي أوباما بشأن الاتفاق والتي تعمل حالياً مديرة مركز القيادة العامة بكلية كينيدي بجامعة هارفارد: "هذه خطوة اتخذها الإيرانيون ويمكن العدول عنها. يمكن لإيران مع الشركاء المتبقين تحديد كيف سيمضون قدماً".
وأضافت أن هذا في حد ذاته لا يمكن أن يخفض الفترة اللازمة لصنع سلاح نووي وهو أمر جوهري.
وعقد المسؤولون الأوروبيون محادثات في اللحظة الأخيرة مع مبعوثين إيرانيين الأسبوع الماضي على أمل إقناعهم بألا يتجاوزوا تلك الحدود. وفشلت تلك المحادثات، إذ قالت إيران إن الجهود الأوروبية لحمايتها من أثر العقوبات الأمريكية غير كافية.
ويقول الأوروبيون إنهم يستهدفون مساعدة إيران على دعم اقتصادها. لكن تلك الجهود فشلت حتى الآن في ظل تجنب مشتري النفط إيران وإلغاء جميع الشركات الأجنبية الكبرى خططاً للاستثمار فيها خشية مخالفة القواعد الأمريكية.
وتطالب الولايات المتحدة الدول الأوروبية بضمان التزام إيران بالاتفاق الذي رفضته واشنطن نفسها.
ويقول ترامب إن الاتفاق ضعيف أكثر مما ينبغي، لأن بعض شروطه غير دائمة، ولأنه لا يغطي القضايا غير النووية، مثل برنامج إيران الصاروخي وسلوكها في المنطقة.
كما تقول واشنطن إن العقوبات تستهدف إعادة طهران إلى مائدة التفاوض. أما إيران فتقول إنه لا يمكنها الدخول في محادثات ما دامت واشنطن تتجاهل الاتفاق الذي وقعته بالفعل.